قرّر المصرف المركزي الجزائري تأجيل أقساط القروض 3 أشهرٍ إضافية، ووقف استيفاء المساهمات من الشركات المتعثرة بسبب تواصل تفشي وباء "كوفيد-19".
وأبلغ المركزي الجزائري، في مراسلة مستعجلة إلى البنوك المعتمدة، تحوز "العربي الجديد" على نسخة منها، أن فترة إعفاء الشركات من دفع أقساط القروض أو المساهمات المالية المترتبة عنها قد تم تمديدها إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2020".
كما طلب المركزي الجزائري من البنوك "تقليص معدل السيولة (حجم الموجودات السائلة وغير السائلة) لتأمين تمويل الشركات المعنية بتأجيل القروض في حال احتاجت إلى قروض إضافية لبعث نشاطها وذلك إلى غاية نهاية السنة الجارية."
وستكون القروض الإضافية الموجهة للشركات المتضررة من تداعيات الفيروس الجديد، من أجل تسيير أعمالها وسداد الأجور ومستحقات الموردين، على أن تكون هذه القروض قابلة للسداد إلى غاية منتصف العام القادم على أبعد تقدير، فيما أن سعر الفائدة المطبقة عليها يحدد تبعاً لسعر إعادة التمويل للبنك المركزي.
وتأتي التدابير المتخذة من طرف المركزي الجزائري، بعد سجال غير مسبوق مع تكتلات رجال الأعمال وأرباب العمل، الذين اعتبروا أن البنوك لا تواكب الأزمة الراهنة، بينما تواجه الشركات صعوبات في الوفاء بالديون وتوفير السيولة المالية، ما جعلهم يطرقون باب الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت منتصف أغسطس/آب الماضي، خطة إنعاشية بـ 26 مليار دولار، لدعم الاقتصاد المتعثر بسبب تواصل تفشي وباء كورونا وتهاوي عائدات النفط، يشمل إعفاء الشركات من دفع أقساط القروض والمساهمات الاجتماعية والضريبية على مراحل، مع تقديم مساعدات مالية للشركات الأكثر تضررا.
وفي هذا السياق، رحب رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل الوطنيين (أكبر تكتل لرجال الأعمال)، محمد سامي عاقلي، بقرار تأجيل دفع الأعباء المالية للمتعاملين الاقتصاديين المتأثرين بتداعيات جائحة "كورونا".
وقال عاقلي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن "المتعاملين الاقتصاديين سيستفيدون من تعليق تطبيق جميع العقوبات (الغرامات والزيادات الناتجة عن حالات التأخر)، في أداء التزاماتهم الجبائية (الضريبية) خلال فترة الحجر الصحي، وهذا القرار الذي يصبّ في إطار حماية المتعاملين والاقتصاد الوطني، مهم جدا واتُخذ في الوقت المناسب، مما يظهر الإرادة الحقيقية والمتابعة الدقيقة من أعلى هرم للدولة للمسائل الاقتصادية وكيفية الخروج من الأزمة".
كما يرى رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل الوطنيين أن "القرار سيحافظ على استمرار الحركة الاقتصادية ومناصب الشغل، ويكون له أثر إيجابي على الشركات الصغيرة والمتوسطة المتضررة من الأزمة الصحية."
وكان لإجراءات العزل العام الرامية إلى كبح الإصابات بالفيروس المزيد من التأثير على الإنتاج في البلد البالغ عدد سكانه 45 مليون نسمة.
ووفقاً لبيانات رسمية، انكمش اقتصاد الجزائر 3.9 بالمائة في الربع الأول من 2020، مقارنة مع نمو بلغ 1.3 بالمائة في الفترة نفسها من العام الماضي. ودفعت الأزمة المالية التي تعيشها الجزائر، الحكومة إلى انتهاج سياسة "شد الحزام" والتوجه نحو "كماشة التقشف" في وضع المخصصات الموجهة للوزارات للسنة المالية 2021، لمواجهة شح الموارد في ظل تهاوي إيرادات البلاد من بيع النفط. وكشفت الوثيقة التمهيدية لموازنة 2021، أن معظم الوزارات ستتقلص ميزانيتها السنة القادمة، بعدما خصمت حكومة عبد عزيز جراد، حوالي ربع الإنفاق.
لكن هذا الوضع المالي المتأزم لم يمنع الحكومة من اتخاذ خطوات لمساعدة الشركات بهدف الحفاظ على الإنتاج والوظائف، خصوصا خارج قطاع الطاقة.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، إن "تأجيل دفع الأعباء المالية مع توفير المزيد من التمويلات للشركات مهم في هذه المرحلة، خاصة للشركات التي لها دور حاسم في توفير المنتجات للسوق المحلية، لكن يجب في المقابل أن يكون الدعم الذي تحصل عليه الشركات مشروطاً بالحفاظ على فرص العمل".
وتابع: "لا يمكن أن تصرف أموال إضافية للشركات مقابل تسريح للعمال، وإلا فإننا نزيد من تعقيد الوضعية، لأن الهدف الأول من هذه التدابير هو إنقاذ مناصب الشغل".
وأضاف الخبير الجزائري لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة والمصارف من حقها بل من واجبها وضع خريطة طريق صارمة مع المؤسسات والشركات المستفيدة من تدابير تأجيل دفع أقساط الديون، تسمح لها بتتبع تطور نشاطها ومدى التزامها بحفظ مناصب العمل".