تؤكد إجراءات إعادة فتح الاقتصاد الصيني المتسارعة، وتراجع أسعار الغاز في أوروبا، كما تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة، أن الركود العالمي المنتظر قد لا يكون طويل الأمد، كما كانت التوقعات قبل أسابيع قليلة.
ولا شك في أن إشارات التحذير من دخول الاقتصاد الأميركي والعالمي في ركود ما زالت تومض، لا سيما مع ارتفاع معدل التضخم، وما صاحبه من رفع معدلات الفائدة خلال العام المنصرم بأعلى وتيرة منذ أوائل التسعينيات، إلا أن التطورات الحاصلة في الأسواق العالمية، وتحديداً منذ بداية العام الجاري، تشير بوضوح إلى عودة التفاؤل.
والشهر الماضي، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعام 2023، وتبدلت النظرة إلى الركود المتوقع في القارة العجوز، لتبعد الكثيرين عن القلق مما يمكن أن يحدث.
وخلال الفترة التي مضت من العام الجديد،
ارتفع مؤشر MSCI للأسهم العالمية بنسبة 8%، وبلغت علاوة المخاطرة على سندات الخردة Junk bonds، أو الديون المصنفة أقل من درجة الاستثمار، أدنى مستوياتها منذ الربع الثاني من عام 2022.ويرجع ذلك إلى التوقعات الوردية المرتبطة بفكرة الهبوط الناعم، والتي تقول إن الاقتصاد العالمي سوف يهدأ بما يكفي لتخفيض معدلات التضخم، ولكن ليس لدرجة انهيار أرباح الشركات.
وتوقعت وكالة رويترز أن تتحسن أرباح الشركات مقارنةً بالمستويات المتدنية التي تم تسجيلها العام الماضي، بالتزامن مع تراجع التضخم. وقالت إنه، باستثناء شركات الطاقة دائمة التقلب، من المتوقع أن تنمو ربحية السهم للشركات المدرجة في مؤشر MSCI للأسهم العالمية بنسبة 4.2% هذا العام، مقارنة بـ 1.8% المتوقع تسجيلها لعام 2022، وفقًا لبنك باركليز، ثم بنسبة 9.3% في عام 2024.
لكن ارتفاع الأسهم لا يعني أن العالم سيكون بمنأى عن الركود، رغم أن إعادة فتح الاقتصاد الصيني ستساهم بالتأكيد في الحد من الانكماش. ورغم الارتفاعات، لا يزال مؤشر MSCI للأسهم العالمية منخفضًا بنسبة 14%، عن الذروة التي تم تسجيلها في يناير/كانون الثاني 2022.
وسرحت بعض كبريات الشركات، مثل أمازون وميتا (فيسبوك) وآي بي أم، آلاف العاملين، إلا أن أغلب تلك التسريحات جاءت بعد إفراط شديد التفاؤل في التعيينات، خلال العامين الماضيين، في شركاتٍ تأثرت بوضوح من إعادة الفتح، وخروج المواطنين من منازلهم، وفقاً لروني ووكر، الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان ساكس. لكن في الوقت ذاته، يرى ووكر أن هذا الأمر لا يمثل الاقتصاد بمجمله، بل يمثل اقتصاد شركات التكنولوجيا فحسب.
وعلى الجانب الآخر، تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل حاد في يناير/كانون الثاني، وفقاً لبيانات وزارة العمل الأميركية.
وخلال نفس الشهر، وصل معدل البطالة في أميركا إلى أدنى مستوياته في نحو 53 عاماً، وهو ما أقلق أسواق الأسهم والسندات، بعدما سمح للبنك الفيدرالي من جديد بمزيد من اللهجة المتشددة.
ولا يبدو أن الجميع يتشارك النظرة المتفائلة، حيث ما زالت معدلات الفائدة في سوق سندات الخزانة الأميركية تشير بوضوح لتوقعات دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، بما تصوره من انقلاب منحنى العائد. ويعني ذلك ارتفاع العائد على السندات قصيرة الأجل، مقارنة بتلك طويلة الأجل، وهي إحدى العلامات الشهيرة التي تنذر بالركود.
وتشير توقعات المتعاملين في سوق السندات حالياً إلى رفع البنك الفيدرالي الفائدة على أمواله 50 نقطة أساس، وصولاً إلى نطاق 5%-5.25%، قبل أن يتم تخفيضها 25 نقطة أساس، لمرة واحدة على الأقل، قبيل نهاية العام الجاري، وفقاً لـ"رويترز".
وتوقع خبراء اقتصاديون، استطلعت رويترز آراءهم، عدم تجاوز معدل نمو الاقتصاد العالمي 2% هذا العام ، وهو مستوى ارتبط تاريخياً بانكماش اقتصادي كبير. وأشار هؤلاء إلى خطر أن يكون النمو العالمي بمعدلات أبطأ من ذلك.
(رويترز، العربي الجديد)