استمع إلى الملخص
- الخبير العقاري روبن هاكوبيين يقترح تطبيق لوائح بناء جديدة تتضمن بناء السدود وحظر البناء قرب الأنهار للتقليل من الأضرار المستقبلية والتكيف مع التغيرات المناخية.
- شركات التأمين تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب الظواهر الجوية المتطرفة، مع توقعات بارتفاع تكاليف الأقساط. الحكومة وشركات التأمين تعمل على تطوير استراتيجيات للتكيف والوقاية من التغيرات المناخية.
تعرضت ألمانيا أخيراً إلى موجات من التغير المناخي الذي انعكس في العواصف والفيضانات والأمطار الغزيرة التي ضربت عدة ولايات، من بينها بافاريا وبادن فورتمبيرغ وشمال الراين فستفاليا، مخلفة خسائر مالية كبيرة في الممتلكات، ما زاد الضغوط على شركات التأمين في البلاد.
وأعرب الخبير والمطور العقاري روبن هاكوبيين، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأنه قد يكون من المجدي فرض لوائح ومواصفات تكييف البناء مع العوامل المستجدة للتغيرات المناخية في ألمانيا، مع بذل المزيد من الجهود للوقاية المسبقة، ومن الممكن أيضاً أن يفيد بناء السدود مثلاً، وغيرها من الأنظمة التي تحمي ولو جزئياً من كوارث الفيضانات والمخاطر المماثلة، وكذلك حظر السماح بالبناء على ضفاف الأنهار.
وتفيد التقارير بأن الكوارث الطبيعية في ألمانيا أدت إلى سقوط عدد من الضحايا وإصابة العديد بجروح خطيرة، بالإضافة إلى جعل العديد من المنازل غير صالحة للسكن، وتعريض السيارات والمناطق الزراعية لأضرار بعد غمرها بالمياه.
تعويضات التغير المناخي
وبسبب هذه الكوارث، يتساءل الكثيرون عن كيفية تعويض شركات التأمين للخسائر، والأهم من ذلك كيفية تقدير التكاليف بعد خسارة العديد من الأصول نسبة تتراوح بين خمس وربع قيمتها، ويتوقع أن تبقى هذه الخسائر حتى بعد مرور خمس سنوات من الكارثة بنسبة 10%، وأن تتلاشى الفوارق تماماً بعد عشر سنوات.
وأكد أستاذ التمويل العقاري في جامعة ريغنسبورغ، شتيفان سيباستيان، في مقابلة مع شبكة "إن تي في" الإخبارية، أن العقارات المتضررة قد تكون غير قابلة للبيع مباشرة بعد الفيضانات، وأنها قد تفقد نسبة كبيرة من قيمتها. ومن الواضح أن التأمين على المخاطر الطبيعية مثل الزلازل والانهيارات الأرضية يشكل جزءاً مهماً من تأمين الممتلكات السكنية أو المحتويات. تبرز البيانات الرسمية أن مناطق جنوب ألمانيا معرضة خصوصاً لخطر تغير المناخ بسبب قربها من الجبال.
وأفادت صحيفة "راينشه بوست" بأن ولايتي بافاريا وبادن فورتمبيرغ هما الأكثر تضررًا حاليًا من الفيضانات، واستنفدتا كلياً الأموال الفيدرالية المخصصة لهما في عام 2023، حيث تم تخصيص حوالي 23 مليون يورو لبافاريا و17 مليون يورو لولاية بادن فورتمبيرغ. ولأن التعويضات من الدولة لا تغطي الجميع بشكل كامل، زاد الطلب على التأمينات الخاصة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الأقساط بنسبة تقدر بحوالي 30% تقريباً.
مع توقعات هيئة الأرصاد الجوية الألمانية بأن يكون الطقس أكثر تقلباً في المستقبل، وزيادة عدد العواصف والأمطار وموجات الحر، يرى الوسطاء أن التأمين ضد الكوارث الطبيعية هو السبيل الوحيد لضمان توفير المساعدة المالية بشكل غير بيروقراطي وفعال في حالات الطوارئ. ومن المتوقع أن تفرض الكوارث الطبيعية ضغوطاً متزايدة على شركات التأمين في السنوات العشر القادمة بسبب التحولات المناخية القاسية، مما يتطلب اتخاذ تدابير مناسبة للتكيف.
وحول ذلك، أظهرت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ أن الظواهر الجوية المتطرفة وصلت أخيراً إلى أرقام قياسية سلبية جديدة، وأن خبراء من شركة إعادة التأمين "سويس ري" أبرزوا أنه كان هناك 142 عاصفة في جميع أنحاء العالم في عام 2023، بما في ذلك ثلوج وانهيارات أرضية وفيضانات. وقال كبير الاقتصاديين في الشركة المذكورة، جيروم جان هاغيلي، إن النتيجة مليارات الدولارات من الخسائر المؤمّن عليها. وما يقلق شركات التأمين حاليًا هو أن الأضرار الناجمة عن العواصف في عام 2023 كلفت أكثر من 100 مليار دولار للعام الرابع توالياً.
منذ عام 1994 زادت الخسائر بمعدل ضعفي سرعة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وهذا التطور المثير يبيّن أن الأضرار، بعد تعديلها وفقاً للتضخم، زادت 5.9% سنوياً، في حين أن الناتج المحلي العالمي لم ينم إلا بنسبة 2.7%. أوضحت القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي أف" أخيراً، أن شركات التأمين تطالب الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات بالوقاية من التأثيرات المناخية، لمنع الارتفاع الحاد في أقساط التأمين، وباتخاذ حزمة من التدابير تتآلف مع الوقاية والتكييف مع الظواهر المناخية. ويشمل ذلك، من بين أمور أخرى، فرض تجميد البناء في مناطق الفيضانات.