استمع إلى الملخص
- طرحت غرفة قطر مبادرة لتعزيز التكامل الاقتصادي ودعم المشاريع المشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص، مستهدفة استغلال المناطق الاقتصادية وتسريع تبادل السلع وتشجيع الاستثمارات في القطاع الصناعي.
- يشير الخبراء إلى أهمية الشراكات الاستراتيجية بين دول الخليج، مثل مشروع مصفاة الدقم، مع التركيز على مشاريع الأمن الدوائي والغذائي والهيدروجين الأخضر، وتوحيد المواصفات القياسية لتجنب التكرار.
تتجه الرؤية في دول الخليج إلى تكتيل طاقاتها الصناعية الفردية في قطاع صناعي موحد، بما يساهم في إعطاء دفعة أكبر لتطور هذا القطاع بشكل جماعي لجميع دول مجلس التعاون. ويمثل تطبيق المادة الثامنة من الاتفاقية الاقتصادية لدول مجلس التعاون لعام 2001 أهداف العمل الخليجي المشترك في مجال التنمية الصناعية، ومن المقرر أن تكون بوابة نجاح دول الخليج في توسيع قطاع الصناعة وتوحيده، وجعله يصمد أمام التحديات الاقتصادية المختلفة التي تواجه العالم، حسب ما أورد موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون.
وتنص هذه المادة على تبني الدول الأعضاء بالمجلس السياسات اللازمة لزيادة مساهمة قطاع الصناعة في الاقتصاد وتنسيق النشاط الصناعي بينها على أساس تكاملي، بما في ذلك تنفيذ "الاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية لدول المجلس"، على أن تقوم الدول الأعضاء بتوحيد التشريعات والأنظمة الصناعية فيما بينها، بما في ذلك نظم تشجيع الصناعة ومكافحة الإغراق والإجراءات الاحترازية. لكن تحقيق هذا الهدف يواجه تحديات قد لا تجعل من تحقيقه قريبا أمرا واقعيا، بحسب إفادة خبيرين "العربي الجديد"، اللذين أشارا إلى أن الأكثر جدوى لدول المجلس يتمثل حاليا في تعظيم التكامل الصناعي فيما بينها والوصول به إلى مستويات استراتيجية، خاصة في أربعة مجالات وهي، الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الخضراء والأمن الغذائي والأمن الدوائي.
وطرحت غرفة قطر في مايو/أيار الماضي مبادرة للتكامل الاقتصادي والتنمية الصناعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تهدف إلى تعظيم الاستفادة من الصورة الذهنية الإيجابية للمنتجات الخليجية، ودعم المشاريع المشتركة بين القطاع الخاص الخليجي، أو بين القطاعين الحكومي والخاص، إضافة إلى استغلال المناطق الاقتصادية في دول المجلس، والبالغة 60 منطقة.
وقال رئيس الغرفة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، خلال اللقاء التشاوري بين وزراء التجارة والصناعة ورؤساء اتحادات وغرف دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد بالدوحة، إن مبادرة صنع في الخليج ستسهم في تحقيق التوجهات الخليجية للوصول إلى المواطنة الاقتصادية، وتسريع عملية تبادل السلع في المنافذ الجمركية للمنتجات الخليجية، وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع الصناعي، ورفع كفاءة المناطق الاقتصادية الخاصة بدول المجلس. كما عقد المكتب التنفيذي لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك) في سبتمبر/أيلول الماضي اجتماعاً في الدوحة، بحث خلاله استراتيجية التعاون الصناعي الموحد لدول المجلس .
طموح خليجي مشروع
وفي هذا الإطار، يذكر الخبير الاقتصادي خلفان الطوقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "توحيد الصناعات الخليجية لا يمثل طرحاً واقعياً في الوقت الراهن، رغم كونه طموحاً مشروعاً"، و"يقترح بديلاً عملياً يتمثل في التكامل على مستوى الجهود والإجراءات والقوانين والتشريعات والتسعيرات، بحيث يركز على التبادل التجاري أكثر من التوحيد الصناعي". ويلفت الطوقي، في هذا الصدد، إلى "وجود تجارب ناجحة في مجال التكامل، مؤكداً أن التوحيد الصناعي سيظل طموحاً غير قابل للتحقيق في السنوات القليلة القادمة".
ويسلط الخبير الاقتصادي الضوء على "أهمية الشراكات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون"، مستشهداً بـ"مشروع مصفاة الدقم المشترك بين سلطنة عُمان ودولة الكويت"، كما يقترح "التركيز على مشاريع استراتيجية في مجالات الأمن الدوائي والغذائي والهيدروجين الأخضر، من خلال تمويل من دولة خليجية واستثمار في دولة خليجية أخرى".ويستشهد الطوقي أيضا بـ"نموذج التعاون العقاري القائم بين عُمان والإمارات، متمثلاً في الشراكة بين شركات الفطيم وشركة عمران العمانية مثالاً على التكامل الاقتصادي الناجح"، مؤكدا أن "مثل هذه الشراكات العملية تمثل نموذجاً واقعياً للتعاون، بدلاً من السعي نحو توحيد الصناعات الذي يراه هدفاً صعب المنال في الوقت الحالي".
توحيد المواصفات الصناعية في دول الخليج
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى "وجود إمكانية لتوحيد الجهود الصناعية بين الدول الخليجية"، موضحا أن "هناك توجها نحو توحيد المواصفات القياسية للصناعات الخليجية؛ للتغلب على ظاهرة التكرار أو التنافس بين الصناعات المتشابهة في هذه الدول. ونتيجة لذلك، يمكن لكل دولة خليجية أن تتخصص في نوع معين من الصناعات وتستثمر فيها بشكل أكبر"، موضحا أن "هذه الصناعات الخليجية المشتركة قد تكون استثمارية، سواء للحكومات أو للأفراد والمستثمرين الخارجيين".
و"تختلف هذه الصناعات في درجة تعقيدها وتطورها، وفي الأسواق المستهدفة لمنتجاتها، وفي حجم الاستثمارات الحكومية الموجهة لها، وذلك بحسب عوامل مثل الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان والوافدين في كل دولة، والعلاقات التجارية الخارجية لتلك الدول"، بحسب عايش، لافتا إلى أن "عملية التوحيد الصناعي قد تأخذ شكل التكامل في البداية، بحيث تكمل الصناعات في دولة ما الصناعات الموجودة في دولة أخرى. كما يمكن أن تشمل هذه العملية توحيد المواصفات القياسية أو إقامة صناعات مشتركة، وخاصة في المجالات الحديثة كالصناعات الفضائية والذكاء الاصطناعي، على الرغم من وجود بعض التحديات الأمنية"، بحسب عايش.
ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن "التوحيد الصناعي الشامل قد يكون صعباً في تحقيقه، نظرا لتطور وتفوق العديد من الصناعات في الدول الخليجية على المستوى العالمي، لكنه يرى إمكانية التركيز على إقامة صناعات خليجية مشتركة، خاصة في المجالات الشعبية لتلبية الاحتياجات المحلية، ما سيعزز النشاط التجاري وتخفيض الواردات وتشجيع الاستثمارات الخارجية في تلك الدول".