العدوان يُفرِغ شِباك الصيادين في غزة: الاحتلال يمنع المراكب ويستهدفها

08 يونيو 2024
تحضير الشباك في رفح، 25 إبريل 2024 (جهاد الشرفي/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الاحتلال الإسرائيلي يستهدف قطاع الصيد في غزة، مما يؤثر على مصدر دخل أكثر من 4500 صياد بمنعهم من الوصول لمناطق الصيد وملاحقة قواربهم، ما يحرمهم من توفير القوت لعائلاتهم.
- الحصار يشمل إغلاق البحر ومنع دخول المعدات اللازمة للصيد، مع تعطل مئات القوارب وجعل 95% من المحركات غير صالحة للعمل، والصيادون يواجهون خطر الملاحقة وإطلاق النار.
- العدوان تسبب في نزوح عائلات وتدمير مواسم الصيد الرئيسية، مع محاولات الصيادين التغلب على الأزمة بطرق بدائية وسط قيود وخطر مستمر، مما يعكس الوضع الإنساني الصعب للصيادين في غزة.

يستكمل الاحتلال الإسرائيلي الإبادة والتجويع الجماعي عبر استهداف مراكب الصيادين في غزة وملاحقتهم، مانعاً إياهم من توفير قوت عائلاتهم.

وخسِر الصياد الفلسطيني محمد رضوان عمله على قاربه الصغير بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي للشهر التاسع على غزة، والذي دمّر مُختلف القطاعات المعيشية والاقتصادية، ومنها قطاع الصيد، الذي يضم ما يزيد عن 4500 فلسطيني كانوا يمتهنون الصيد لتوفير قوت أسرهم.

ويتشارك مع رضوان في الواقع الصعب آلاف الصيادين الذين فقدوا مصدر دخلهم الوحيد بفعل الإغلاق الإسرائيلي الكامل للبحر في المناطق التي تصفها إسرائيل بأنها "مناطق قِتال خطيرة"، فيما لا تختلف الخطورة كثيرا في المناطق التي يدّعي الاحتلال أنها "مناطق إنسانية آمِنة"، حيث تُلاحق الزوارق الحربية قوارب الصيد وتطلق النيران والقذائف عليها بشكل مباشر ودون أي تحذيرات مُسبقة.

محاصرة الصيادين في غزة

وتتزايد التأثيرات الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذي انطلقت شرارته بعد حِصار بري وجوي وبحري مُطبِق على قطاع غزة، مُنِع على أثره الصيادون من العمل بحُرية داخل بحرهم، فيما كانوا يُلاحقون داخل الأميال البحرية المُتاحة للصيد، علاوة على إغلاق المعابر ومنع دخول المُحركات ومُعدات الصيد وقطع الغيار اللازمة للصيانة، ومادة الفيبرغلاس المُخصصة لصناعة وترقيع القوارب، ما تسبب بتعطل المئات منها وخروجها عن العمل دون القدرة على إصلاحها، فيما كان نحو 95 في المائة من المُحركات غير صالح للعمل.

ويقول محمد رضوان لـ"العربي الجديد"، إن مهنة الصيد في قطاع غزة من المهن الخطيرة حتى ما قبل الحرب، بفعل المُلاحقات الإسرائيلية، وإطلاق النار المُباشر، واعتقال الصيادين، إلى جانب مُصادرة مراكبهم، وتمزيق شباكهم، ومنع دخول المواد الخام وقطع الغيار اللازمة لإصلاح الأضرار، إلا أن العدوان كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر مهنتهم ومصدر دخلهم الوحيد.

ويوضح رضوان، الذي نزح من مُخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين برفقة أسرته المكونة من أربع بنات وثلاثة أبناء، منهم اثنان متزوجان، نحو مُخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، أنه توقف عن العمل الذي يُتقنه ويتشارك فيه مع أشقائه وبني عمومته، ويقول "تربينا على حُب البحر، وباتت مهنة الصيد المهنة الأساسية لعائلتنا ومصدر دخلها الوحيد".

