قال المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان العراقية نبيل الصفار إنّ الزيادة السكانية التي شهدها العراق أدت إلى تفاقم أزمة السكن، التي تتطلب جهوداً كبيرة وعملاً متواصلاً من أجل معالجتها وفق مشاريع استراتيجية مُعدة على مدى 15 سنة مقبلة.
وأوضح الصفار، في تصريحات لـ"العربي الجديد" اليوم الأحد، أنّ وزارته تعمل على إنشاء مدن سكنية جديدة ومستدامة في جميع المحافظات العراقية للحد من أزمة السكن، وفق مواصفات حديثة تشمل الفئات الفقيرة ومتوسطة الدخل.
وأشار إلى أنّ الوزارة قررت أن تكون المدن السكنية الجديدة خارج مراكز المدن والمحافظات، لضمان التوسعة العمرانية بالتعاون مع الإدارات المحلية للمحافظات، التي أخذت على عاتقها توفير الأراضي المناسبة والواقعة ضمن المخططات البلدية لضمان وصول الكهرباء والماء والخدمات البلدية إليها.
وأوضح الصفار أن البرنامج الوزاري للحكومة الحالية يدعو إلى التوجه نحو بناء المدن التي ستوفر آلاف الوحدات السكنية، في ظل حاجة البلد لبناء المشاريع السكنية الكبيرة.
130 ألف وحدة سكنية
ولفت إلى أنّ وزارته أعلنت خمس مدن للاستثمار، إلا أنّ 4 منها أُكملت متطلبات إحالتها إلى عدد من الشركات الاستثمارية، وسيُباشر فيها قريباً، لتوفر نحو 130 ألف وحدة سكنية كمرحلة أولى.
وبيّن الصفار أن هذه المشاريع تستهدف الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ومن خلال إحالة 10 - 15% من عدد الوحدات السكنية إلى إدارة كل محافظة لتوزيعها على الفئات المجتمعية المستحقة، مع ضمان توفير الفرص للمستثمرين من أبنية تجارية وخدمية.
وكشف عن وجود 6 مدن سكنية أخرى سيُعلن عنها خلال الأيام القادمة كفرص استثمارية، ليصل مجموع الوحدات السكنية إلى حدود 700 ألف وحدة، مضيفاً أنّ "مجموع الأراضي التي استكملت لغرض الاعلان عنها نحو 20 موقعاً أولياً تشمل جميع المحافظات العراقية".
وأعلنت الحكومة العراقية عن خطتها لإنشاء 4 مدن سكنية جديدة في كل من بغداد وبابل وكربلاء ونينوى، حيث من المؤمل أن توفر هذه المدن نحو 700 ألف وحدة سكنية.
وفي بيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة، فإنّ مجلس الوزراء صوّت، في جلسته المنعقدة الاثنين الماضي، على مجموعة من القرارات والتوصيات المعروضة في جدول أعمال الجلسة، من بينها مواجهة أزمة السكن في العراق.
وأشار إلى أن خطة بناء أربع مدن جديدة هي ضمن حلول معالجة أزمة السكن، وأنه جرت الموافقة على إحالة المشاريع إلى عدد من الشركات الأجنبية والمحلية المختصة.
وأوضح البيان أنّ المدن السكنية هي: مدينة الجواهري الجديدة في محافظة بغداد، ومدينة ضفاف كربلاء الجديدة في محافظة كربلاء، ومدينة الغزلاني الجديدة في محافظة نينوى، ومدينة الجنائن الجديدة في محافظة بابل.
وأضاف البيان أنّ مجلس الوزراء أقرّ أن تكون أسعار الوحدات في هذه المدن ثابتة ولا تخضع للمزايدة أو المتاجرة، وذلك بعدم السماح للمستثمر ببيع أكثر من 1% من الوحدات السكنية إلى أية شركة أو فرد آخر، لضمان عدم ارتفاع أسعارها.
أزمة سكن مزمنة
لكن الباحث الاقتصادي علي عواد أوضح أنّ مشاريع المدن التي أعلنت عنها الحكومة لا تعالج أزمة السكن المتزايدة في العراق، وفي ظل وجود أكثر من 4 ملايين مسكن عشوائي، فضلاً عن حاجة البلد لأكثر من 4 ملايين وحدة سكنية.
وأشار عواد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذه المدن وإن أُنشئت، فسوف تشوبها الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة الشركات الاستثمارية المنفذة، أو جودة مواد البناء التي تستخدمها هذه الشركات في عمليات الإنشاء والتجهيز.
وبيّن أن هناك مجمعات سكنية أحيلت للاستثمار إلى شركات منفذة لم تكن بالمستوى المطلوب في جودتها والمواد المستخدمة فيها، حيث لا تُقارن كلفة الإنشاء البسيطة مع مستوى مبالغ البيع الهائلة، على حد قوله.
وحذر عواد من تسليم هذه المدن إلى شركات تابعة لجهات سياسية أو مكاتب اقتصادية لأطراف متنفذة، لأنها لا تمتلك الخبرة الكافية لبناء مثل هذه المدن، فضلاً عن عمليات الفساد التي يعاني منها مختلف القطاعات العراقية منها قطاع الإنشاءات والبناء.
ولفت أيضاً إلى ألا تذهب الوحدات السكنية لغير مستحقيها، لأن العُرف السائد في طبيعة الدولة العراقية الحالية أنّ المستفيدين من أي شيء هم المتنفذون أو أصحاب الدخل المادي المرتفع، ولن يستفيد المواطن البسيط في الحصول على سكن له ولأفراد عائلته، ما يزيد من مشاكل أزمة السكن في العراق من دون حلول.
وفي السياق، أشاد الخبير العقاري عامر موسى بإجراءات فرض وزارة الإسكان قيوداً ومحددات على الشركات الاستثمارية تتعلق بتحديد نسبة الحصص الحكومية لصالح المحافظات من مجموع عدد الوحدات السكنية، معتبراً أنها خطوة في الاتجاه الصحيح للحد من استغلال الشركات الاستثمارية عمليات البيع لأغراض تجارية تفوق القدرة الشرائية للمواطن العراقي.
وأضاف موسى، لـ"العربي الجديد"، أن هناك الكثير من الشركات في مجال الاستثمار العقاري لم تأخذ فرصتها، بسبب الفساد المستشري والروتين المتبع لدى مؤسسات الدولة من أجل الحصول على فرص استثمارية.
وأبدى موسى تخوفه من أن يكون إعلان الحكومة إنشاء مدن سكنية تشمل الطبقات الفقيرة هدفه الاستهلاك الإعلامي وتضليل الرأي العام، مشدداً على أهمية العمل على تذليل المعوقات وإعطاء الفرص الاستثمارية وفق شروط ومحددات تضمن للمواطن البسيط حقه في الحصول على وحدة سكنية تتناسب تكلفتها مع وضعه الاقتصادي العام.