أصابت العاصفة الثلجية، التي اجتاحت عدة دول عربية، أسواق هذه الدول بالشلل وتعطل حركة العمل وإغلاق الموانئ والطرق، ما تسبب في ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية وأجهزة التدفئة، التي زاد الإقبال عليها خلال الأيام الماضية.
وتأثرت الأردن وفلسطين وسورية ولبنان بالعاصفة الجوية، التي أطلق راصدون جويون عليها
اسم "هدى".
وزادت العاصفة من معاناة السوريين، لقلّة المشتقات النفطية وارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية، وفق عمر العلي، أحد سكان ريف إدلب المحرر، شمال سورية، في تصريح لـ"العربي الجديد".
وأشار العلي إلى عدم توفر مادة الخبز في معظم مناطق ريف إدلب، فضلاً عن ارتفاع أسعار الخضر والمنتجات النفطية، حيث وصل ليتر المازوت إلى 200 ليرة، وأسطوانة غاز الطهي إلى 550 ليرة.
وشهد الأردن تساقطاً للثلوج واكتست العديد من المناطق بالثوب الأبيض، وأعلنت مديرية الأمن العام، أمس، عن إغلاقات للطرق في العديد من المناطق، مع استمرار التحذيرات للمواطنين بعدم الخروج إلا للضرورة القصوى.
كما طالبت الهيئة البحرية الأردنية السفن في المنطقة الشمالية بمغادرة وإخلاء المنطقة تحسباً لأي طارئ بسبب الأحوال الجوية.
وتسببت الثلوج بإغلاق الطرق، وخصوصاً في محافظات "جرش" و"عجلون" و"إربد"، شمالي البلاد، فيما كانت الحكومة قررت، أمس الثلاثاء، تعطيل كافة الدوائر الحكومية، أمس.
وعانى المواطنون من انقطاعات التيار الكهربائي منذ ليلة الأربعاء، رغم تأكيدات وزارة الطاقة وشركات الكهرباء جاهزيتها للتعامل مع الظروف الجوية المتوقعة، حيث شمل انقطاع التيار مناطق شمال ووسط الأردن بما فيها العاصمة عمان.
وعلى الصعيد الاستهلاكي، قال مسؤول حكومي، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة صرفت للمخابز حوالي 20 ألف طن من الطحين بالسعر المدعوم منذ يوم السبت الماضي، لضمان استمرارها في العمل ومواجهة الطلب المرتفع على الخبز بسبب العاصفة "هدى".
وقال نقيب أصحاب المخابز، عبد الاله الحموي، لوكالة الأناضول، إن حصيلة البيع خلال الأربعة أيام ما قبل العاصفة، وصلت إلى أكثر من 90 مليون رغيف خبز، وهو ما يكفي لإطعام 25 مليون نسمة، على حد قوله.
وأعلنت نقابة أصحاب محطات المحروقات عن بيع أكثر من مليون أسطوانة غاز، ما تسبب بإرباك كبير بهذا القطاع.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال نقيب تجار المواد الغذائية، سامر جوابرة، إن إنفاق الأردنيين على المواد الغذائية بدون الخبز، بلغ خلال اليومين الماضيين حوالي 14 مليون دولار، بزيادة بلغت نسبتها 100% عن الأيام الأخرى، حيث خزن المواطنون كميات كبيرة من المواد الغذائية.
وفي فلسطين، أدى سوء الأحوال الجوية إلى اضطراب الحركة التجارية في قطاع غزة، فشحنات
السلع والبضائع الواردة للقطاع تراجعت إلى الربع تقريباً، كما توقفت الحركة الاقتصادية في الضفة الغربية.
وقالت هيئة تنسيق إدخال البضائع إلى قطاع غزة، في بيان صحافي، أمس، إن 120 شاحنة محمّلة بالسلع والبضائع، دخلت إلى قطاع غزة، إضافة إلى كمية من الوقود الصناعي لصالح محطة توليد الكهرباء.
