وجّه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مساء الثلاثاء، تحذيرات جديدة إلى الوزراء في الحكومة التي يقودها، منذ الأحد، نذير العرباوي، من أي تقاعس في تطبيق قرارات مجلس الوزراء، ومن الفساد والتلاعب بـالمال العام أو إطلاق وعود كاذبة أمام المواطنين.
وقال تبون، خلال أول اجتماع للحكومة برئاسة رئيس الحكومة الجديد نذير العرباوي، الذي تسلّم مهامه خلفاً لأيمن بن عبد الرحمان، إنه يتوجب أن تعتمد الحكومة "السرعة القصوى في تطبيق قرارات مجلس الوزراء، التي لم تُجسّد أو تأخر تنفيذها، إذ ليس هناك أشد وقعاً على مواطنينا من عدم تنفيذ التزامات الدولة".
ويعتقد أن تأخر رئيس الحكومة السابق في تطبيق قرارات مجلس الوزراء هو العامل الأبرز الذي دفع تبون إلى إقالته من منصبه، السبت الماضي.
ووجّه تبون، في فبراير/ شباط الماضي، انتقادات حادة إلى الحكومة "لعدم التطبيق على النحو المطلوب قرارات أخرى تخص قطاعات النقل والإدارة والمالية والأشغال العمومية والرقمنة".
وجدد تبون هذه الانتقادات للحكومة، الصيف الماضي، وقال "أشعر أحياناً أنّ هناك جهوداً ضائعة وعدم دراية بما هو موجود في الساحة من مشكلات، وعدم تطبيق قرارات مجلس الوزراء".
وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية، مساء الثلاثاء، بأنّ تبون "طالب الوزراء في اجتماعه بهم بعدم إطلاق وعود لا يجري تنفيذها، وتفادي الوعود المبالغ فيها، والبعيدة عن الالتزامات مع الشعب الجزائري".
وشدد على أن يضع الوزراء نصب أعينهم "إبقاء دعم الطبقتين الهشة والمتوسطة من خلال الحفاظ على القدرة الشرائية، وجعل البرامج السكنية بكل صيغها ضمن الأولويات، صيانة لكرامة المواطنين وتيسيرا لحياتهم".
ووجه الرئيس الجزائري تحذيرات مشددة إلى الوزراء "باليقظة والحذر من تبذير المال العام، واستهلاك ميزانيات إضافية غير مرصودة في البرامج المحددة، بينما هناك ما ينتظر التنفيذ في هذه البرامج".
وطالب بضرورة "تكثيف الاستشارة ما بين أعضاء الحكومة حول القرارات المؤثرة على التوازنات المالية الكبرى للدولة، والعمل على مواصلة الحفاظ على التوجهات الكبرى للجزائر بتعزيز قدرتها على عدم الاستدانة الخارجية".
خط سكة حديد إلى منجم غار جبيلات
في السياق، وافق مجلس الوزراء الجزائري، الثلاثاء، على صفقة إنجاز خط السكة الحديدية يربط بين منطقة بشار قرب الحدود مع المغرب ومنطقة تندوف، جنوبي الجزائر، على الحدود مع موريتانيا.
وقرر المجلس الوزاري البدء في الأشغال من قبل شركة صينية تعمل على الإنجاز بالشراكة مع الوكالة الجزائرية للدراسات، ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية وشركة الإنجازات الكبرى الجزائرية كوسيدار.
وأكد بيان للرئاسة الجزائرية أنّ تبون "أسدى تعليمات بتقليص آجال المشروع، وإنجاز ما تبقى من مشاريع خطوط السكك الحديدية، لمواصلة تقوية وتعزيز الاقتصاد الجزائري".
ويربط مشروع خط السكة الحديدية بين منجم غار جبيلات للحديد وبشار، جنوبي الجزائر، على مسافة 700 كيلومتر، والذي استعجل تبون إنجازه، بما يسمح بالبدء في استغلال منجم غار جبيلات بطاقة إنتاجية تبلغ ما بين 40 و50 مليون طن سنوياً.
وكان اتبون قد رفض، في إبريل/ نيسان الماضي، خطة قدمتها الحكومة لإنجاز خط السكة الحديدية إلى منجم الحديد غاز جبيلات، في مدة سبع سنوات حتى عام 2030.
وطالب الحكومة بتقليص المدة والاستعانة بشركات إنجاز دولية لاختصار المدة إلى أقل من ذلك، لأهمية المنجم، والذي يقع في العمق الجزائري قرب الحدود الجزائرية مع المغرب وموريتانيا.
وتقدر احتياطات هذا المنجم الضخم، والذي يعد من بين أكبر مخزونات الحديد في العالم، بثلاثة مليارات طن.
وتعطل استغلال هذا المنجم الضخم منذ أربعة عقود نتيجة الأوضاع المرتبطة بالنزاع في منطقة الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، حيث كانت الجزائر والمغرب قد وقعتا عام 1972 على اتفاق شراكة في المنجم وإنشاء شركة مختلطة، لكن التوترات السياسية واندلاع مشكلة الصحراء بداية من عام 1974، أسقط الاتفاق الجزائري المغربي، قبل أن تقرر الجزائر إعادة استغلاله.
وبدأت الجزائر أولى عمليات التفجير لإجراء الاختبارات اللازمة لاستغلال المنجم منذ يونيو/ حزيران الماضي، وقدرت الدراسات التي أنجزتها الحكومة الجزائرية كلفة المشروع بنحو 15 مليار دولار.
ويجري تنفيذ الاستغلال على ثلاث مراحل تنتهي الأولى في غضون 2024، يتم خلالها إنجاز البنية التحتية للمشروع ووحدة نموذجية للإنتاج، لتبدأ المرحلة الثانية حتى 2027، والتي سيتم خلالها إنتاج ما بين 2 و4 ملايين طن من خام الحديد، على أن يرتفع الإنتاج في المرحلة الثالثة بعد ذلك إلى ما بين 40 و50 مليون طن.