في الوقت الذي ألغت فيه السلطات الصينية العديد من ضوابط فيروس كورونا، وتتجه نحو إعادة الفتح الكامل للاقتصاد، قالت تقارير صينية إن الحكومة تتطلع إلى إعطاء الأولوية للتعافي الاقتصادي وتحقيق الاستقرار في التوظيف لعام 2023، بدلاً من الاستمرار في سياسة "صفر كوفيد" التي لم تحقق نجاحات تذكر بعد، بل وأثارت غضب الشباب.
ومن المقرر أن يناقش كبار المسؤولين في الصين تحديد معدل النمو المستهدف للعام المقبل عند 5%، وسط التحول الأخير في سياسة "صفر كوفيد" الصارمة وبدء التركيز على التعافي الاقتصادي، حسبما ذكرت وكالة "بلومبيرغ" نقلاً عن مصادر على دراية بالأمر.
ووفقًا للمصادر، يرى بعض المسؤولين أن تحديد معدل مستهدف مرتفع نسبياً من شأنه أن يساعد الحكومات المحلية على تحويل تركيزها عن ضوابط "كوفيد-19" للعمل على تعزيز نمو الاقتصاد.
من المقرر أن يناقش كبار المسؤولين في الصين تحديد معدل النمو المستهدف للعام المقبل عند 5%، وسط التحول الأخير في سياسة "صفر كوفيد"
وذكر المكتب السياسي للحزب الشيوعي، وهو أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب، في بيانه الصادر الأربعاء، أن الصين تسعى إلى إحداث تحول في الاقتصاد خلال 2023 وتعزيز ثقة السوق بشكل كبير.
وستتم مناقشة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المستهدف خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، الذي يُعقد في غضون أسبوع من اجتماع المكتب السياسي في ديسمبر الجاري.
ويرى تحليل بصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، اليوم الأربعاء، أنه وفق تحول السياسة، الذي تم التطرق إليه خلال اجتماع هيئة صنع القرارات الرئيسية في الصين يوم الثلاثاء، من المقرر أن تجري بكين تعديلات رئيسية لدفع النمو الاقتصادي وسط تدهور الطلب الخارجي على بضائعها.
ويتوقع محللون أن يكون عام 2023 هو العام الذي ستعمل فيه القيادة العليا الجديدة في عهد الرئيس شي جين بينغ على تعزيز الانتعاش الاقتصادي الصيني، مع توقع دعم مالي ونقدي قوي من الحكومة الصينية للقطاعات الانتاجية حتى منتصف العام المقبل على الأقل، بالإضافة إلى المزيد من الإجراءات العلاجية المقدمة لتحسين ثقة السوق.
وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) صباح الأربعاء، نقلاً عن بيان عقب اجتماع المكتب السياسي: "للعام المقبل، يجب أن نجعل الاستقرار الاقتصادي على رأس أولوياتنا، وأن نواصل التقدم مع ضمان الاستقرار".
وشهدت الصين أسوأ بيانات تجارية شهرية لها منذ حوالي عامين ونصف، حيث تعكس أرقام نوفمبر/ تشرين الثاني الخسائر الفادحة التي تسببت بها سياسة عدم انتشار فيروس كورونا الصارمة في البلاد هذا العام.
شهدت الصين أسوأ بيانات تجارية شهرية لها منذ حوالي عامين ونصف، حيث تعكس أرقام نوفمبر/ تشرين الثاني الخسائر الفادحة التي تسببت بها سياسة صفر كوفيد
ووصف رئيس غرفة التجارة في الاتحاد الأوروبي في الصين، يورج ووتكي، أحدث بيانات الاستيراد الصينية بأنها "صادمة تمامًا". وقال إنها تُظهر كيف أن "الاقتصاد ضعيف حقًا"، مشيرًا إلى تغييرات سياسة صفر كوفيد: "لذلك، حان الوقت لتغيير السياسة، وهذا ما فعلوه".
وأضاف: "الآن من المهم ألا يتخبطوا، عليهم أن ينفذوا هذه السياسات، وأن يستمعوا إلى السوق، وأن يتواصلوا مع الناس، وألا يقدموا فقط جرعة معززة للقاحات، ولكن أيضًا جرعة معززة في المشاعر، مما يشير إلى أن الناس يمكن أن يتعايشوا مع هذا في النهاية".
من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في شنغهاي في Hang Seng China، دان وانغ، صباح الأربعاء في برنامج Squawk Box Asia على قناة CNBC: "عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ، هناك الكثير من التناقضات بين الإدارات المختلفة والمناطق المختلفة".
وكانت الصين اتخذت خطوة أخرى يوم الأربعاء نحو الغاء ضوابط Covid-19 الصارمة التي أثارت الاحتجاجات في البلاد وهددت النمو الاقتصادي. ومن المتوقع أن يساهم رفع القيود في بدء دورة انتعاش جديدة بعد الانكماش الذي عاشته البلاد خلال العام الجاري.
ونسب تقرير بصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى بيان حكومي القول إن السلطات خففت متطلبات الحجر الصحي والاختبار وقلصت من سلطة المسؤولين المحليين لإغلاق مجمعات سكنية بأكملها ورفع الحواجز أمام السفر المحلي.
يضيف البيان الصادر عن مجلس الدولة مزيدًا من الأدلة على محور أسرع من المتوقع من جانب بكين بعيدًا عن الضوابط التي أصبحت غير شعبية ومكلفة بشكل متزايد - والتي فشلت في منع تفشي Covid الأسوأ والأكثر انتشارًا في البلاد.
ويأتي هذا التحول في السياسة بعد مظاهرات حاشدة الشهر الماضي ضد قواعد الوباء والتي كانت الأكبر التي شهدتها الصين منذ عقود.
وستسمح تدابير التخفيف واسعة النطاق لمرضى كوفيد الذين يعانون من أعراض خفيفة أو بدون أعراض بالعزل في المنزل، بدلاً من نقلهم إلى مرافق الحجر الصحي الحكومية. كما سيتم إلغاء معظم متطلبات اختبار الفيروسات ومسح رموز QR الصحية عند دخول المبنى.
وحسب الإجراءات الجديدة، لن يحتاج المسافرون المحليون بعد الآن إلى تقديم اختبار فيروس سلبي أو فحص رموزهم الصحية عند الوصول إلى مقاطعة أخرى. كما تمنع القواعد الجديدة المسؤولين من إغلاق الأحياء بشكل تعسفي، ومن إغلاق الشركات وتقييد قدرة السكان على ممارسة حياتهم اليومية.