وبحسب البيان، فإن سوء الأحوال الجوية وموجة البرد التي تتعرض لها الأراضي الفلسطينية، حالت دون تجهيز ودخول العدد المعتاد للشاحنات اليومي، والبالغ بين 400 إلى 450 شاحنة.
كما اضطرت عائلات فلسطينية إلى النزوح من منازلها الواقعة في مناطق كانت قد تعرضت للغرق بمياه الأمطار والصرف الصحي خلال المنخفض الجوي "اليكسا" الذي ضرب قطاع غزة العام الماضي.
وعملت طواقم "الدفاع المدني" خلال اليومين الماضيين على إحاطة البيوت المتنقلة، "الكرفانات"، التي يقيم فيها أصحاب المنازل التي دمرت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، بسواتر رملية خشية تعرضها للغرق بمياه الأمطار، كما حدث خلال المنخفض الجوي الذي ضرب القطاع في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وشن الاحتلال الإسرائيلي، في السابع من يوليو/ تموز الماضي، حرباً على قطاع غزة استمرت 51 يوماً، أدت إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، بالإضافة لتدمير عشرات آلاف الوحدات السكنية.
كما تأثر التيار الكهربائي، وأعلنت شركة توزيع الكهرباء عن زيادة عدد ساعات قطع التيار، ليصل إلى 18 ساعة يومياً، في وقت لا تتجاوز ساعات الوصل 6 ساعات في اليوم.
وفي الضفة الغربية، وبعد يوم ارتفعت فيه حركة الشراء إلى أكثر من 4 أضعاف، وخاصة الخبز والغاز، أصيبت القطاعات الاقتصادية والأسواق بشلل تام.
وأغلقت معظم المحال التجارية أبوابها في الضفة الغربية، باستثناء المخابز ونسبة من الصيدليات ومحطات الوقود والغاز.
وكان يوم الثلاثاء قد شهد ازدحاماً كبيراً أمام محال تعبئة الغاز المنزلي والمخابز في مدن وقرى الضفة الغربية، ما تسبّب بحدوث نقص حاد في الغاز، حتى فترة متأخرة من مساء ذلك اليوم، فيما ارتفاعت مبيعات الخبز بنسبة 400% لتصل إلى 2.6 مليون رغيف، حسب نقابة أصحاب المخابز.
وارتفعت أسعار عديد من السلع الاستهلاكية لأسباب عزاها التجار لانخفاض درجات الحرارة، ما قلّل من الإنتاج وزيادة الطلب على السلع.
وقال رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، صلاح هنية، إن أسعار الخضروات الرئيسية ارتفعت بنسبة وصلت إلى 80% منذ مطلع الأسبوع الجاري، بحجة زيادة الطلب عليها خلال الأيام الماضية، وانخفاض درجات الحرارة التي قللت من الإنتاج.
وأضاف هنية أن أسعار السلع الأخرى، التي تعد من مستلزمات الشتاء، شهدت ارتفاعات متتالية
منذ نهاية الأسبوع الماضي، كأجهزة التدفئة الكهربائية وتلك التي تعمل بالغاز، والملابس الشتوية بأنواعها، وأسطوانات الغاز والشموع وأجهزة الإنارة المشحونة مسبقاً، مشيراً إلى ارتفاع أسعار أجهزة التدفئة الكهربائية بنسبة تراوحت بين 10 و20% خلال الأسبوع الجاري.
وقال نائب نقيب أصحاب محطات الوقود، نزار الجعبري، إن التجار رفعوا أسعار أسطوانات الغاز بنسبة 10% عمّا كانت عليه نهاية الأسبوع الماضي، بسبب زيادة الطلب عليها.
وأضاف الجعبري أن الزيادة في مبيعات المحروقات، منذ بداية الأسبوع الحالي، بلغت 25%، عن الفترة نفسها من الشهر الماضي، وتركزت في سلع الكاز (الكيروسين) والغاز والديزل، وهي أكثر ثلاثة مشتقات تستخدم في التدفئة في الأراضي الفلسطينية.