قالت وزارة الاستثمار السعودية إنها منحت حتى الآن 162 ترخيصًا لشركات لتقيم مقارها الإقليمية في المملكة في قطاعات تشمل الأدوية وتكنولوجيا المعلومات والبناء، إضافة إلى أن "الكثير من (التراخيص) الأخرى قيد المعالجة".
وأفادت في ردّ مكتوب على أسئلة من وكالة "فرانس برس" اليوم الأحد، أن الموعد النهائي لنقل مقار هذه الشركات لا يزال في الأول من كانون الثاني/يناير.
وردا على شكاوى بعض المسؤولين التنفيذيين من عدم وضوح تفاصيل البرنامج السعودي، أكدت الوزارة أن "الشركات المتعددة الجنسيات التي تشكل جزءًا من برنامج المقار الإقليمية ستكون في وضع جيد يمكنها من تقديم عروض لمشاريع تموّلها الحكومة السعودية".
وتابعت: "فقط الشركات المتعددة الجنسيات التي لديها مقار إقليمية في المملكة ستكون مؤهّلة للمناقصات والعقود التي تطرحها الجهات الحكومية".
موجة نقل للمقار
وتشهد الرياض موجة احتفالات "قصّ الشريط" لشركات متعدّدة الجنسية أُعطيت مهلة نهائية حتى الأول من كانون الثاني/يناير المقبل لتفتح مقار إقليمية لها في السعودية وإلا ستخسر فرصة التقدم لمشاريع حكومية.
وفي مشهد أصبح مألوفًا مؤخرًا، يلتقي مديرون تنفيذيون يرتدون بزات رسمية ومسؤولون سعوديون بالزي التقليدي لافتتاح المكاتب الجديدة، ويحتسون القهوة العربية فيما يتصاعد دخان البخور، ويشيدون بالاقتصاد السعودي، الأسرع نمواً بين اقتصادات مجموعة العشرين في 2022.
ويُنظر على نطاق واسع إلى "برنامج المقار الإقليمية" السعودي الذي أُعلن عنه في شباط/فبراير 2021، على أنه محاولة لمنافسة دبي في دولة الإمارات المجاورة والتي تُعتبر مقرّا مفضلًا للشركات العالمية العاملة في منطقة الشرق الأوسط.
ويقول محللون إن السؤال الكبير هو ما إذا كانت الشركات تقوم فقط بواجب فتح مكتب لها في الرياض للحفاظ على إمكانية الوصول إلى الأموال السعودية، أم إنها تتبنى فعليًا رؤية الحكومة لتحويل المملكة إلى مركز منطقة الشرق الأوسط.
ويرى الباحث في معهد "بايكر" للسياسات العامة التابع لجامعة "رايس" الأميركية كريستيان أولريخسن أن البرنامج هو "اختبار مبكر لمدى استعداد الشركات الأجنبية للامتثال للمبادرات السعودية والمشاركة فيها، أو ما إذا كانت ستسعى إلى حلول بديلة تجعلها تحتفظ بأغلبية الموظفين في الإمارات وتنتدب عددًا قليلاً منهم إلى السعودية".
وأضاف أولريخسن أن ذلك ينبغي أن يقدّم أيضًا مؤشّرات على ما إذا كانت مشاريع سعودية كبيرة ستنجح، مثل شركة الطيران الجديدة وكذلك المطار الجديد اللذين تم الإعلان عنهما هذا العام، ناهيك عن مشاريع ضخمة كمدينة نيوم المستقبلية العملاقة التي تبلغ كلفتها 500 مليار دولار.
تخطينا العقبات
وتُعرّف الرياض المقر الإقليمي لشركة ما بأنه مكتب يقدّم "الدعم والإدارة والتوجيه الاستراتيجي لفروعها والشركات التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، بحسب وزارة الاستثمار.
وافتتحت "مجموعة فنادق إنتر كونتيننتال" IHG Hotels & Resorts، مكتبًا جديدًا لها في الطابق 12 من ناطحة سحاب في المركز المالي في الرياض يعمل فيه 25 موظفًا في أقسام مختلفة تشمل إدارة الإيرادات والمبيعات والتسويق والتصميم والهندسة.
وقال رئيس منطقة الهند والشرق الأوسط وإفريقيا لدى المجموعة هيثم مطر خلال حفل افتتاح المكتب في الرياض في تشرين الأول/أكتوبر، إن المجموعة لديها وجود في المملكة منذ نحو 50 عامًا وتقدم بشكل نشط عروضًا لتولي مشاريع حكومية بما في ذلك تلك التي تُقام على ساحل البحر الأحمر، وتعتزم افتتاح عشرين فندقًا في كل أنحاء المملكة بين 2024 و2025.
لكنّه أكد لـ"فرانس برس" أن الشركة لديها أيضًا مكاتب في دبي وفي دول أخرى في المنطقة و"العمل سيتواصل في هذه المكاتب".
أما بالنسبة لعملية إنشاء مقر إقليمي في السعودية، فقد أقرّ بوجود بعض الثغرات التي ينبغي حلّها.
وقال: "لقد استغرقنا بعض الوقت وتخطينا العقبات للحصول على ترخيصنا لهذا المكتب. ومع ذلك، فنحن هنا الآن وهذا أمر رائع ونحن سعداء ومتفائلون بشأن ذلك".
ولفت إلى أن "كل هذا جديد على المملكة العربية السعودية... لذا علينا أن نكون مدركين لذلك. هناك الكثير من التجارب والأخطاء، والكثير من الإتقان لبعض العمليات، وأحيانًا تحتوي بعض الآليات على الكثير من الخطوات المعقدة".
أهداف طموحة
وروّجت وزارة الاستثمار للمنافع التي تتمتّع بها الشركات التي تفتح مقار إقليمية لها في السعودية، وبينها ميزة التقدم بطلب للحصول على تأشيرة عمل مدّتها غير محدودة والإعفاء لمدة عشر سنوات من حصص أو "كوتا" توظيف مواطنين سعوديين.
لكنها لم تحدد نوع الإعفاء الضريبي الذي قد تحصل عليه الشركات، وهو مسألة رئيسية بالنسبة للمديرين التنفيذيين.
ورغم ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة الهندسة والبناء الفرنسية "إيجيس غروب" "Egis Group" لوران جيرمان إنه ليس نادمًا على إنشاء مقرّ إقليمي لشركته في المملكة العام الماضي. وقد نصح الشركات الفرنسية الأخرى بفعل ذلك.
وأضاف: "لقد وصلنا إلى وضع الآن بات فيه أكبر قدر من الأنشطة في الشرق الأوسط (تحصل) في السعودية، وربما يكون الأمر كذلك على مدى السنوات العشر المقبلة".
وأكد جيرمان أنه لا ينظر إلى برنامج المقار الإقليمية في سياق التنافس بين الرياض ودبي، بل باعتباره رؤية أوسع لتحقيق أهداف الاستثمار الأجنبي "الطموحة للغاية"، وقال إن السعوديين "يتخذون كل الإجراءات الممكنة لزيادة الجذب إلى المملكة".
(فرانس برس)