العالم يخشى عودة التضخم في حال توسعة رقعة الحرب ...زيادات متوقعة في أسعار النفط والسلع

06 أكتوبر 2024
إسرائيل تواصل تدمير بيروت، 3 أكتوبر 2023، (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصعيد الحرب الإسرائيلية إلى صراع إقليمي قد يرفع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، مما يعيد التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، مشابهاً لما حدث بعد حرب أوكرانيا في 2022.

- رغم المخاوف من ارتفاع أسعار النفط، قد يخفف ضعف الاقتصاد الصيني والأوروبي وارتفاع إنتاج النفط الأميركي واحتياطي البترول الاستراتيجي من حدة الارتفاع.

- تحليل "رابو بنك" يضع سيناريوهين لمنطقة اليورو: التصعيد الناعم يؤدي إلى تضخم طفيف، بينما التصعيد الصعب قد يرفع أسعار الطاقة ويطيل الركود حتى 2025.

من شأن تصعيد الحرب الإسرائيلية الجارية حالياً واحتمالية تحولها إلى صراع إقليمي واسع النطاق أن يكون له تأثير خطير على الاقتصاد العالمي، من حيث زيادة معدل التضخم وأسعار سلع رئيسية وتعقد الإمدادات، وربما لن يؤدي التصعيد إلى ارتفاع أسعار الطاقة فحسب، بل قد يؤدي أيضاً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وبالتالي عودة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وسياسة التشدد النقدي، وهو السيناريو الذي تكرر عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022.

وقال محللون لشبكة ABC News الأميركية، إن التصعيد المحتمل للحرب يمكن أن يتسبب في ارتفاع كبير في أسعار النفط وإشعال التضخم في الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى زيادات في أسعار مجموعة من السلع الأساسية من البنزين إلى البلاستيك.

لكن ارتفاع التضخم لن يقتصر على الولايات المتحدة وحدها، حيث إنه من المتوقع أن يمتد إلى جميع دول العالم. وربما يسبب ارتباك حقيقي في السياسة النقدية لدى البنوك المركزية الكبرى التي قضت قرابة عامين في خفض التضخم عبر سلسلة من زيادة الفائدة وارتفاع الدولار.
وعلى الرغم من أن اضطرابات سلاسل التوريد لم تحدث في وقت سابق من الحرب الجارية، كما كان يخشى بعض المحللين، فإن ارتفاع أسعار النفط في حال توسع الحرب لتشمل إيران ستكون له آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي.

وكانت دراسة لوكالة بلومبيرغ نشرتها "العربي الجديد" يوم الأربعاء، قد توقعت في أسوأ سيناريو أن تكلف الحرب الاقتصاد العالمي تريليون دولار، وربما ترفع أسعار النفط إلى 150 دولاراً.

وعلى الرغم من استبعاد ذلك في ضوء المعطيات الحالية، حيث لا يزال سعر النفط أقل بكثير من ذروة عام 2022 التي تم الوصول إليها عندما اصطدم الانتعاش الاقتصادي الساخن بنقص الإمدادات الذي فرضته الحرب الروسية الأوكرانية.

لكن يقول خبراء إن توسع الحرب قد يعيد أسعار النفط والغاز إلى الارتفاع بشدة هذه المرة. وإضافة إلى مضيق هرمز الإيراني فإن الحرب قد تؤثر بشكل مباشر على قناة السويس وخليج عدن الذي يقع تحت نفوذ جماعة الحوثي، كما تمر كابلات الإنترنت تحت مياه البحر الأحمر. وذلك ببساطة لأن إيران منتج كبير للنفط كما أنها كذلك صاحبة أهم ممر للنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالطاقة، حيث إن مضيق هرمز يمر به نحو 17.5 مليون برميل يومياً من النفط بالإضافة إلى ناقلات الغاز الطبيعي.

في هذا الشأن، قال جيسون ميلر، أستاذ إدارة سلسلة التوريد في جامعة ميشيغان، لشبكة ABC News الأميركية: "إن مصدر القلق الأكبر سيكون التصاعد الحاد في أسعار النفط الخام". ولا يؤثر ارتفاع النفط فقط على ارتفاع أسعار البنزين، ولكن يعد مدخلاً مباشراً لكل عملية تصنيع تقريباً، كما يرفع أسعار نقل السلع، وبالتالي فإنه من المتوقع أن يجلب صدمة تضخمية أخرى".

