تستهدف قوات الدعم السريع في السودان ضرب الجسور الرئيسة التي تربط المدن بالعاصمة الخرطوم، بالهجوم على جسري شمبات وجبل أولياء، ما يؤدي للمزيد من الشلل في حركة نقل المواطنين والسلع والبضائع.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي هيثم فتحي لـ"العربي الجديد": إن هجوم الدعم السريع على الجسور والطرق، تسبب في انهيارها بشكل كامل أو جزئي. وأوضح أن تلك الجسور لن يعاد بناؤها بسهولة لكلفتها العالية، كونها جسورا استراتيجية والبعض منها ثانوية صغيرة، الأمر الذي يؤدي لشلل في حركة المواطنين وإجبارهم على البقاء في مناطقهم وعزلهم عن المحيط الخارجي.
وأشار إلى أن عملية إعادة بناء تلك الجسور تحتاج لوقت ودعم مالي كبيرين، ودعا الحكومة إلى وضع إعادة بنائها ضمن قائمة أولوياتها لأهميتها على الصعيد الاقتصادي، والتجاري، والخدمي، والاجتماعي.
ولفت فتحي إلى الضرر الكبير الذي تعرضت له العاصمة الخرطوم في البنى التحتية مقارنة بالمدن السودانية الأخرى، وخروج كثير من الجسور نهائيا عن الخدمة، كما خلّف تمرد الدعم السريع على الجيش السوداني، تدميرا كاملا للبنى التحتية للاقتصاد، وأصبحت الحكومة بفعل هذا الصراع عاجزة عن توفير مستلزمات الحياة العادية، وانهارت الموارد الأساسية وتوقفت الوحدات الاقتصادية المنتجة، بعد أن كان السودان من الدول التي يعول عليها في توطين الغذاء لدول الجوار العربي والأفريقي.
وقال إن العاصمة تفتقر آنياً لأبسط مقومات البنى التحتية خاصة بعد تدمير جسري شمبات وجبل أولياء كما تعرض الكثير من المستشفيات للتدمير، بجانب نهب الممتلكات العامة والخاصة من قبل قوات الدعم السريع، وأصبح سكان العاصمة يتلقون المعونات الإنسانية، بعد توقف الحياة الاقتصادية رغم امتلاك السودان ثروات معدنية وزراعية هائلة.
وقال فتحي إن "الدعم السريع" انتهك وسلب منازل، ليخرج الناس من معاناة التدهور الاقتصادي منذ 2019 وتداعيات الثورة إلى مأساة الحرب.
ولم ينجُ السودانيون من التهجير القسري والنزوح عن بلادهم حماية لأرواحهم من القصف والاعتداء، حسب فتحي الذي أوضح أن عدد السودانيين الذين أجبروا على ترك منازلهم بسبب احتلالها من قبل الدعم السريع بحسب تقديرات غير رسمية يبلغ نحو 6 ملايين شخص، هرب نصفهم إلى خارج البلاد، والنصف الآخر نزح إلى مناطق أخرى داخل السودان، ما ادخل البلاد ضمن الدول المصدرة للاجئين.
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي كمال كرار في حديثه لـ"العربي الجديد" أن قصف وتدمير المنشآت المدنية يؤكد عبثية الحرب، ولامبالاة أطراف القتال بالخسائر وسط المدنيين والبنى التحتية. وقال إن استمرار القتال والتدمير للمنشآت الاقتصادية يشير لعجز طرفي القتال عن تحقيق انتصارات حقيقية، لذا فإنهما يبحثان عن نصر معنوي باستهداف الجسور وهي ليست منشآت عسكرية.
يرى المحلل الاقتصادي كمال كرار في حديثه لـ"العربي الجديد" أن قصف وتدمير المنشآت المدنية يؤكد عبثية الحرب
وقال المسؤول في وزارة الطرق والجسور أحمد الدرديري الخضر لـ"العربي الجديد" إن حرب الجسور من الحروب الخبيثة التي تمارسها المليشيات المتمردة وتستهدف بصفة أساسية تعطيل حركة الاقتصاد الراكد من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك والتصدير بالإضافة للبعد الاجتماعي لجهة أن الجسور تعمل كحلقة وصل بين المواطنين.
وأشار إلى تعثر الكثير من مشروعات الطرق والجسور في العقدين الماضيين بسبب ضعف التمويل وعدم توفر المادة الخام والتقنيات الحديثة وتعثر قيام جسر الدباسين لتعطل التمويل الصيني البالغ قدره 500 مليون دولار آنذاك وبسبب الضعف الإداري الذي ظل يلازم هذه المشروعات.