يترقب الثلاثيني سفيان قرطاس، القاطن بمعية أسرته بمدينة الدار البيضاء قرارات حكومية جديدة كي يشد الرحال إلى شمال المغرب، من أجل البحث عن فرصة عمل في أحد الفنادق أو المطاعم.
اضطر في العام الماضي إلى العودة من مدينة طنجة إلى مدينته، بعدما أقفل المطعم الذي كان يعمل به على مدى ثلاثة أعوام. تلقى مساعدات على مدى ثلاثة أشهر بقيمة مائتي دولار في الشهر من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، غير أن ذلك الدعم توقف، كي يجد نفسه عرضة للبطالة.
وطاولت البطالة منذ بداية الجائحة معظم عمال السياحة والمطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه والحفلات والتظاهرات، وهي قطاعات ترتهن بشكل كبير للطلب الذي يعبر عنه في فصل الصيف.
وتفيد المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) أن معدل البطالة وصل إلى 12.5 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، إلا أن الشباب هم الأكثر عرضة للبطالة في الربع الأول من العام الحالي، حيث انتقلت بين المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما من 26.8 في المائة إلى 32.5 في المائة، وبين حاملي الشهادات من 17.8 في المائة إلى 19.8 في المائة.
كما سفيان ينتظر الآلاف من الشباب توضيح الرؤية من أجل السعي في الأرض كي يبحثوا عن فرص عمل جديدة، أو يستعيدوا فرصة عمل ضاعت بسبب الفيروس، علما أن العديدين منهم يعولون على فصل الصيف الذي يشهد ذروة النشاط في الفنادق والمطاعم والأسواق الواقعة في المدن الساحلية.
وسيساعد ذلك على انتعاش سوق الشغل في قطاع السياحة وقطاع الخدمات، خاصة في حال عودة المغتربين المغاربة، الذين لم يحلوا في الصيف الماضي بالمملكة، التي اعتادت على استقبال ثلاثة ملايين منهم في تلك الفترة.
يبدي أمين التوس العامل بأحد الفنادق بمراكش الذي ظل مفتوحا رغم تباطؤ وتيرة النشاط، تفاؤلا كبيرا حول عودة السياح اعتبارا من يونيو/ حزيران الجاري، خاصة بعد أن قررت الحكومة تخفيف التدابير بالإعلان أخيرا عن إعادة فتح قاعات السينما وعودة الحفلات والأنشطة مع الامتثال لتدابير احترازية مشددة.
يشدد التوس على أنه رغم عدم وضوح الرؤية حول فتح الحدود من أجل عودة السياح في الصيف المقبل، إلا أن المهنيين متفائلون، بالنظر لحجم الحجوزات التي تأتي أصحاب الفنادق من سياح أجانب ومحليين.
وسيكون على المهنيين والشباب الباحث عن فرص عمل ترقب قرارات جديدة بعد المجالس الحكومية الأسبوعية، كما حدث في الأسبوع الماضي، عندما أعلنت الحكومة عن عودة التظاهرات والأنشطة وقاعات السينما والمسرح، التي ينتظر أن تنعكس إيجابا على سوق الشغل.
ويراهن المستثمرون في القطاع السياحي على تخفيف التدابير المرتبطة بحالة الطوارئ، خاصة تلك التي لها علاقة بالتنقل بين المدن، حيث إن رفعها أو تخفيفها سيفضي إلى إقبال السياح المحليين على المدن الساحلية كما حدث بمناسبة عيد الفطر الأخير عندما ضاقت الفنادق بعملائها.
غير أن العديد من المستثمرين يأملون في اتخاذ قرارات تهم النقل الجوي، خاصة مع البلدان التي لا تعرف تفشيا للجائحة، مع تخفيف التدابير ذات الصلة بالحجر عند الحلول بمطارات أو موانئ المملكة، مع الاكتفاء بالاختبارات أو شهادة التلقيح.
وتراجعت إيرادات السياح في الأربعة أشهر الأولى من العام الحالي بأكثر من 65 في المائة، حيث بلغت 660 مليون دولار، حسب مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، ما يجعل المستثمرين يراهنون على الصيف لعودة السياح الأجانب والمحليين بهدف تقليل خسائرهم.
ويتيح قطاع السياحة الذي يساهم بنحو 7 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، حوالي 550 ألف فرصة عمل مباشرة، غير أن ذلك القطاع عانى بسبب الجائحة ما انعكس على فرص العمل.
ويتصور رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، نور الدين حراق، أن تخفيف التدابير المشددة في الصيف سيساعد على انتعاش العديد من الأنشطة التي ترتبط بالسياحة، حيث سيرتفع الطلب على خدمات المقاهي والمطاعم، ما يفضي إلى إنعاش فرص العمل.
ولا يخفي مسؤول عن متجر بأحد مولات الدار البيضاء، توفيق فرتوح، في حديثه لـ"العربي الجديد" أهمية عودة النشاط السياحي بالنسبة إلى القطاع التجاري، فهو يتصور أن تزامن الصيف مع تدفق السياح المحليين والأجانب على مدينة مثل الدار البيضاء، سيساعد على انتعاش نشاط الأسواق والمتاجر الكبرى.
ويرى فرتوح أن ذلك سيفضي إلى توفير فرص عمل جديدة واستعادة تلك القديمة، بعد الكساد الذي تسبب فيه الفيروس، وزج بعدد كبير من العاملين في البطالة، علما أن العديد منهم لم يكن مصرحا بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كي يستفيدوا من مساعدات الدولة.