الشركات الألمانية تخشى فوز ترامب وتطبيقه "عقيدة مونرو" للرسوم الجمركية

01 نوفمبر 2024
محطة الحاويات "يورغايت" في ميناء هامبورغ الألماني، 14 مايو 2024 (أكسيل هايمكان/ فرانس برس)
+ الخط -

تعيش الشركات الألمانية حالة من الترقب لموعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الخامس من الشهر الجاري، في ظل احتدام التنافس بين مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب الذي يمنّي النفس بالعودة إلى البيت الأبيض. وعلى ما يبدو، فإن حظوظ فوز الأخير تضع برلين أمام مسارات جديدة في التعاطي مع الولايات المتحدة، لا سيما وأن تأثيرات كبيرة ستطاولها وأوروبا، وبالأخص من المجال الاقتصادي، فضلاً عن السياسي والأمني.

ووفقاً لتوقعات معهد إيفواليوم الصادرة الأربعاء، ستتراجع الصادرات الألمانية إذا ما وصل ترامب بنحو 15%، وإن العديد من الشركات الألمانية التي تعتمد على التصدير تخشى آثاراً سلبية على أعمالها، بخاصة صادرات السيارات والمواد الكيميائية والآلات، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى إعلانه أنه سيفرض تعريفات عقابية على المنتجات الألمانية. ومن ناحية أُخرى، ستواصل الولايات المتحدة التنافس مع الاتحاد الأوروبي كموقع من خلال الترويج للتكنولوجيات المستقبلية.

وفي السياق عينه، قدّر باحثون في المعهد الاقتصادي الألماني والمرتبط بأرباب العمل أخيراً إجمالي الأضرار التي قد تلحق باقتصاد البلد الذي يعد قاطرة اقتصادية للاتحاد الأوروبي، بنحو 180 مليار يورو خلال الولاية المحتملة لترامب على مدى أربع سنوات. وكل ذلك مرتبط أيضاً بمدى التأثيرات المترتبة بفعل التوترات السياسية الناجمة عن حرب أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والتوتر بين كيان الاحتلال وإيران، ووسط التقديرات بخسارة الناتج المحلي الإجمالي في نهاية ولايته بنسبة 1.5%.

الشركات الألمانية تنظر إلى ترامب بوصفه رجل صفقات

وبحكم أن ترامب مستفز ومشاكس، تفيد تحليلات بأن عودته إلى المكتب البيضاوي ستضع حلفاء أميركا من الأوروبيين أمام استراتيجية مربكة وابتزازية، في وقت تبدو المرشحة هاريس، كما الرئيس الحالي جو بايدن، منفتحة على تنمية العلاقات الثنائية والعمل مع الشركاء التجاريين، فيما ترامب سيتبع سياسة مغايرة ومشابهة لولايته السابقة، وهي سياسة أكثر انعزالية، ما سيجعل أوروبا تطرح مقاربات وجودية واستراتيجية على نفسها، من دون إغفال أن المرشح ترامب يستخدم القوة الاقتصادية للولايات المتحدة بشكل متزايد سلاحاً في السياسة الدولية. وقد وضع التكتل الأوروبي خطة استراتيجية مضادة إذا ما قام ترامب بفرض تعريفات حمائية، وسيواجه بزيادات مماثلة في التعريفات الجمركية.

وفي السياق، ثمة إجماع في أوساط الخبراء أنه لا بد من أخذ تهديدات ترامب على محمل الجد ومن منطلق أن رئاسته الثانية ستكون محملة بالعواقب البعيدة المدى على ألمانيا والاتحاد الأوروبي، وهو الذي يعد ملك الصفقات الذي لا يلعب وفق القواعد، ويركز فقط على المصالح الأميركية. وهذا ما دفع الباحث من المعهد النمساوي للأبحاث الاقتصادية، غابرييل فلبرماير، وفق ما نقلته عنه "دي تسايت"، إلى القول إن إرث ترامب الدائم هو أنه دمّر التجارة العالمية القائمة على القواعد وثقة الشركات الألمانية في شتى القطاعات.

ومن هنا، بحسب متابعين، فإن ترامب يعرض في خطاباته الانتخابية كيف يتصوّر السياسة الاقتصادية، وفيها على سبيل المثال، ترحيب بمصنّعي السيارات الألمانية ما داموا ينتجون في الولايات المتحدة. أما بخصوص التعريفات الأساسية على الواردات من الخارج، فمن المتوقع أن ترتفع الحواجز الجمركية سريعاً بنسبة 10% على الأقل، وفي إحدى الفعاليات في شيكاغو قال: "بالنسبة لي أجمل عبارة في القاموس هي التعريفات الجمركية". 

ما هي عقيدة مونرو لحماية الاقتصاد الأميركي؟

ويريد ترامب فرض تعريفات جمركية على جميع السلع المستوردة تقريباً وسيخفض الضرائب على الشركات، ما قد يدفع باتجاه حرب تجارية بين ضفّتي المحيط الأطلسي نتيجة لهذه السياسة. وثمة كلام مؤداه أن ترامب قد يطبق "عقيدة مونرو" أو المبدأ الذي أطلقه رئيس الولايات المتحدة الأسبق جيمس مونرو الذي انتخب عام 1817، حين كانت أميركا تعاني من مشاكل مماثلة لما تواجهه اليوم، ليعلن حينها أن نصف الكرة الأرضية يجب أن يكون خالياً من تدخل القوى الخارجية، وحيث كانت البضائع والسلع الأوروبية الرخيصة تغزو أسواق أميركا، ما أدى إلى تدمير صناعات محلية في البلاد، قبل أن يفرض الكونغرس رسوماً جمركية مرتفعة بشكل كبير على المنتجات المستوردة من الخارج لحماية الاقتصاد، ما أثمر نمواً في أميركا.

وفي ظل الحديث عن المحاذير الأوروبية، اعتبر الباحث في الشؤون الأوروبية إريك شوينمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأهم ليس القلق وحال عدم اليقين، بل الاستعداد والإقدام لتكون أوروبا قادرة على مواجهة أي قرارات متهورة من ترامب، وهو المعروف بأنه يجيد استخدام أساليب الضغط، وهذا ما خبره الأوروبيون"، مبيّناً أنه توجد في الولايات المتحدة نحو ستة آلاف شركة ألمانية تولّد نحو 900 ألف فرصة عمل.

وفي رد على سؤال عن خشية الشركات الألمانية والأوروبية عموماً من العقوبات الأميركية رغم أنه ليست لها أي شرعية قانونية على الأراضي الأوروبية، أشار شوينمان إلى أن الشركات والبنوك الأوروبية تتأثر بالتغيرات في السياسة الخارجية لواشنطن، وتسعى للتكيّف مع سلوكها، لأن الولايات المتحدة تتمتع، من خلال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك)، بسلطة فرض العقوبات، فيما لدى هذه الشركات خشية من الاستبعاد من السوق الأميركية المهمة، وعن الدولار باعتباره العملة الاحتياطية الدولية.  

المساهمون