سيتلقى العراقيون الذين يُبلّغون عن جرائم الفساد والاختلاس المالي نسبة 3% من حصيلة تلك الأموال تودَع في حسابهم المصرفي في البنوك مع الحفاظ على سرية هوية الشخص المُبلّغ، وفقا لما أُعلن، يوم الثلاثاء، من قرار اتخذته هيئة النزاهة العراقية، أعلى سلطة تنفيذية في البلاد مكلفة بمعالجة آفة الفساد المالي التي تعصف بالمؤسسات والدوائر الحكومية والعامة في العراق منذ ما يزيد عن 20 عاما.
ويهدف الإجراء الجديد الذي يطابق من حيث الفكرة آلية المكافأة المالية المعمول بها في الإبلاغ عن العمليات الإرهابية، إلى تحقيق المزيد من النجاح في محاصرة جرائم الفساد التي تكبد البلاد سنويا ما لا يقل عن 5 مليارات دولار، بين هدر مالي واختلاس وإضرار متعمد وغير متعمد بالمال العام، وفقا لمسؤول عراقي بارز في بغداد.
وكشف المسؤول لـ"العربي الجديد" عن إجراءات أخرى سيتم الإعلان عنها قريبا، من بينها إلزام موظفي عدد من الوزارات المهمة بالكشف سنويا عن ذممهم المالية مع زوجاتهم وأبنائهم وأشقائهم.
وتتفاوت تقديرات المسؤولين حيال قيمة ما خسره العراق جراء الفساد، بين 450 إلى 650 مليار دولار بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وقعت أغلبها في الفترة بين 2006 و2014، إبان حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، التي شهد فيها العراق جرائم فساد ضخمة، خصوصا في مشاريع البنية التحتية وتلك المتعلقة بقطاعات الإسكان والصحة والتعليم والطرق والجسور والطاقة وتسليح الجيش، ما عدا الانتهاكات الإنسانية والحقوقية الممنهجة والواسعة.
وأمس الثلاثاء، قال النائب وعضو اللجنة المالية في مجلس النواب معين الكاظمي إن "هيئة النزاهة رصدت مكافأة قدرها 3% من أموال الفاسدين المُسترجعة، تمنح للمُبلّغين عن الكسب غير المشروع وتضخم الأموال".
وأضاف في تصريحات للصحافيين ببغداد، أن "المواطن ليس مجبرا على الإفصاح عن اسمه، ويستطيع الاتصال عبر الموقع الإلكتروني لهيئة النزاهة أو الخطوط الساخنة، وإذا أفصح المواطن عن اسمه وتم التوصل إلى نتائج إيجابية باستعادة الأموال فستكون له نسبة 3% منها"، مبينا "كلما ترتفع الإيرادات ستكون نسبته أكبر، وهذا تشجيع للمواطنين بالحصول على مكافأة مالية من هيئة النزاهة".
والاثنين الفائت، كشفت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، عن عزم البرلمان تشريع قانونين خلال لفترة المقبلة، الأول هو قانون استرداد الأموال، وقانون "من أين لك هذا؟"، بعد انتهاء العطلة التشريعية، نهاية الشهر الحالي، مشيرة إلى أنهما سيكونان "صمامَي أمان" لإعادة المبالغ المنهوبة وتقويض الفساد في مفاصل ودوائر الدولة.
وذكرت عضو اللجنة ضحى القصير، في تصريح صحافي، أن "القانونيين سيحاسب فيهما الموظفون الصغار وأصحاب الدرجات الخاصة وكبار المسؤولين، من خلال تسليم ذممهم المالية ومقارنة الممتلكات التي حصلوا عليها أثناء الخدمة".
وقال مسؤول عراقي في هيئة النزاهة ضمن دائرة التحقيقات لـ"العربي الجديد"، إن الإجراءات الجديدة تهدف إلى جعل مهمة مكافحة الفساد تشاركية بين الجميع، كما حدث في مهمة مكافحة الإرهاب".
وأضاف أننا "نخسر سنويا ما لا يقل عن 5 مليارات دولار جراء الفساد المنظم المنظور وغير المنظور، وهذا يشمل الرشى والتلاعب بالعقود والصفقات والاختلاس والإضرار بالممتلكات والتحايل في الأصول المالية وغيرها، والمتورط فيها موظفون في الدولة بمختلف المؤسسات، وللأسف هناك سند ودعم سياسي لهم".
وتابع المسؤول ذاته أن "إجراءات أخرى سيتم الإعلان عنها قريبا، من بينها إلزام موظفي عدد من الوزارات المهمة بالكشف سنويا عن ذممهم المالية مع زوجاتهم وأبنائهم وأشقائهم"، معتبرا أن بعض الذين يهاجمون الفساد ويطالبون بسن تشريعات لضرب الظاهرة، متورطون في ملفات فساد ضخمة وإثراء فاحش، بينهم مسؤولون سابقون كبار بدرجة رئيس وزراء ووزراء، عدا عن زعامات سياسية وفصائلية"، وفقا لقوله.