يبدو أن تراجع سعر صرف العملة التركية إلى أكثر من 31 ليرة للدولار وزيادة نسبة التضخم لنحو 65% سيغيّران من خطة الحكومة التركية التي أعلنتها، بشأن زيادة الحد الأدنى للأجور مطلع العام الجاري لمرة واحدة، حيث سبق لوزير العمل وداد إيشيق هان، أن قال: "لن نعقد اجتماعاً ثانياً في يوليو/ تموز، ولا نعتقد أن هناك حاجة إلى زيادة ثانية".
وتوقع الاقتصادي التركي، أوزجان أويصال، أن تعيد الحكومة النظر بقرارها الذي أعلنه وزير العمل، وتصدر زيادة ثانية على الحد الأدنى للأجور منتصف العام، لأن تراجع الليرة وزيادة التضخم وغلاء الأسعار، أكلت الزيادة التي أعلنتها الحكومة مطلع العام بنسبة 49%.
ويكشف الاقتصادي التركي لـ"العربي الجديد" أن الزيادة الثانية بدأ تداولها بأوساط قطاع الأعمال وأصحاب المنشآت، ولم تلقَ "وفق معلوماتي" أي معارضة، بل على العكس، رشح عن جمعية الصناعيين ورجال الأعمال "توسياد" ترحيبها بزيادة للحد الأدنى للأجور منتصف 2024، متوقعاً أن يبدأ نقاش الزيادة بين ممثلي العمال وأرباب العمل وأطراف حكومية خلال الفترة المقبلة.
ويشير أويصال إلى أن زيادة الحد الأدنى للأجور بتركيا، كانت لمرة واحدة، عدا استثناء العامين الماضيين اللذين شهدا تراجعاً كبيراً لليرة ووصول التضخم إلى 85%، ما دفع الحكومة وأرباب العمل إلى زيادة ثانية في تموز/ يوليو، قالوا حينها إنها إضافية، وأعلنوا أنها لمرة واحدة، لكن مع عدم نجاعة الخطة الاقتصادية حتى الآن، بتحسين سعر الصرف وتراجع التضخم، الأرجح أن تلزم المعنيين، حكومة وقطاع أعمال، لإعادة النظر بالقرار وزيادة ثانية للأجور.
التضخم بمستويات مرتفعة
ورفعت تركيا في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد اتفاق أطراف اللجنة، ممثلي العمال واتحاد العمال والحكومة التركية بحضور الرئيس رجب طيب أردوغان، الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص بنسبة 49% من 11402 ليرة إلى 17,002 ليرة، شاملة ما نسبته 38 في المائة من 16 مليوناً و687 ألف موظف، أي إن ما يقرب من 6 ملايين و300 ألف يتقاضون الحد الأدنى للأجور في تركيا. كذلك رفعت الحكومة التركية الحد الأدنى بنسبة 49.25% على رواتب وأجور موظفي القطاع العام ومتقاعدي الدولة.
وتكشف مصادر من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم لـ"العربي الجديد" أن تصريح وزير العمل، بعد زيادة مطلع العام، كان بناءً على الآمال بتخفيض نسبة التضخم وتحسّن سعر صرف الليرة، ولكن بما أن الأسعار ترتفع والليرة تراجعت، فعلى الأرجح أن تُبحَث زيادة الحد الأدنى للأجور، مرة ثانية هذا العام، لأن "الأجور وكفاية العمال قضية وطنية وتهمّ الجميع".
وتضيف المصادر الخاصة أنّ من المفترض تقييم الأجور بناءً على التضخم والأسعار أربع مرات كل عام "بشكل ربع سنوي"، كما يُعاد النظر بالضرائب والنفقات لكل أسرة، لأن ضمن سياسة حزب العدالة والتنمية منذ عشرين عاماً، ترافق الشق الاجتماعي وتحسين مستوى المعيشة مع الشق الاقتصادي وتطلعات تركيا إلى النمو وبلوغ مصافّ الدول المتقدمة، وهذا ما تجلى بالفعل حين أعلنت الدولة تحمّلها نحو 700 ليرة من كل أجر خلال الزيادة مطلع العام.
ويرتفع الحد الأدنى للأجور بتركيا بحسب نسبة التضخم، إذ لم يزد مطلع عام 2022 على 4,253 ليرة تركية، وارتفع إلى 5,500 ليرة في منتصف العام، وإلى 8,506 ليرات في بداية عام 2023، وإلى 11,402 ليرة في يوليو قبل الرفع مطلع العام الجاري إلى 17002 ليرة.
ويبقى الحد الأدنى للأجور، رغم رفعه المتكرر، دون الحد الأدنى للفقر الذي حدده الاتحاد التركي لنقابات العمال "Türk-İş" بنحو مبلغ 45 ألفاً و686 ليرة تركية وحد الجوع بمبلغ 14 ألفاً و25 ليرة تركية، بعد أن أشار إلى ارتفاع تكلفة المعيشة الشهرية للموظف الأعزب إلى 18 ألفاً و239 ليرة تركية جراء ارتفاع الأسعار بأكثر من 100% خلال عام.