كشف تقرير حكومي في الجزائر أنّ السلطات أصدرت 219 إنابة قضائية دولية (طلب تعاون قضائي)، تخص ملاحقة أموال منهوبة ومهربة إلى الخارج، وعقارات وحسابات بنكية مملوكة لرجال أعمال ومسؤولين جزائريين، كانوا يقومون بتهريب الأموال إلى الخارج بطرق غير قانونية مختلفة إلى عدد من الدول.
ويؤكد بيان السياسة العامة للحكومة، المقرر عرضه على نواب البرلمان من قبل رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن يوم الاثنين المقبل، أنّ السلطات أصدرت 219 إنابة قضائية دولية، تم تنفيذ 43 منها حتى الآن، والتي سمحت باسترجاع عقارات وفنادق وممتلكات ناجمة عن أموال مهربة، في عدد من الدول، بينها لبنان وإسبانيا وفرنسا والإمارات، كانت ملكاً لرجال أعمال ملاحقين في قضايا فساد، بينهم زعيم الكارتل المالي علي حداد، فيما تجرى معالجة 156 أخرى من قبل السلطات القضائية الأجنبية المعنية، وذلك تنفيذاً لخطة حكومية لاسترداد الأموال الناجمة عن الفساد.
وتتضمن هذه الإنابات القضائية الدولية، وفقاً للبيان الصادر اليوم السبت، طلب معلومات بالتعاون مع الدول التي تواجد فيها هذه الممتلكات المالية، وتحديد وحجز ومصادرة الأموال المهربة إلى الخارج.
وشكّلت الحكومة الجزائرية لجنة خبراء مكلفة بتسيير ملف استرداد هذه الأموال، بالتنسيق مع السفارات والممثليات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج، كما تحاول الجزائر في السياق استغلال جملة من الاتفاقيات والآليات الدولية في مجال مكافحة الفساد وتبيض الأموال، كالتعاون مع الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي في المجال الجنائي، ومبادرة "ستار+"، وشبكة "غلوبال".
ولا يوجد كشف رسمي بإجمالي قيمة الأموال والممتلكات المهربة إلى الخارج من قبل المسؤولين ورجال الأعمال، لكن بعض التقديرات غير الرسمية تشير إلى ما قيمته ثلاثة مليارات دولار، جرى تهريبها على فترات خلال العقدين الماضيين.
ومنذ اعتلائه السلطة عام 2019، تعهد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون باستعادة الأموال المهربة إلى الخارج، وكذا الأموال المنهوبة من المال العام.
ويكشف التقرير الحكومي أنّ السلطات نجحت في إحباط محاولات إخفاء أو تبديد عائدات الفساد بفضل جهاز "اليقظة" الذي تم إنشاؤه قبل مدة، ما سمح باسترجاع أملاك عقارية ومنقولة هامة، وتفادي تهريب هذه الأموال إلى الخارج.
وأعلنت السلطات عن حجز عشرات السيارات الفخمة وعقارات ملك لرجال أعمال موقوفين في السجون على ذمة أحكام قضائية في قضايا فساد، كما تم في نفس السياق تنفيذ الأحكام القضائية النهائية القاضية بمصادرة الأموال والأملاك المختلسة، بإدراج كل ممتلكات المجمعات الاقتصادية المتورطة في قضايا الفساد في القطاع العمومي التجاري، للمحافظة على أداة الإنتاج ومناصب الشغل مع ضمان مواصلة نشاط الشركات، حيث تم إنشاء وكالة تكلف بتسيير الممتلكات المحجوزة والمصادرة من طرف العدالة.
ويشير التقرير إلى توجه الحكومة نحو تعزيز الترسانة القانونية للحفاظ على الأموال العمومية والوقاية ومكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب، ومعاقبة الإخلال بحركة الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وتعزيز سلطة الهيئة العليا للشفافية والوقاية من الفساد، وتعديل قانون الوقاية من الفساد لينص على تشديد العقوبات.