ولم يتمكن الصيادون الفلسطينيون من تجاوز التسعة أميال في رحلات صيدهم حتى ما قبل العدوان، على الرغم من اتفاقية أوسلو التي تم توقيعها بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي والتي تنص على أن المسافة المسموح بها تصل حتى 20 ميلاً بحرياً، كما كانت الزوارق الإسرائيلية تُهاجم الصيادين وتطلق النار عليهم داخل المساحات المسموح بها.

أما الصياد الفلسطيني عائد أبو ريالة، فقد تعرض لخطر الموت خلال عمله، وعن ذلك يقول "بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ونحن في البحر، وقد بدأ إطلاق النار على الصيادين من كافة الاتجاهات، ما تسبب باستشهاد عدد منهم، فيما لم يختلف الحال خارج البحر، إذ تواصل القصف الإسرائيلي على المنازل والمدنيين، وتسبب باستشهاد ونزوح الآلاف".

العدوان متواصل

وفي مُحاولة منه لتجاوز أزمة الانقطاع عن مهنة الصيد بعد نزوحه من مدينة غزة نحو مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، يلفت أبو ريالة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه تشارك مع صديقه في "حسكة" (قارب صغير يتم تحريكه بالمجاذيف اليدوية)، بسبب المنع التام لعمل المراكب التي تُدار بالمُحركات.

ويُشير أبو ريالة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يتوقف عن استهداف المدنيين في المناطق التي يُعلن عبر وسائل الإعلام أنها مناطق إنسانية آمنة، حيث "يواصل القصف والاستهداف برا، فيما لا تتردد الزوارق الحربية بمهاجمة القوارب الصغيرة التي تعمل على سواحل المناطق التي يقول الاحتلال إنها آمنة، ويتغنى بالأمان الموجود فيها عبر نشر صور لفلسطينيين يسبحون، وآخرين يصطادون، إلا أن الواقع عكس ذلك".

ويلفت أبو ريالة إلى أن الاستهداف الإسرائيلي المباشر وإطلاق النار المتواصل يدفع الصيادين للانسحاب خارج البحر والعودة مُجددا بعد انسحاب الزوارق، مبيناً أن السبب وراء تلك المُخاطرة يعود لضرورة توفير قوت يوم أسرته المكونة من خمسة أفراد، ففي "الكثير من الأيام السابقة خرجنا من البحر ولم نتمكن من العودة بفعل كثافة النيران".

ويوضح الصياد الفلسطيني أيمن عبد العال أن الصيد في الوقت الطبيعي لم يكن مُجدياً بفعل التقييد الإسرائيلي وفرض مساحات مُحددة، إلى جانب منع دخول المعدات اللازمة، بينما انعدم الدخل بشكل شبه كامل في وقت الحرب، إذ باتت مهنة الصيد بلا مقابل مادي، خاصة في ظل تضاعُف حالة الخطر، المترافقة مع النقص في مختلف المواد الغذائية، وتضاعف أسعار الكميات المتوفرة.

ويلفت عبد العال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنماط تقليدية يتبعها الصيادون خلال الحرب، وهي طُرق بدائية وغير مُجدية نظراً لاعتمادها على الصيد في منطقة لا تتجاوز مئات الأمتار من الشاطئ، ومنها طريقة الجر، عبر رمي الشِباك في الماء ليوم كامل وسحبها في اليوم التالي، كذلك طريقة الطرح، ويتم فيها إلقاء الشبكة بشكل عشوائي على مجموعات السمك التي تتم رؤيتها على الشاطئ.

ويوضح عبد العال وقد بدا الإنهاك واضحاً على ملامحه، أن العدوان على قطاع غزة، وإلى جانب الدمار الكبير في المُنشآت والبنية التحتية، تسبب في تدمير مواسم الصيد، ومنها موسم أسماك السردين والسكمبلة، والتي كانت تضج بها الأسواق من مطلع شهر مايو/ أيار حتى شهر يونيو/ حزيران من كل عام.