الجزائر: موجات الغلاء تطاول الخبز المدعوم

20 أكتوبر 2022
ارتفاع سعر رغيف الخبز أكثر من 90% (فرانس برس)
+ الخط -

لم يفلت الخبز المدعوم من موجات الغلاء التي ضربت مختلف السلع في الجزائر، الأمر الذي فاقم من معيشة المواطنين. وفوجئ الجزائريون برفع أصحاب المخابز لأسعار الخبز بطريقة "عشوائية"، بحجة عدم تغطية الأسعار الحالية لتكاليف الإنتاج، فيما هددت الحكومة الجزائرية المخابز باللجوء إلى القضاء إذا تمسك العاملون في صناعة الخبز بقرار رفع الأسعار.
وبدأت زيادة الأسعار في العاصمة الجزائرية بعد اتخاذ بعض الخبازين لقرار "فردي" برفع أسعار الخبز يوم الجمعة المنصرم من 8.5 دنانير إلى 15 ديناراً، أي بنسبة تتجاوز 90 بالمائة، قبل أن تتحول الزيادة مع مرور الوقت إلى "كرة ثلج" عقب اتساع رقعة الزيادة لتمسّ عدة محافظات جزائرية.

ارتفاع أسعار الطحين

يقول عضو الاتحادية الجزائرية للخبازين (نقابة الخبازين) وصاحب مخبز، حفني سحنون، إن "قرار رفع سعر الخبز جاء عقب اجتماعنا منتصف الشهر المنصرم، وكان هناك شبه إجماع وسط الخبازين على رفع السعر بين 12 ديناراً و15 ديناراً، فموجات الغلاء مست كلّ السلع، بما فيها الطحين الأبيض والأصفر (السميد)".

أضاف المتحدث نفسه لـ"العربي الجديد"، أن "كلفة رغيف الخبز الواحد أصبحت تعادل أو تزيد على سعر البيع الذي يحدده القانون بـ8.5 دنانير (0.05 دولار) للرغيف الواحد، في حين أن سعر الكهرباء والغاز ارتفع مرتين منذ سنة 2015، يضاف إلى ذلك 1500 دينار (10.4 دولارات) للقنطار الواحد من الطحين الأبيض و80 ديناراً (0.5 دولار) للخميرة و20 ديناراً (0.1 دولار) للكيلوغرام الواحد من الملح، كلّ هذا بالإضافة إلى رواتب العمال وتأمينهم الصحي، والضرائب".

متاعب الخبازين

يعيش خبازو الجزائر أوقاتاً هي الأصعب في المهنة التي يبدو أنها باتت مهددة بالزوال في السنوات القادمة، بسبب توجه الآلاف منهم إلى تغيير نشاطهم.
وترجع هذه المتاعب إلى ضآلة المردود المالي الذي يجمعه الخباز في الجزائر، فيما لا تزال القبضة الحديدية متواصلة بين نقابة الخبازين والحكومة من أجل رفع هوامش الربح لإنقاذ "المهنة الذهبية" كما كانت تُسمى قديماً.
وبلغ عدد الخبازين الذين وضعوا الأقفال على أبواب مخابزهم بصفة نهائية سنة 2021، حوالى 1100 خباز، حسب الأرقام التي حصلت عليها "العربي الجديد" من النقابة الجزائرية للخبازين، وذلك بعد دخول نشاطهم في دوامة الركود، فيما بلغ عدد الخبازين الناشطين 24 ألفاً يغطون 44 مليون نسمة، أي عدد سكان الجزائر.

قال رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوا، إنّ "قضية رفع أسعار الخبز تُثار منذ 15 سنة وحان الوقت حتى تتحرك الحكومة لفتح ملف "الخبز""


وأمام تمسك الخبازين بالزيادة التي يرونها "مبررة" و"مشروعة"، هددت الجهات الرسمية باللجوء إلى القضاء لإسقاط الزيادات، من خلال رفع دعوى قضائية في "القضاء الاستعجالي"، قبل التوجه نحو الإجراءات العقابية التي نص عليها القانون.

ارتكاب مخالفات

وفي السياق، كشف مدير المراقبة وقمع الغش بمحافظة الجزائر العاصمة أحمد بلملاط، أنّ "الخبازين الذين رفعوا أسعار الخبز قد ارتكبوا مخالفتين، هما رفع سعر مادة مدعومة من طرف الدولة، وتخفيض وزن رغيف الخبز الواحد إلى 200 غرام، وهو ما يتناقض مع النصوص القانونية المنظمة لتسويق هذه المادة الصادرة سنة 1996 التي تحدد سعر رغيف الخبز الواحد بـ 8.5 دنانير، على أن يكون وزنه بين 300 و350 غراماً". أضاف لـ"العربي الجديد" أنّ "مديريات المراقبة وقمع الغش قد تلقت أوامر بتفتيش المخابز لإحصاء المخالفين الذين سيتعرضون لعقوبات تصل إلى الشطب من السجل الوطني للسجل التجاري مع دفع غرامات مالية".

إلى ذلك، قال رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوا، إنّ "قضية رفع أسعار الخبز تُثار منذ 15 سنة وحان الوقت حتى تتحرك الحكومة لفتح ملف "الخبز" لمراجعة هوامش الربح المحددة وفق القانون بـ2 دنانير، علماً أنّ سعر الخبز ليس هو المدعوم بل سعر الطحين".
يذكر أنّ دعم مادة الخبز يكلف خزينة الحكومة قرابة 1.2 مليار دولار حسب الديوان الجزائري للحبوب، فيما استوردت الجزائر السنة الماضية ما يعادل 2.1 مليار دولار من القمح والذرة والشعير، بعدما اشترت 11 مليون طن من هذه المواد.
وتعتبر الجزائر من أكبر الدول المستوردة للحبوب في العالم، ونوعت مصادر شراء القمح في الأشهر الأخيرة، في ظلّ التنافس الذي تعيشه الأسواق العالمية جراء الحرب الروسية – الأوكرانية.
وحسب بيانات رسمية، انخفض معدل التضخم السنوي في الجزائر بشكل طفيف في سبتمبر/أيلول إلى 4.7% من 4.8% في الشهر السابق، بعد تراجع في أسعار بعض المواد الغذائية. ووفقاً للأرقام التي نشرها الديوان الوطني للإحصائيات، انخفض مؤشر أسعار المستهلكين في سبتمبر 0.3% على أساس شهري. وتراجعت أسعار الدواجن 11.1%، فيما انخفضت أسعار الخضروات 5.8%.