تراجع مؤشر التضخم المفضل لدى مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لأدنى مستوياته في أكثر من عام، تزامناً مع تراجع الإنفاق الاستهلاكي، ليمهد الطريق لصانعي السياسة النقدية لتخفيف وتيرة رفع معدلات الفائدة اعتباراً من اجتماعهم المرتقب يوم الأربعاء المقبل.
وكشفت بيانات وزارة التجارة الأميركية، المنشورة اليوم الجمعة في واشنطن، عن ارتفاع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي، الذي يستثني أسعار الطعام والغذاء شديدة التقلب، خلال آخر شهور العام الماضي بمعدل 4.4% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، في أقل معدل ارتفاع منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
وكان المؤشر قد ارتفع بمعدل 4.7% خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وارتفع المعدل الأشمل للإنفاق الاستهلاكي بنسبة 5%، ليبقى أعلى من معدل 2% المستهدف من البنك المركزي الأكبر في العالم، إلا أن البيانات زادت من تفاؤل المستثمرين، حيث ثَبَتَ الإنفاق على الخدمات خلال الشهر المنتهي مقارنة بالشهر السابق، للمرة الأولى منذ يناير/ كانون الثاني 2022.
وتقول وكالة بلومبيرغ إنّ تراجع الإنفاق كما أظهرته البيانات الأميركية اليوم، يشير إلى فقدان الزخم الذي ميز أغلب فترات العام المنتهي، نتيجة لارتفاع معدلات الفائدة وارتفاع الأسعار.
وأمس الخميس، قالت وزارة التجارة الأميركية إنّ الناتج المحلي الإجمالي الأميركي ارتفع بوتيرة أقوى من المتوقع، بنسبة 2.9%، خلال الربع الرابع من العام الماضي، لكن مقاييس الطلب الأساسي مثل الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري كانت ضعيفة نسبيًا.
وتتماشى البيانات الصادرة مع توقعات الاقتصاديين، الذين رجحوا استمرار ارتفاع الأسعار، وإن بدرجة أبطأ من المستوى الذي ظهر مع انفلاتها منتصف 2022، في وتيرة لم تحدث منذ 40 عامًا في الولايات المتحدة.
وتزيد البيانات الصادرة الضغوط على البنك الفيدرالي لرفع 0.25% فقط، مقارنة بـ0.5% كانت متوقعة قبل نهاية العام الماضي، خلال أول اجتماعاته هذا العام، الذي يعقد يوم الأربعاء القادم، أملاً في تحقيق الهبوط الآمن، الذي يسمح بالخروج من أسر التضخم المرتفع، دون الوقوع في مصيدة الركود.
واعتبر روبرت فريك، الاقتصادي لدى اتحاد المقرضين الفيدرالي للعاملين بالبحرية، أن الانخفاض الإجمالي في الإنفاق الاستهلاكي لم يكن كبيرًا، وأشار في لقاء مع قناة سي إن بي سي الإخبارية، إلى ارتفاع الدخول وتراجع التضخم، مؤكدًا أنه "مع استمرار التضخم في الانخفاض بمعدل ثابت يجب أن يبدأ الأميركيون بالشعور ببعض الراحة المالية هذا العام".
ورسميًا يؤكد البنك الفيدرالي أنه يراقب المؤشرات بدقة، وقال المسؤولون في أكثر من مناسبة إن نفقات الاستهلاك الشخصي تعتبر مؤشرًا طويل الأجل حول اتجاهات التضخم، لأنها تستبعد السلع ذات التقلبات الكبيرة.
وفي محاولة لكبح جماح معدل التضخم الذي اقترب من 10% العام الماضي، قام البنك الفيدرالي برفع معدل الفائدة الأساسي مما يقرب من الصفر في مارس/آذار إلى نطاق 4.25%-4.50%، ومهد، في آخر اجتماعات العام الماضي، إلى إمكانية استقراره لبعض الوقت فوق 5%.