يعيش منتجو التمور في الجزائر ضغطا كبيرا بعدما تحول محصول التمر في المحافظات الصحراوية في الجنوب الجزائري من نعمة إلى نقمة، تؤرقهم، بسبب غلق الأجواء الجوية في الجزائر والاتحاد الأوروبي على السواء، ما زاد من مخاوف ضياع "الغلة" وسط عجزهم عن تسويقها بعد انتهاء موسم جني التمور شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
وحسب عاملين في مجال إنتاج التمور، فإن محصول هذه السنة سيتعدى عتبة مليون طن لأول مرة منذ 12 سنة، ما يجعل السنة الحالية من بين أكثر السنوات إنتاجا، بعد تسجيل السنة الماضية إنتاجا بـ 900 ألف طن.
ويكشف رئيس اتحاد منتجي التمور في الجزائر، كمال غبريني، أنه "يُتوقع جني ما يقارب 1.2 طن من التمور هذه السنة وهذا في المحافظات الـ17 المعنية بإنتاج التمور".
أضاف غبريني لـ "العربي الجديد" أن "المحصول موزع على 230 نوعا مقابل 250 نوعا السنة الماضية، منها أنواع واسعة الاستهلاك في مقدمتها "تمر النور" أو "دجلة نور" كما تسمى في الجزائر".
وتحصي الجزائر قرابة 18.6 مليون نخلة مغروسة على مساحة 167 ألف هكتار حسب آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الزراعة الجزائرية، ما جعلها من أكثر الدول إنتاجا للتمور بحوالي 14 بالمائة من الإنتاج العالمي.
ولجأ بعض المزارعين ممن تحدثت معهم "العربي الجديد" إلى بيع منتجاتهم من التمور كعلف للحيوانات للتخلص من الكميات التي تكدست لديهم بعد عجزهم عن تسويقها، فيما اضطر البعض الآخر إلى بيعها لـ "السماسرة" بأسعار منخفضة.
يروي مزارع من ولاية "بسكرة"، إبراهيم عبد الباقي، كيف تحول ما جادت به "واحته" من تمور من مصدر أملٍ إلى مصدر تشاؤم، حيث قال لـ "العربي الجديد" إنه "مع مرور الأيام بدأ سقف شروطه ينزل حتى باع بعض الأنواع من التمور التي جناها إلى مربي الإبل والأغنام لاستعمالها كأعلافٍ".
وأضاف المزارع الجزائري أن بعضا من المزارعين "وقعوا في مصيدة المضاربين الذين يمتلكون غرف تبريد كبيرة".
ويطالب المزارع الجزائري "الحكومة بسرعة التدخل الإنقاذ ما يمكن إنقاذه كما فعلت في الماضي مع منتجي البطاطا والطماطم".
وتجد الجزائر صعوبة كبيرة في تسويق تمورها ذات الجودة العالية، إذ لا يغادر التراب الجزائري إلا ما يعادل 20 بالمائة فقط من إجمالي الإنتاج، وهو ما يمثل ربع ما تصدره دول أخرى كتونس.
ويُرجع رئيس جمعية مصدري التمور، يوسف غمري، هذه الأرقام الضئيلة فيما يتعلق بتصدير التمور الجزائرية بالرغم من شهرتها العالمية إلى عدم احترام مقاييس التعليب والتغليف الموسومة بعلامات ضمان الجودة والصحة مثل "إيزو" وغيرها من شهادات الضمان، وهي أول ما يبحث عنه المستهلك الأجنبي، وللأسف هناك من يبيع محصوله لمصدرين تونسيين الذي يعيدون تصديره على أنه "صنع في تونس".
وبالتالي يضيف نفس المتحدث أنه "حتى ولو يكون لدى الجزائر منتج رفيع ولا يحمل هذا الوسم الذي تمنحه مؤسسات دولية مختصة فإن الثقة فيه تكون قليلة أو معدومة تماما ولا يغامر أحد باستهلاكه".
ولفت رئيس الجمعية الممثلة لمصدري التمور في الجزائر أن "هذه السنة المشكلة معقدة أكثر، فالأجواء الجوية الجزائرية مغلقة منذ سنة، ومع انتشار جيل جديد من كورونا، أغلقت دول الاتحاد الأوروبي حدودها، في مقدمتها فرنسا الزبون الأول لتمرنا، ما يعني أن القليل الذي كان يُصدر سيبقى هنا، كما حدث السنة الماضية بعدما توقف التصدير منذ شهر مارس/آذار".