شهدت أسعار الصرف تراجعاً جديداً للعملة العراقية، في السوق الموازية حيث تجاوز سعر الدولار الواحد حاجز 1640 ديناراً.
وحذر خبراء اقتصاد من فقدان الدينار قيمته النقدية تدريجياً بسبب استمرار عمليات تهريب الدولار، وإجراءات البنك المركزي العراقي التي ساهمت في استمرار ارتفاع الدولار لدى السوق الموازي واستغلال المضاربين لحالة السوق.
أسباب داخلية وخارجية
وقال الباحث في الشأن المالي علي الحياني، إن "ما يحدث من ارتفاع متزايد في سعر صرف الدولار مقابل الدينار يدل على عدم سيطرة البنك المركزي العراقي على عمل المصارف في البلاد، فضلاً عن عدة عوامل داخلية وخارجية أدت إلى هذا الارتفاع السريع".
وأضاف الحياني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "أسباب ارتفاع سعر الدولار الداخلية تتمثل بتصريحات مسؤولي البنك المركزي الأخيرة، المتضمنة إيقاف تسليم الحوالات الخارجية بالدولار، فضلاً عن تزايد الطلب على الدولار في السوق الموازي". وأشار إلى أن "العوامل الخارجية تتمثل بالوضع العام في المنطقة وأهمها ما يحدث الآن في فلسطين (طوفان الأقصى)، الأمر الذي دفع المضاربين إلى استغلال حالة الإرباك النقدي في المحيط الإقليمي وربطه بالسوق العراقية". وشدد الحياني على "أهمية اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق المضاربين والمخالفين، والعمل على حماية العملة الوطنية من فقدان قيمتها النقدية".
الدولار لا يصل إلى المسافرين
وحذر مختصون من عمليات التلاعب والفساد في الأموال المخصصة من قبل البنك المركزي العراقي للمسافرين، والتي تشهدها البنوك ومكاتب الصرافة المخولة لدى نافذة بيع العملة عن طريق بيع الدولار المباشر للمسافرين الوهميين أو الرشوة المباشرة لموظفي تلك المؤسسات.
وقال الباحث الاقتصادي، أحمد صباح، إن "الدولار المخصص للمسافرين لا يصل إليهم، بسبب عمليات الفساد والتلاعب والرشوة التي تشهدها منافذ بيع الدولار الرسمية للمسافرين، مما خلف انعكاسات خطيرة على واقع السوق العراقي".
وحذر صباح، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، من "توقف نافذة بيع العملة للمسافرين وعدم وصول أموالهم بانسيابية وسهولة، لأن ذلك سيساهم في تزايد الطلب على الدولار، مما يؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل أكبر، ينعكس بشكل مباشر على المستوى العام للأسعار". وأكد، أن "أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار حالياً ليست نقدية وتقنية فحسب، إنما هي أزمة سياسية واقتصادية، تقف وراءها أجندات وجهات متنفذة هدفها استمرار حالة الفوضى، لتحقيق أكبر عائد من الأرباح على حساب المواطنين العراقيين". وأوضح صباح أنّ "الدولار الذي يخصص للمسافرين، يذهب باتجاه عمليات تمويل الأنشطة التجارية مع إيران عن طريق نقل الأموال مباشرة عبر الحدود من دون اللجوء إلى إجراءات التحويل الدولي الرسمي، والممنوعة عليها بسبب العقوبات الأميركية".
في السياق، حذر عضو مجلس النواب العراقي، نايف الشمري، من "فقدان قيمة الدينار العراقي وإحداث حالة من الإرباك والفوضى في السوق المحلية العراقية"، داعياً "الحكومة والبنك المركزي لاتخاذ السبل الكفيلة بالحد من ارتفاع سعر صرف الدولار". وأكد الشمري في تصريحات إعلامية اليوم، أن "الدينار العراقي بدأ يفقد قيمته تدريجياً، مما يشكل خطراً على الاقتصاد العراقي، مبيناً أن المتضرر الأكبر من التغيّر المستمر في تغيرات سعر الصرف المستمرة هو المواطن العراقي". وقال الشمري، في حديث صحافي، إن فقدان الدينار قيمته النقدية خلال فترة وجيزة يتطلب اتخاذ إجراءات أكثر جرأة من قبل البنك المركزي والسلطة المالية العراقية، مشدداً على أهمية السيطرة على سعر الصرف الموازي.
إجراءات جديدة
من جانبه أكد البنك المركزي العراقي "استمرار بيع الدولار للمسافرين دون توقف على الرغم من وجود عمليات احتيال طاولت الكثير من المواطنين من بينهم شخصيات مهمة بالدولة العراقية" مشدداً، على سعي إدارته "للعمل على تخطي المشاكل ومتابعة الشكاوى المقدمة من قبل المسافرين".
وفي حديثه لـ"العربي الجديد" قال مدير عام دائرة الاستثمار والتحويلات الخارجية في البنك المركزي، مازن صباح، إنّ "البنك يعمل على تذليل كافة المشاكل، وتوفير التسهيلات اللازمة للمسافرين للحصول على الدولار بشكل طبيعي". تابع صباح أنّ "البنك المركزي سيفتتح منافذ جديدة لتسليم الدولار للمسافرين داخل مطارات بغداد الدولي، والبصرة والنجف، عن طريق عدد من شركات الصرافة المسجلة رسمياً، والتي تمتلك عدة فروع في مختلف المحافظات، ليتمكن المسافر من ايداع المبلغ المالي بالدينار العراقي، واستلامه داخل مطار بغداد بالسعر الرسمي (132 ألف دينار لكلّ 100 دولار)". وأكد أنّ "افتتاح هذه الشركات داخل مطار بغداد الدولي تحديداً يختصر الكثير من الإجراءات الروتينية والإدارية والتدقيقية المتبعة لدى المصارف الحكومية، وتخفيف الزخم الحاصل فيها، مع ضمان حصول المسافر على الدولار".