تلقّت الحكومة العراقية عروضاً استثمارية من شركات أجنبية عدة لمعالجة ملف النفايات، من خلال إنشاء محطات لتدويرها واستغلالها في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، لإنقاذ البلاد من النفايات وما تشكله من مخاطر على تلوث البيئة، وفي نفس الوقت تساهم في حل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر.
وبالرغم من حاجة العراق الماسة لمعالجة ملف النفايات واستغلالها في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، فضلا عن حاجته الملحّة للطاقة الكهربائية التي استنزفت موازناته منذ عام 2003، إلا أن هذه المشاريع ما زالت تواجه عقبات كبيرة تعرقل تنفيذها.
وقال عضو لجنة الطاقة والنفط في البرلمان العراقي، أمجد العقابي، في بيان له، إن "عددا من الشركات قدمت مقترحات لإنشاء محطات لتدوير النفايات في بغداد من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية، إلا أن هذه الشركات اقترحت بأن يكون فرز النفايات من قبل الأهالي، كما هو الحال في الدول المتقدمة"، مستبعدا نجاح هذه الفكرة، كون أغلب الأهالي لا يتمتعون بثقافة لفرز النفايات.
وأضاف أن "معظم الشركات قدمت أفكاراً لإنشاء محطات حضارية داخل بغداد، لتخليص العراق من النفايات المكدسة، إضافة إلى تشغيل الكثير من الأيدي العاملة. إلا أن خلافاً وقع بين وزارة الكهرباء وشركة ترغب في إنشاء المحطة عرقل الاتفاق، حيث ترى وزارة الكهرباء أن 160 دولارا للميغاواط الذي فرضته الشركة سعر مرتفع جداً".
إنتاج الكهرباء
من جهته، قال عضو لجنة الخدمات النيابية، النائب جاسم البخاتي، لـ"العربي الجديد"، إن "المشاورات حول مشروع استخراج الطاقة الكهربائية في العراق عبر استغلال النفايات وصلت إلى مراحل متقدمة". وأوضح أن أمانة مجلس الوزراء جعلت ملف تدوير النفايات من أولوياتها خلال المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تلقّيها جملة عروض استثمارية من شركات أجنبية، من بينها شركة كويتية وأخرى تركية".
وأوضح أن "العراق ذاهب في هذا المجال بالاعتماد على الوكالة الأميركية للطاقة التي أخذت على عاتقها تنظيم المؤتمرات ودعوة الشركات التخصصية وجميع الأطراف المعنية في هذا الملف، إلى إزالة العقبات التي تقف عائقا أمام استثمار ملف النفايات في العراق، الذي من الممكن أن يوفر للدولة إيرادات تُقدر بمليارات الدولارات".
وأضاف أن "مشروع استثمار النفايات سيذهب باتجاهين: إمام استثمار النفايات في مجال الطاقة الكهربائية ومن ثم بيعها إلى وزارة الكهرباء بأسعار أقل من تلك التي يتم استيرادها من دول الجوار، أو يذهب باتجاه تصنيف النفايات من قبل المستثمر وبيعها كمواد أولية تدخل في المجال الصناعي".
معدل خطر للنفايات
يشار إلى أن كمية النفايات في العراق ارتفعت بمختلف أنواعها لتصل إلى أكثر من 9 آلاف طن يوميا، بحسب إحصائيات صدرت عن أمانة بغداد في عام 2019، ما يعادل أضعاف ما كانت ترفعه كوادر البلديات قبل 17 سنة، لتمثل معضلة كبيرة لم يتم إيجاد حلول لها بشكل جذري. ومن جهته، قال المستشار في وزارة الكهرباء هاشم الشديدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "العراق نجح في تهيئة الأجواء الملائمة لجذب شركات الاستثمار الأجنبية والعربية في مجال تدوير النفايات وتحويلها إلى طاقة كهربائية، باستخدام تكنولوجيا الجيل الرابع الذي ينتج أكثر من 37 ميغاواط لكل ألف طن، بينما ينتج الجيل الثالث الذي يستخدم في أغلب دول الجوار ومنها تركيا نحو 17 ميغاواط لكل ألف طن".
وأضاف أن "بعض الشركات قدمت عروضاً لاستثمار النفايات في مجال الطاقة إلى وزارة البلديات وأمانة بغداد للتعاقد معها"، مؤكداً أن وزارة الكهرباء ستتعهد بشراء الطاقة المنتجة من هذه المشاريع الاستثمارية الناجحة، والتي تعتبر الأولى من نوعها في العراق".
وبيّن الشديدي أن "العراق سيستفيد من الطاقة المتولدة من النفايات والطاقات الصديقة للبيئة مثل الشمسية والرياح"، فيما نوه إلى أن "الهدف من إنشاء هذه المشاريع ليس توليد الطاقة فقط، وإنما لغرض المحافظة على الصحة والبيئة العامة وإظهار البلد بأفضل صورة".
ثروة كبيرة
وفي السياق، قال خبير الطاقة عبد الكريم القيسي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن النفايات في العراق تُعد ثروة كبيرة جداً، لكن للأسف لم يتم الاستفادة منها، بسبب حرقها أو دفنها بشكل خاطئ ولم تستثمر بطريق متطورة، في وقت تمتلئ فيه مناطق وأزقة العاصمة بغداد بالنفايات، نتيجة للقصور الحكومي في استغلال هذه الثروة أسوة بالدول الأخرى".
قال خبير الطاقة عبد الكريم القيسي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن النفايات في العراق تُعد ثروة كبيرة جداً، لكن للأسف لم يتم الاستفادة منها
وأوضح أن إحدى "الشركات قدمت عرضا لشراء الطن الواحد من النفايات بمبلغ خمسة دولارات، ومن ثم تبيع الطاقة المنتجة لصالح وزارة الكهرباء بـ 4.5 سنتات لكل كيلوواط، بينما يستورد العراق الطاقة من إيران بـ 11 سنتا لكل كيلوواط، وهو ما يؤكد أن الجهات المعنية بهذا الشأن غير جادة في إصلاح الوضع الاقتصادي للبلد بقدر ما تهمها المصالح الحزبية والشخصية".
وأشار خبير الطاقة إلى أن "النفايات في العراق باتت تشكل رقماً صعباً، لا سيما وأن العراق يخلّف يومياً في بعض الأحيان ما يقارب 15 ألف طن من النفايات، لم يتم استغلالها منذ سنوات".