تستعد الحكومة الجزائرية لاعتماد حزمة جديدة من المواد الممنوعة من الاستيراد، بعدما شُرِع بإعادة تحيين قائمة المواد المجمد استيرادها لأسباب متنوعة، بداية من شهر مايو/أيار المنصرم، وسيُكشَف عن القائمة الجديدة بعد تصديق رئيس الدولة، عبد المجيد تبون، قريباً.
وتُعدّ رئاسة الحكومة الجزائرية، ووزارة المالية، قائمة جديدة من المواد الممنوعة من التوطين البنكي، بعد استشارة وزارتي التجارة والصناعة، يرتقب إرسالها إلى البنوك والمؤسسات المصرفية، حيث ستتضمن عدداً من المنتجات. ويتعلق الأمر بقطع الأجهزة نصف المركبة أو المركبة بمختلف أنواعها، وبعض أصناف الملابس ومشتقاتها، ومنتجات غذائية تحويلية، وبعض أنواع المعدات الطبية ومواد البناء التي سيسمح بإدخالها.
وإلى ذلك، كشف نائب مدير المديرية العامة للتقدير والسياسات بوزارة المالية الجزائرية، إسماعيل لهلالي، أن "القائمة انتُهي من دراستها، وشملت الفواكه الموسمية المنتظر جنيها إلى غاية نهاية السنة مهما كان نوعها، والمواد الغذائية المحولة أو كصلصة الطماطم، ورقائق البطاطس ومسحوق البطاطس المهروسة، ومعجون الفواكه، بالإضافة إلى صلصة المايونيز، بالإضافة الى تجميد استيراد بعض المواد الطبية ذات الاستعمال الشخصي، كأوراق التنظيف المبللة ومراهم التعقيم، والضمادات"، حسب لهلالي.
أما في مجال البناء، فسيُجمَّد استيراد كل أنواع السيراميك والرخام (كانت تخضع لرسم وقائي إضافي)، بالإضافة إلى تجميد استيراد الملابس عبر طريق "الشوالة" أو "الرُزم"، كذلك سيُجمَّد استيراد جلود الحيوانات، وبعض الأنواع من الأشجار والنباتات والبذور.
وأضاف لهلالي لـ "العربي الجديد" أن "هذه القائمة وضعت استشارة اتحاد المزارعين ونقابات أرباب العمل والمنتجين ورجال الأعمال، الذين أكدوا أن ما تنتجه الجزائر من هذه المنتجات يلبي الطلب الداخلي من حيث الكمّ والنوعية، كذلك جرى التحقق من المعطيات المتوافرة لدى وزارتي الصناعة والتجارة لمعرفة واقع الأسواق اليوم".
وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت مطلع السنة الحالية توسيع منع استيراد العديد من المنتجات، لكبح فاتورة الواردات بالتزامن مع تهاوي عائدات البلاد من النفط.
وتأتي السيارات والهواتف النقالة في مقدمة قائمة المنتجات الممنوعة من الاستيراد، فيما أُخضِعَت عمليات استيراد مواد أخرى على غرار مواد البناء من رخام وبلاط ومواد غذائية من صلصات وأجبان، بالإضافة إلى الشوكولاتة لضريبة وقائية (تحمي ما يُنتَج محلياً) تصل إلى 200 في المائة على بعض المنتجات.
وإن كان التضييق الحكومي على مئات السلع المستوردة في الجزائر، وقد فاق عددها 1850 منتجاً، يُفرح المنتجين، أضحى في المقابل يزعج التجار والمستهلكين على حد سواء. فبينما تتمسك الحكومة بهذه الإجراءات للحد من استنزاف موارد النقد الأجنبي، يؤكد مستوردون أن من شأن ذلك خلق ندرة في الكثير من السلع ويرفع الأسعار في وقت يعاني فيه المستهلكون من تراجع القدرة الشرائية.
وأبدى تجّار جملة، الحلقة الثانية في سلسلة البيع بعد المستوردين، امتعاضاً من هذه القرارات، التي أدخلت تجارتهم "غرفة الإنعاش" منذ بداية العمل برخص الاستيراد في سنة 2015، على حد وصف بعضهم.
في شارع "الحميز" المشهور ببيع الآلات والأجهزة الإلكترونية في الضاحية الشرقية من العاصمة الجزائرية، أكد التجار أن الأسعار قفزت بما يقرب 40%، حيث أثرت الإشاعات في العرض وزادت من تفشي ظاهرة المضاربة.
يقول التاجر جمال الدين روبال، إن سعر غسالة الملابس على سبيل المثال سعة 8 كيلوغرامات ارتفع من 50 ألف دينار (390 دولاراً) إلى 80 ألف دينار (690 دولاراً)، وليست متوافرة الآن".
وأضاف روبال لـ"العربي الجديد" أن "المنتجات المصنعة محلياً لا يمكنها أن تعوّض المستوردة من حيث النوع أو الكمية عكس ما يتوقعون، ولا يمكننا الاعتماد عليها لأنها متوافرة في نقاط البيع الرسمية للمنتجين، وبالتالي أنا متخوف من نفاد ما أعرضه من سلع قد يسبب في إفلاسي".
وفي شارع "المنظر الجميل" المشهور بتجار بيع المواد الغذائية بالجملة، الأجواء لا تختلف كثيراً. فحسب التاجر علي كسوري، فإن "الكثير من السلع الممنوعة من الاستيراد لا تنتج محلياً بكميات تغطي الأسواق".
وإلى ذلك، قال رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، الطاهر بلنوار، إن "منع استيراد أي منتج يجب أن يقابله منتج أخر محلي يحمل ذات النوعية والسعر، وبالكمية نفسها حتى لا يحدث اضطراب في السوق، وهو ما لم يحدث، حيث نجد الكثير من السلع التي لا تنتج محلياً وتستهلك كثيراً، كالفواكه والخضر الطازجة والمجففة والمعلبة فيها ندرة، بالإضافة إلى اللحوم المجمدة التي أصبحت في السنوات الأخيرة ملاذ الجزائريين بعد ارتفاع أسعار اللحوم المحلية".
وتوقع بلنوار أن يشهد النصف الثاني من السنة الحالية بداية ظهور بوادر ندرة للعديد من السلع في الأسواق، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وكانت الصادرات الجزائرية غير النفطية قد سجلت زيادة كبيرة خلال النصف الأول من العام الجاري 2021، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
وحسب بيان لوزارة التجارة الجزائرية، اطلع عليه "العربي الجديد"، بلغت قيمة الصادرات في النصف الأول من العام الجاري، 2.03 مليار دولار، فيما سُجِّل 1.04 مليار دولار في الفترة نفسها من السنة الماضية.