تحول فائض إنتاج الإسمنت إلى مأزق كبير للمصانع المنتجة في الجزائر، في ظل تشبع الأسواق ومواجهة صعوبات في التصدير، في حين انه ليس بمقدروها إيقاف خطوط منتجة للحد من تكدس المنتجات، خشية تحملها تكاليف مرتفعة جراء إعادة هذه الخطوط إلى العمل من جديد في فترات لاحقة.
ويزداد قلق المنتجين مع توجه الحكومة إلى زيادة الطاقات الإنتاجية لتصل إلى 50 مليون طن سنوياً في أفق عام 2025، مقابل إنتاج حالي يبلغ نحو 30 مليون طن سنوياً، و20 مليون طن في 2015، فيما يصل الطلب المحلي إلى 22 مليوناً.
وعزا بشير عرباوي، مسؤول المديرية العامة لترقية الاستثمار في وزارة الصناعة، فائض الإسمنت إلى ارتفاع الطاقة الإنتاجية في ظل زيادة عدد المصانع، بعد أن فتحت الحكومة في السنوات الأخيرة باب الاستثمار في هذا القطاع، بينما كان مُحتكرا من طرف شركة عمومية واحدة تابعة للدولة لعقود ماضية.
وأشار عرباوي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن عدد المصانع وصل إلى 22 مصنعاً نهاية 2022، مضيفا أن "المصانع بدأت تسجل تراجعا في المبيعات، وهناك أزمة حقيقية جراء وفرة الإنتاج، ما يستدعي تدخل الحكومة".
ودفع ارتفاع إنتاج الإسمنت الحكومة، مطلع 2018، إلى رفع الحظر المطبق منذ أكثر من عشرين عاماً على تصدير هذه السلعة، وذلك بعدما حققت توازناً بين العرض والطلب، وذلك بتصدير أول شحنة من الأسمنت إلى السوق الأوروبية، ضمن عملية تصدير في إطار عقد يقضي بتصدير 200 ألف طن من الأسمنت موزعة على عدة شحنات إلى السوق الأوروبية. وتتواصل عمليات التصدير حتى الآن، لكن بصفة متقطعة وبكميات متفاوتة.
وقال مدير التخطيط في الهيئة الجزائرية لترقية الصادرات كمال رضواني إن "الجزائر تسعى لتسويق 20 مليون طن فائضة من الإسمنت، بمجموع عائدات تلامس 900 مليون دولار سنوياً.. الآن بلغنا 35% من الهدف، ونثابر من أجل بلوغ الهدف السنة القادمة بإزالة العقبات والمشاكل التي تقف أمام هذا الأمر".
وحول الأسواق المستهدفة، أوضح رضواني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الأسواق الأفريقية هي الوجهة الأولى، في مقدمتها النيجر ومالي وموريتانيا عبر المنافذ البرية، ودول أفريقيا الوسطى وجنوبها عبر المنافذ البحرية.. نحن في مرحلة كسب الأسواق من دون دراسة مردوديتها، كما سيجرى تصدير شحنات نحو ليبيا في سياق مشاريع إعادة إعمارها، كما نبحث عن دول أروربية، مثل سلوفاكيا وبلغاريا ودول الجنوب الأوروبي، كونها الأكثر قرباً والأقل تكلفة في النقل، رغم ارتفاع المنافسة مع الإسمنت المحلي هناك والتركي في شرق القارة".
لكن علي باي ناصري، رئيس جمعية المصدرين الجزائريين، قال إن "الجزائر لا يمكنها أن تصدر أكثر من مليوني طن من الإسمنت سنوياً، بالنظر إلى ضعف شبكة النقل وعدم وجود سكك حديدية للنقل من مناطق الإنتاج في المحافظات المختلفة".
وأضاف ناصري لـ"العربي الجديد" أن المنتجات الجزائرية بعيدة عن منافسة مثيلاتها في الأسواق العالمية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يشكل عائقا آخر أمام الصادرات.
وسجلت صادرات الجزائر من خارج قطاع المحروقات في 2022 قفزة مقارنة بـ2021، حيث لامست 5 مليارات دولار، إذ بلغت قيمة صادرات الأسمدة نحو 412.2 مليون دولار بزيادة نسبتها 22.4%، والمواد الغذائية حوالي 242 مليون دولار بزيادة 40.7%، والإسمنت 75.7 مليون دولار والتمور 49.4 مليون دولار.