الجزائر تحدد عتبة لاستهلاك الغاز الطبيعي: خطوة نحو تعديل دعم الطاقة

11 نوفمبر 2024
سعر الغاز في الجزائر لن يكون موحداً للجميع، حاسي مسعود في 22 فبراير 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتجه الحكومة الجزائرية نحو تعديل سياسة دعم استهلاك الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي، عبر التفاوض على الأسعار عند تجاوز عتبات استهلاك محددة، مما يمثل تحولاً عن السياسة التقليدية لحماية الفئات ذات الدخل المحدود.

- القرار الوزاري الجديد يحدد ثلاث عتبات لاستهلاك الغاز الطبيعي، تطبق تدريجياً من 2025 إلى 2029، بهدف تقليل الدعم الحكومي تدريجياً مع مراعاة حجم الاستهلاك الفردي.

- أثار القرار جدلاً بين الخبراء، حيث أشار البعض إلى مخاوف من عدم العدالة وزيادة الأعباء المالية على المواطنين، مؤكدين على أهمية إشراك المواطنين في تحديد مستويات الاستهلاك.

تتجه الحكومة الجزائرية حالياً نحو مراجعة سياسة دعم استهلاك الطاقة على المستوى الداخلي، لا سيما الغاز الطبيعي، وذلك من خلال فتح فسحة تتمكن من خلالها السلطات المسؤولة من جعل الأسعار محل تفاوض مع الزبون في حالة بلوغ عتبة معينة، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها في الجزائر، إذ لطالما اعتبر دعم سعر المواد الطاقية من أهم مبادئ الطابع الاجتماعي للبلاد الرامي للحفاظ على القدرة الشرائية للفئات ذات الدخل الضعيف من المجتمع. 

وقرّرت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية تحديد عتبة الكميات السنوية للغاز الطبيعي المستهلكة على الصعيد المحلي، حيث صدر القرار الذي حمل توقيع الوزير الجزائري محمد عرقاب في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، إيذاناً بدخوله حيز التنفيذ بشكل رسمي. وعلى الرغم من أنّ المادة الثانية من القرار الوزاري لم تحدد الزبائن المعنيين، حيث ذكرت أنّ التفاوض يجري بحرية بشأن سعر بيع الغاز الطبيعي لـ"أي زبون"، فإنّ حجم العتبة المحددة والكميات المستهلكة تشير إلى أنّ الزبائن المخاطبين بنص القرار هم المواطنون العاديون. وبالتالي فإنّ سعر الغاز في الجزائر لن يكون موحداً للجميع، كما كان عليه الأمر، بل سيخضع لحجم الكميات المستهلكة، بناء على مبدأ التفاوض.

ثلاث عتبات لاستهلاك الغاز في الجزائر

وحدّد القرار ثلاث عتبات تطبق تدريجياً خلال الفترة الممتدة من سنة 2025 إلى 2029، فذكرت أنّ التفاوض في الأسعار يطبق في حالة بلغت الكميات السنوية للغاز الطبيعي المستهلك من طرف الزبون لتلبية احتياجاته الخاصة تفوق أو تساوي 200 مليون متر مكعب بالنسبة للفترة 2025 ـ 2026، وتقلّص هذه العتبة إلى 100 مليون متر مكعب في الفترة الممتدة من 2027 ـ 2028، لتخفّض أكثر ابتداء من سنة 2029 لتصل إلى 40 مليون متر مكعب. 

من جانبه، قال الخبير في شؤون الطاقة أحمد طرطار إن "القرار تراجع عن سياسة السعر المقنن لاستهلاك الغاز الطبيعي المعتمدة في الجزائر"، وذكر أنّ "فتح باب التفاوض يجعل الأسعار تختلف من زبون لآخر، بينما كان من باب أولى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار معطيات أخرى، من منطلق أنّ استهلاك هذه المادة يختلف باختلاف مكان وطبيعة مناخ وجود الزبون"، مشيراً إلى أن "المناطق المعروفة ببرودة الطقس في الجزائر تستهلك كميات أكبر للتدفئة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى نوع من الاختلال وعدم العدالة".

وتساءل الخبير، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، عن "الاعتبارات التي أسست من خلالها وزارة الطاقة تحديد العتبة للكميات المستهلكة ومعاييرها لدراسة حالة السوق وحجم الاستهلاك، خاصة أنّها لجأت إلى تقليصها بشكل كبير ومبالغ فيه خلال فترة أربع سنوات فقط، لتصل إلى 40 مليون متر مكعب بداية من 2029". وتوقّع طرطار أن "يلقى القرار مقاومة خلال مرحلة تطبيقه على الزبائن، وهم المواطنون العاديون بالمقام الأول، حيث يضيف أعباء جديدة تثقل كاهل شريحة واسعة من المجتمع تعاني أصلاً من تراجع كبير في القدرة الشرائية، في ظل غلاء مختلف المواد الاستهلاكية".

ورفض الخبير "تعليل القرار بتحقيق الأهداف ذات العلاقة بالحد من التبذير والإسراف في استهلاك الطاقة"، مضيفاً أن "ذلك لا يجري عبر قرارات فوقية، وإنّما من خلال مشاركة الزبائن، واللجوء أيضاً إلى تحفيزات للزبائن المنخرطين في هذه السياسة، وبالتالي العمل على تحديد مستويات الاستهلاك بصورة واقعية أكثر يشارك فيها المواطنون بطريقة طوعية".

المساهمون