الغلاء يحرم ليبيين من سلة رمضان
يعاني الليبيون من أزمات خانقة خاصة في المناطق النائية وجنوبي البلاد، ويشتكي الكثيرون منهم من ضيق الحال خلال شهر رمضان وعدم الحصول على الحد الأدنى للعيش الكريم على الرغم من وعود الحكومة بحلحلة الأزمات.
وشهدت أسعار السلة الغذائية في موسم الصيام (مجموعة السلع الرمضانية)، ارتفاعا بلغ 12.8%، خلال الفترة الأخيرة، وفقا لدراسات غير رسمية.
وأكد عدد من المواطنين لـ"العربي الجديد"، أن مختلف الأسر استغنت عن اللحوم الحمراء على سبيل المثال، لعدم القدرة على شرائها، فسعر اللحوم المحلية بلغ 45 دينارا للكيلوغرام (الدولار = 4.5 دنانير)، في حين بقي الحد الأدنى للأجور 450 دينارا. وقبالة سوق الشرق بمنطقة جنزور، غرب طرابلس، أكد المواطن عبد الله كرواط، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك غلاء في الأسعار، ما حرم معظم الأسر الليبية من سلة رمضان، وخاصة مع زيادة أعباء الحياة المعيشية.
وأضاف المواطن الليبي أن راتب ألف دينار لا يكفي لمتطلبات الشهر الفضيل، فما بالك بالأسر ذات الدخل المحدود التي تتقاضى مرتبا شهريا يبلغ 450 دينارا، أي ما يعادل 100 دولار، لا تكفي لتجهيز إفطار رمضان لثلاثين يوما، وسط تقاعس حكومي. وفي قرية مزدة، التي تقع جنوبي طرابلس وتبعد عنها 186 كيلومترا، يقول المواطن علي بن عبد الرحمن لـ"العربي الجديد"، إن المدينة تعاني من ترد في الأوضاع المعيشية، فلا سيولة بالمصارف التجارية، والخدمات العامة تحت الصفر ولا توجد أدوية في المستشفى، حتى أسطوانة الأكسجين غير موجودة. وأوضح أن مزدة منطقة نائية، ومياه البلدية لا تصلها إلا مرة في الشهر والمواطن يشتري الماء من القطاع الخاص بأسعار مرتفعة.
وقال عبد الفتاح الجعفري، وهو من قرية العربان النائية بالجبل الغربي، إن الخدمات العامة ضعيفة، ونكابد صعوبة الأوضاع المعيشية، فالكهرباء تنقطع باستمرار والغلاء ضرب مختلف السلع الضرورية.
ومن جانبه، قال عمار المزوغي، وهو صاحب محل تجاري، لـ"العربي الجديد": يختلف شهر رمضان هذا العام بعدما خمدَ دويّ "المدافع"، وتصالحَ "المتحاربونَ" في جميع الجبهات القتالية عبر حكومة الوحدة الوطنية، ولكن عملية الاستهلاك منخفضة مقارنة بالعام الماضي، ويقتصر الشراء على التجزئة فقط، علبة زيت أو كيلوغرام سكر أو أرز، بخلاف العام الماضي، حيث كانت الأسر الليبية تشتري السلع بالصندوق لتخزينها بسبب الحرب.
ويرى مورد سلع، يدعى علي عرعارة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك ركودا اقتصاديا بسبب سعر الصرف الجديد وعدم قدرة المواطنين على الشراء، في ظل المعاناة من تراجع الدخول. وأضاف أن السلع الغذائية تصل تباعا عبر الموانئ الليبية ولكن المستهلك لا يستطيع الشراء بسبب غلاء الأسعار.
وقال الباحث الاقتصادي جلال الفرجاني إن غلاء الأسعار سببه رفع سعر الصرف، ولا إصلاح بلا ألم، وليبيا يجب أن تبدأ خطواتها الأولى للإنقاذ. وأضاف أن على الحكومة الاهتمام بالرعاية الاجتماعية للأسر ذات الدخل المحدود والمعاقين.
من جانبه، أكد الباحث الاقتصادي أبوبكر الهادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عدم قدرة الطبقتين الفقيرة والوسطى نتج عن تدهور سعر صرف العملة المحلية، وبقاء الحد الأدنى للأجور في حدود 450 دينارا. وأشار إلى ارتفاع جميع الأسعار في الأسواق، منها السلع الغذائية والأدوية، فضلا عن عدم اعتماد الموازنة العامة، وهو ما تسبب في تأخر صرف الرواتب.