يضرب الجفاف عدة أقاليم في وسط الصومال وجنوبه، بسبب تأخر الموسم المطري، إلى جانب مخاوف من نضوب مياه نهر شبيلى، الذي يمر بأقاليم عدة ويغذي الأراضي الزراعية، ما يهدد بتوقف الإنتاج في البلاد، هذا فضلاً عن الجراد الصحراوي الذي أتلف المراعي والمزارع في إقليم شبيلى السفلى، ما دفع مئات الأسر إلى الفرار نحو المدن بحثاً عن المياه النظيفة والمواد الغذائية.
وحذرت الحكومة الصومالية ومنظمات دولية، خاصة منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، من حدوث أزمة إنسانية جديدة في الصومال، إذا توسعت أزمة الجفاف وشملت أقاليم بونتلاند وصومالاند، وهو ما يجعل البلاد في أتون مجاعة جديدة، إلى جانب وباء كورونا الذي يشل الاقتصاد الصومالي ويهدد حياة الكثيرين بسبب نقص الأوكسجين وغياب الرعاية الصحية الشاملة في البلاد منذ عقود.
وقال نائب رئيس إقليم جوبالاند الفيدرالي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الجفاف يشمل المناطق والبلدات التي تقع تحت مدن بارطيري وعيل واق وجربهاري، حيث توفي حتى الآن في تلك المناطق 11 شخصاً، من بينهم أطفال، نتيجة الجوع والظمأ.
ولفت إلى أن الجهود الإنسانية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، مناشداً الهيئات والمنظمات والمحسنين توفير إغاثة عاجلة للصوماليين الذين يواجهون أزمة نقص الغذاء في إقليم جدو، جنوب البلاد.
وقالت وزيرة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث خديجة محمد ديريه، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير المالية الصومالي عبد الرحمن دعالي بيلي، الأحد الماضي: "إن نحو 2.5 مليون صومالي يواجهون شحاً في المياه، ونقصاً في المواد الغذائية، بسبب الجفاف".
وأرسلت الوزيرة نداءً عاجلاً إلى الدول العربية والإسلامية والأمم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال الغوث من أجل توفير دعم عاجل للمتضررين. ولفتت ديريه إلى أن مشكلة الجفاف الحالية ستزيد من معاناة نحو 5.9 ملايين صومالي، يحتاجون إلى توفير دعم إغاثي بسبب التغير المناخي في البلاد.
ووصلت مئات الأسر النازحة إلى مخيم الهداية، خارج العاصمة مقديشو، لكن ذلك لم يغير من معاناتها شيئاً، حيث يعاني النازحون من شح في المياه والمواد الغذائية. وقال عمر آدم (77 عاماً)، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه نزح من بلدة كونتواري، على بعد نحو 130 كيلومتراً جنوب مقديشو، بعدما أهلك الجراد مزرعته، وإنه فرّ من بلدته بسبب الجفاف والجراد، ويعيش اليوم في مخيم بدائي لا تتوافر فيه أدنى مستلزمات الحياة الضرورية. وأكد آدم أن الجفاف فرق شمل عائلته، حيث يعيش وحده في مخيم جديد، بينما لجأت أسرته إلى مخيم آخر بحثاً عن المياه والطعام.
أما دوداي حسن، فتحاول عبثاً بناء كوخ متهالك مكون من أغصان الأشجار وبعض القطع البلاستيكية وأغطية ملابس بالية، من أجل حماية أطفالها من حرارة الشمس، وقالت لـ"العربي الجديد"، إنها فرت مع أولادها الأربعة بعدما أتى الجفاف على قريتها بإقليم شبيلى السفلى.
وأشارت دوداي إلى أنها فارغة اليدين، ولا تستطيع توفير الطعام لأطفالها الأربعة، وشرحت أنهم أيتام، وأصبحت معيلتهم الوحيدة، "ولا أملك لهم شيئاً. نطالب المنظمات الإغاثية بتوفير دعم عاجل لنا".
وبحسب تقديرات رسمية، فإن نحو 1.5 مليون نازح يعيشون خارج العاصمة مقديشو ويواجهون أزمات إنسانية منذ عام 2011. ولفتت مصادر إلى أن الحكومات الصومالية المتعاقبة لم تتمكن من تأمين مساعدة لهذه الفئات، فيما عددهم اليوم مرشح للازدياد في ظل أزمة الجفاف التي تجتاح المدن والقرى، ما سيزيد الأوضاع الإنسانية في البلاد سوءاً ما لم يتحرك العالم لنجدة هؤلاء المتضررين من الجفاف والجراد ووباء كورونا.