على الرغم من أن هنالك مجموعة من العوامل يمكن أن تخفف حدة ارتفاع النفط في حال دخول إيران الحرب، من بينها ضعف الاقتصاد الصيني والأوروبي وارتفاع إنتاج النفط الأميركي واحتياطي البترول الاستراتيجي لدى الدول الغربية، ولدى الولايات المتحدة احتياطي استراتيجي يبلغ 594.7 مليون برميل، وفق بيانات معلومات الطاقة الأميركية في نهاية العام 2021.
وقال ميلر من جامعة ولاية ميشيغان: "لدينا اقتصاد صيني ضعيف واقتصاد أوروبي ضعيف، وهذا يدفع الطلب على النفط إلى الانخفاض في الوقت الحالي". وتابع ميلر: "في الوقت الحالي، من وجهة نظر العرض، لا يوجد قلق. إلا إذا اشتد الصراع لدرجة أنك بدأت ترى أنه يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بشكل كبير".
أما العامل الثاني الذي يمكن أن يخفف حدة ارتفاع الأسعار، فهو ارتفاع الإنتاج الأميركي ولجوء أميركا لضخ النفط في الأسواق من الاحتياط النفطي الاستراتيجي. ووفقا لأحدث تقرير أسبوعي عن حالة البترول صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، يبلغ متوسط إنتاج النفط اليومي منذ بداية العام حتى الآن 13.2 مليون برميل يومياً، وهذا أعلى بنسبة 6.5% من الإنتاج القياسي للعام الماضي البالغ 12.5 مليون برميل يوميًا.
وفي أوروبا، يراقب بنك إنكلترا المركزي أزمة الشرق الأوسط وسط مخاوف من أن الصراع المتفاقم بين إيران وإسرائيل سيجعل من المستحيل تحقيق استقرار أسعار النفط وترك الاقتصاد العالمي عرضة لصدمة الطاقة على غرار ما حدث في السبعينيات.
وقال أندرو بيلي، محافظ البنك البريطاني، إنه يراقب التطورات "عن كثب شديد" وإن هناك حدوداً لما يمكن القيام به لمنع ارتفاع تكلفة النفط الخام إذا "ساءت الأمور حقاً".

وفي مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية، يوم الخميس، أشار بيلي إلى احتمال أن يصبح البنك "أكثر عدوانية قليلاً بالسياسة النقدية"، أي في خفض أسعار الفائدة التي تترقبها الأسواق للمساعدة في النمو الاقتصادي. وبعد فترة وجيزة من نشر هذه المقابلة على الإنترنت، انخفض الجنيه الإسترليني بنحو سنت واحد إلى أدنى مستوى له خلال أسبوعين.
على صعيد منطقة اليورو، كان التأثير الاقتصادي يكاد يكون معدوماً حتى الآن حيث اقتصر في معظمه على الأطراف المعنية. ولكن في تحليل لمصرف " رابو بنك" فإن تصعيد الحرب إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط يمكن أن يكون له تأثير خطير على الاقتصاد الأوروبي.

ووضع التحليل سيناريوهين للتداعيات على منطقة اليورو، وهما التصعيد الناعم والتصعيد الصعب. وفي سيناريو التصعيد الناعم، يرى أن التوترات ستمتد إلى الدول المجاورة مثل مصر. حيث إن انقطاع التجارة وتدفق الطاقة عبر قناة السويس هو ما يجب مراقبته في هذا السيناريو. ومن الممكن أن تؤدي مثل هذه الاضطرابات إلى تضخم أسعار الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم في منطقة اليورو.

كما سترتفع أسعار الفائدة وأسعار المواد الغذائية بشكل طفيف في منطقة اليورو. ويقول، إن من شأن ذلك أن يطيل فترة الركود التضخمي طوال العام الجاري 2024، قبل أن ينتعش النمو تدريجياً في عام 2025.
وفي سيناريو التصعيد الصعب، ربما يتم جر إيران أو حتى السعودية بسبب حدودها مع اليمن إلى الحرب. وفي هذه الحالة سترتفع أسعار الطاقة إلى مستويات قياسية، مع استمرار أسعار الفائدة وأسعار المواد الغذائية في الارتفاع.

وهذا من شأنه أن يطيل أمد الركود الاقتصادي في منطقة اليورو، ويدفع النمو إلى الانخفاض بنسبة 0.1% في العام الحالي وسيكون التعافي بطيئا للغاية، حيث من المتوقع أن يبلغ النمو 0.5% فقط في عام 2025.

المساهمون