باتت تحويلات المغتربين في السودان مرهونة بإصلاحات جديدة للاستفادة من أحد أكبر مصادر العملة الأجنبية، في وقت تناقصت إيرادات البلاد من العملات الصعبة. ويأتي ذلك وسط تصاعد شكاوى المغتربين من عدم وجود حوافز كافية تدفعهم إلى زيادة تحويلاتهم.
وقال الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج، مكين حامد تيراب، إن تفعيل دور السودانيين بالخارج والمهاجرين في التنمية السودانية مرهون بالتزام الدولة تجاه قضاياهم وحقوقهم والتي تمثل أول مفاتيح إعادة الثقة بينهم والدولة.
ويرى أن جهاز المغتربين يسعى مع مؤسسات الدولة ذات الصلة من أجل منح الحقوق للمغتربين بهدف تحقيق الأهداف الكلية للدولة والمنفعة بين السودانيين بالخارج والدولة وفق سياسات واضحة وثابتة وعادلة تجاه قضايا أبناء السودان بالخارج.
ويؤكد أن إجازة قانون مفوضية شؤون الهجرة والمهاجرين السودانيين تمنح الاستقلالية لقضايا المغتربين والمهاجرين السودانيين وتعطي الأولوية لملفات التعليم والإسكان والاستثمار والتأمين الصحي التي تعد من أهم مطالب المغتربين.
واعتمدت الحكومة في وقت سابق عدة إجراءات بغرض جذب مزيد من المدخرات، بعدما تدهورت الأوضاع الاقتصادية، ما أدى إلى تفاقم أزمة النقد الأجنبي.
اقتصاديون يرون أن تحويلات المغتربين لا تقل أهميتها الاقتصادية عن عائدات الصادرات، والمطلوب تنفيذ ما وعدت به الدولة تجاه المغترب.
وفي هذا السياق، يطالب الاقتصادي السوداني محمد النيل في حديثه لـ"العربي الجديد" بإعفاء المغترب من الرسوم الجمركية والرسم الموحد والتأمين الطبي لأسر المغتربين والتعليم الإلكتروني، لتشجيعهم على المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.
وحسب مراقبين، فإن سياسة فرض ضرائب على تحويلات المغتربين تعد أكبر عقبة في طريق جذب مدخرات المغتربين.
ويقدر الخبير الاقتصادي إبراهيم يحيى، في حديثه لـ"العربي الجديد تحويلات المغتربين بما يتراوح بين 6 و7 مليارات دولار سنوياً، ولكنه يرى أن مدخرات وممتلكات المغتربين بالخارج يمكن أن تصل إلى أضعاف هذا الرقم، مطالبا بتحديث وتفعيل القرار الصادر منذ عدة أعوام بشأن تسليم المغتربين تحويلاتهم بنفس العملة.
وقال الخبير الاقتصادي: "لا بد من وجود قوى دفع أخرى لزيادة التحويلات المالية مثل السماح للمغتربين بالتمويل العقاري، وغيرها من الحوافز التشجيعية التي تعمل على انسياب تحويلات المغتربين".
مسؤول بملف المغتربين، فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد" إن كل الحوافز التي تقدم للمغتربين هي استحقاق طبيعي ومن حقهم، مضيفا أن هناك خطوات جادة لتكوين روابط للمغتربين من أجل تحقيق طموحاتهم المتعلقة بالإقامة والسكن والتعليم والهوية والتأمين الصحي.
يطالب الاقتصادي السوداني محمد النيل في حديثه لـ"العربي الجديد" بإعفاء المغترب من الرسوم الجمركية والرسم الموحد والتأمين الطبي لأسر المغتربين
ويدعم الاقتصادي السوداني محمد الناير اتجاه الدولة لإنشاء بنك للمغتربين. واعتبرها قضية مهمة إلا أنه ربط الأمر بوجود مناخ مختلف يتسم بالاستقرار، مشيرا إلى أهمية تضييق الشقة بين السعر الرسمي وذاك الموازي للدولار مع وجود حوافز أخرى.
وأضاف الناير لـ"العربي الجديد": هذه مسؤولية البنك المركزي التي تكمن في توفير المناخ الجاذب للمدخرات ومن ثم تفتح باب الفرص أمامهم.
واعترض مغتربون على المصفوفة التي أعلنت عنها الحكومة السابقة بهدف جذب المدخرات لسد النقص في العملات الأجنبية والمساهمة في عجز الميزان التجاري، مقابل خدمات وإعفاءات تفيد المهاجرين.
وجاء الرفض لتلك المصفوفة التي تضمنت العديد من الحوافر لأنها، حسب المغتربين، لم تشمل الإعفاءات المتأخرة السابقة. وأشاروا إلى أن الرسوم المفروضة عليهم في المصفوفة الجديدة لا تناسب عمل كثيرين حيث تم تحديدها وفقاً للدرجة العملية والمهنية والتخصص، ما يفاقم أعباءهم.