هدر العالم العربي أكثر من 40 مليون طن من الغذاء انتهت في مكبّات النفايات، في الوقت الذي تعتبر بلدان المنطقة من أكبر البلدان استيراداً للغذاء الذي ما فتئت ترتفع أسعار مدخلاته في العالم في الفترة الأخيرة.
وقال التقرير الأخير لبرنامج الأمم للمتحدة للبيئة إن المواد الغذائية المهدرة عبر العالم وصلت إلى 931 مليون طن، ما يمثل 17 في المائة من الأغذية المتاحة للمستهلكين في عام 2019، حيث تساهم الأسر بنسبة 61 في المائة، والمطاعم بنسبة 26 في المائة، وتجارة التجزئة بنسبة 13 في المائة.
وكانت منظمة الزراعة والأغذية قد لاحظت، في تقرير لها، أن الأسر ليست المسؤولة الأولى عن هدر الغذاء، بل إن ذلك يحدث في مختلف مراحل الزراعة، مؤكدة أن المنتج غالباً يهدر قبل أن يصل إلى المستهلك، وهو ما يؤكده خبراء يشيرون إلى ضياع المحاصيل في مراحل الحصاد والجني والنقل.
واتضح من تجميع "العربي الجديد" بيانات المنظمة حول كل دولة من دول العالم العربي أن الأغذية التي أهدرت في المنطقة، والتي تتعدى 40.1 مليون طن، تمثل حوالي مليون شاحنة تتسع كل واحدة منها لـ40 طناً.
وأفاد استقراء بيانات تقرير برنامج الأمم للمتحدة أن مصر تأتي في مقدمة البلدان المهدرة للأغذية في المنطقة العربي، بـ9 ملايين طن، يصل حجم مساهمة كل فرد في ذلك بحوالي 91 كيلوغراماً في العام.
وتتقدم مصر بلدان شمال أفريقيا على مستوى إهدار الأغذية، ليليها السودان بـ4.16 ملايين طن، والجزائر بـ3.91 ملايين طن، والمغرب بـ3.31 ملايين طن، وتونس بـ 1.06 ملايين طن، وليبيا بأكثر من 513 ألف طن، وموريتانيا بـ450 ألف طن.
وجاءت العراق في مقدمة البلدان المهدرة للأغذية في منطقة الشرق الأوسط بـ4.73 ملايين طن، متبوعة بالسعودية بـ3.59 ملايين طن، واليمن بـ 3.02 ملايين طن، وسورية بـ1.77 مليون طن، والأردن بـ939 ألف طن، والإمارات العربية بـ923 ألف طن، ولبنان بـ717 ألف طن، وفلسطين بـ501 ألف طن، وعمان بـ470 ألف طن، الكويت بـ397 ألف طن، وقطر بـ267 ألف طن، والبحرين بـ216 ألف طن.
ويتضح من بيانات التقرير أن مساهمة الفرد في إهدار الطعام تصل في العراق إلى 120 كيلوغراماً في العام، ثم السعودية ولبنان بـ105 كيلوغرامات، واليمن بـ104 كيلوغرامات، و100 كيلوغرام في موريتانيا، بينما تتجاوز 90 كيلوغراماً في البلدان الأخرى، وتصل إلى أدنى مستوى في ليبيا، كي تستقر في حدود 76 كيلوغراماً.
وكان تقرير للبنك الدولي قد أكد أن ما بين 14 و19 في المائة من إنتاج الحبوب في المنطقة العربية يتم هدره، في الوقت نفسه تعرف المنطقة هدر 16 في المائة من الخضر، و45 في المائة من الفواكه، و13 في المائة من اللحوم، و28 في المائة من الأسماك، و18 في المائة من الحليب، وفق تقرير للبنك الدولي.
وسبق لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن قدرت الخسائر على مستوى الغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ250 كيلوغراماً للفرد الواحد في العام، وهو ما يمثل 50 مليار دولار بالنسبة لجميع بلدان المنطقة سنوياً.
ويأتي هدر الأغذية في العالم العربي في ظل ارتهان دوله للاستيراد، إذ إنّ حصة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من واردات السلع العالمية تصل إلى حوالي 12 في المائة، وهو ما دفع مع الجائحة إلى التأكيد أنّ الأزمة التي تخترق سلاسل القيم العالمية جراء انتشار الفيروس ستكون لها تأثيرات كبيرة على الاستهلاك والأمن الغذائيين.
ويتضح أنه تحت تأثيرات تراجع إنتاج بعض السلع الفلاحية وتدابير الحد من التصدير ولجوء الصين إلى تأمين مخزون كافٍ من تلك السلع، ارتفعت أسعار الذرة والصويا والسكر والأرز وزيت النخيل والقمح في السوق الدولية، إذ إن بعض الأسعار لم يشهده السوق منذ ستة أعوام.
وأفضى هذا التوجه في السوق إلى التأثير على موازنة المستهلكين، إذ وصلت أسعار الأغذية إلى أعلى مستوى لها منذ 2014، بحسب مؤشر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وهو ما ترده إلى ارتفاع مؤشرات أسعار السكر والقمح والزيوت.
ويعتبر تقرير برنامج الأمم للمتحدة للبيئة أن "هدر الأغذية له آثار بيئية واجتماعية واقتصادية كبيرة. على سبيل المثال، في وقت لا يزال فيه العمل المناخي متأخراً عن الركب، ترتبط ما بين 8 و10 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بالأغذية التي لا يتم استهلاكها".
ويؤكد برنامج الأمم للمتحدة للبيئة أنه "مع تأثر 690 مليون شخص بالجوع في عام 2019، من المتوقع أن يرتفع الرقم بشكل حاد مع فيروس كورونا، بالإضافة إلى ثلاثة مليارات شخص غير قادرين على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي".