تراجع سعر صرف الليرة السورية، اليوم الثلاثاء، إلى أدنى مستوى بتاريخ البلاد، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 3500 ليرة، وتعدى سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة 4250 ليرة، بحسب ما أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" من العاصمة السورية دمشق.
وأكدت المصادر أن "الإقبال على تبديل الليرة كبير هذه الفترة رغم مخاطر التعامل بالدولار"، لأن الثقة فقدت بالمطلق بأي تحسن لسعر الليرة "بعد اقتصار السلطات على ملاحقة الصرافين وإغلاق مكاتب الصرافة من دون أي تدخل بالسوق أو تحريك أسعار الفائدة المصرفية".
كما سجلت أسعار السلع والمنتجات في الأسواق السورية ارتفاعات" هي الأعلى على الاطلاق منذ عشر سنوات" كنتيجة لانهيار سعر الليرة.
وكمؤشر على "جنون الأسعار" بحسب وصف المصادر، وصل سعر الفروج ولأول مرة إلى 7 آلاف ليرة، وتعدى سعر كيلوغرام السكر 2300 ليرة سورية، وكيلو الطماطم 1300 ليرة، وسعر ربطة الخبز "أقل من 2 كلغ" ألف ليرة بالسوق السوداء، رغم أن سعرها الرسمي مائة ليرة، متسائلة "فكروا بهذه الأسعار وماذا يمكن أن يأكل السوري الذي لا يزيد دخله عن 60 ألف ليرة.. وليس كل السوريين لديهم دخلاً ثابتاً".
وبدأ تهاوي سعر العملة السورية الكبير منذ العام الماضي، حيث خسرت الليرة نحو 211% من قيمتها، بعد أن دخلت العام بسعر صرف 900 ليرة للدولار الواحد في السوق الموازية، وأقفل العام على 2800 ليرة مقابل العملة الأميركية.
واستمر التراجع منذ بداية العام الجاري، لتسجل الليرة أدنى سعر، بواقع انكشاف الاقتصاد وتراجع الموارد وزيادة الحصار والعقوبات الاقتصادية، والأهم، برأي مراقبين، التمويل بالعجز وطرح نظام الأسد الورقة النقدية الأكبر، 5000 ليرة، مطلع العام 2021.
أسباب الانهيار
ويقول الاقتصادي السوري فارس عبد الله إن لزيادة عرض العملة السورية، بعد طرح فئة 5 آلاف، دور مهم بتهاوي سعر الصرف الذي نراه اليوم، ولكن هناك أسباب أخرى كثيرة، منها اقتصادي يتعلق بزيادة الاستيراد والطلب على الدولار وتراجع موارد القطع الأجنبي من الصادرات، وصفرية السياحة التي اقتصر تنشيطها على " إعلان النظام أول من أمس عن عودة فتح السياحة الدينية للإيرانيين والعراقيين".
ويضيف عبد الله خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن "التجار يلجؤون للسوق السوداء لتأمين الدولار لتسديد عقود الاستيراد، بعد توقف النظام بالكامل عن تمويل التجارة أو منح رجال الأعمال الدولار بالسعر الرسمي 1256 ليرة".
وأشار إلى أن " طريق لبنان، سواء عبر تبديل الليرة للحصول على الدولار أو السحب من المصارف، قد أقفل بالكامل "بل العكس، ربما يأتي مدخرو الليرة بلبنان، سواء اللبنانيون أو السوريون، ويبدلونها بالدولار من الأسواق السورية".
ويشير الاقتصادي السوري إلى أن صمت أصحاب القرار بحكومة الأسد، وعدم اتخاذ أي إجراء سوى ملاحقة المتعاملين بغير الليرة، يزيدان من المخاوف وتوقعات الانهيار لعملة فقدت أي معادل لها، سواء من العملات الأجنبية والمعادن الثمينة، أو من الإنتاج "، بل رأينا اليوم حاكم المصرف المركزي السابق دريد درغام يوصي بضرورة ترشيد استيراد مشروب المتة والبحث عن خلطات عشبية محلية يمكن تصنيعها وتصديرها، حيث إن سورية تستورد 20 ألف طن متة سنوياً من الأرجنتين، بسعر نحو 30 مليون يورو".
ويتوقع الاقتصادي السوري أن يستمر تراجع سعر الليرة السورية، بواقع زيادة استيراد القمح والمشتقات النفطية بالعملات الأجنبية، ما يزيد من خلل العرض والطلب في السوق، خاصة إن أقدم النظام على زيادة تمويل عجز الموازنة بالعجز وطبع أوراق نقدية في روسيا.