تضع حرب الإبادة على قطاع غزة الاقتصاد الإسرائيلي تحت ضغط كبير، حيث يرتفع التضخم ويلتهم الغلاء ميزانيات الإسرائيليين، وترتفع حدة الغضب على حكومة بنيامين نتنياهو، بينما يهرب المستثمرون من الأصول الإسرائيلية.
وحسب تقارير إسرائيلية، فإن بعض السلع ارتفعت بنسب تفوق 25%. وقررت الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، رفع أسعار الوقود بنسبة 12%. وفي الشهر الماضي، وبحسب تقرير لصحيفة "غلوبس" العبرية مساء الثلاثاء، تعرضت إسرائيل لموجة من ارتفاع الأسعار.
وكانت شركات ويلي فود، وشتراوس، وشاستوفيتش، وويسوتزكي من بين الشركات المصنعة والمستوردة للأغذية التي أعلنت عن زيادات تصل إلى 15%، بل وحتى 25% على بعض المنتجات، اعتباراً من يوم غدٍ، الأول من فبراير/ شباط.
وترى الشركات الإسرائيلية، حسب تقرير "غلوبس"، أن هذه الزيادات "قسرية" بسبب الظروف التي فرضتها الحرب على قطاع غزة وهجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر. وتقول الشركات إن الزيادة في الأسعار حدثت بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام.
شركات ويلي فود، وشتراوس، وشاستوفيتش، وويسوتزكي من بين الشركات المصنعة والمستوردة للأغذية التي أعلنت عن زيادات تصل إلى 15%، بل وحتى 25% على بعض المنتجات
ويعاني السوق الإسرائيلي الآن من نقص في السلع وارتفاع أسعارها في ذات الوقت، حيث أدت الهجمات على السفن في البحر الأحمر إلى ارتفاع تكاليف الشحن، كما أن ضعف الشيكل مقابل الدولار جعل الاستيراد أكثر تكلفة للتجار الإسرائيليين.
يُذكر أن أسعار شحن الحاويات التجارية إلى الموانئ الإسرائيلية ارتفعت من 1500 دولار إلى 7200 دولار، كما يمتنع العديد من شركات الشحن عن الرسو في الموانئ الإسرائيلية، بسبب كلف التأمين أو امتناع شركات التأمين العالمية عن إصدار بوليصة لها، كما تضاعفت مواعيد التسليم، حسب ما ذكره مستورد المواد الغذائية جي ويلي، في بيان الأسبوع الماضي، نقلته "غلوبس".
وكانت شركة الحاويات العملاقة MSC قد رفعت أسعار الشحن إلى إسرائيل بمعدلات كبيرة، لتغطية كلف التأمين وطول الرحلة عبر رأس الرجاء الصالح.
وبينما تلقي المتاجر ومحلات السوبرماركت باللوم على الحكومة، يقول كبير الاقتصاديين في ميتاف داش، أليكس زابيجينسكي، إن "ارتفاع الأسعار الذي أعلنته شركات المواد الغذائية لا يتماشى مع التغير في أسعار المواد الأولية".
ولاحظ زابيجينسكي أن ارتفاع مؤشر أسعار المواد الغذائية في إسرائيل كبير بالمقارنة مع العالم، إذ بلغ الفارق السعري 5.9% في العام الماضي. ويقول: "حتى لو تمت ترجمة تغيرات الأسعار إلى الشيكل، فإن مؤشر أسعار السلع الزراعية لا يزال يظهر انخفاضاً".
من جانبه، أجرى بنك هبوعليم دراسة استقصائية أخرى أسفرت عن رؤى مماثلة. ويقول مودي شافرير، كبير استراتيجيي الأسواق المالية في البنك، إنه على الرغم من ارتفاع أسعار بعض السلع الزراعية، إلا أن مؤشر إنتاج الغذاء، الذي ينظر إلى تكاليف إنتاج الغذاء المحلي، انخفض بنسبة 0.5% في ديسمبر/ كانون الأول، وهو وقت بدأ ارتفاع الأسعار في إسرائيل، للمرة الثانية.
السوق يلوم الحكومة
في السياق ذاته، قال نائب مدير الاستراتيجية وتخطيط السياسات في وزارة الاقتصاد والصناعة، ميشال فينك، أمام لجنة الشؤون الاقتصادية في الكنيست، الأسبوع الماضي، إن هناك فجوة كبيرة بين إسرائيل ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى، تصل إلى 20-30%، في ارتفاع الأسعار.
أسعار شحن الحاويات التجارية إلى الموانئ الإسرائيلية ارتفعت من 1500 دولار إلى 7200 دولار، كما يمتنع العديد من شركات الشحن عن الرسو في الموانئ الإسرائيلية
من جانبها، تشير السوق بإصبع الاتهام إلى عامل رئيسي واحد، وهو الحكومة، التي يقول المشاركون في السوق إنها "تثقل كاهلهم بالتكاليف"، بدءاً من معدل ضريبة القيمة المضافة بنسبة 17% (في العديد من بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى لا توجد ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية)، إلى الضرائب والرسوم و"متطلبات الحلال"، وارتفاع تكاليف الطاقة والوقود، وكلها عوامل تساهم في ارتفاع الأسعار.
وقال مصدر في السوق لـ"غلوبس": "بينما تخضع شركات الأغذية للتدقيق بسبب رفع الأسعار، لا أحد يتعامل مع أسباب كون إسرائيل دولة باهظة الثمن". وأضاف: "الغذاء باهظ الثمن في إسرائيل مقارنة ببقية العالم، ليس لهذه الأسباب، بل بسبب سياسات الدولة.
وذكر المصدر: "في العقد الماضي، ارتفع متوسط الأجر أكثر بكثير من أسعار المواد الغذائية. وارتفع المؤشر العام لأسعار المستهلك بنسبة 10%، بينما ارتفع المكون الغذائي بنسبة أقل"، مضيفا أن "الدولة لا تتعامل مع ما يمكن أن يحل المشاكل". وتساءل: "لماذا تطبق ضريبة القيمة المضافة على الغذاء في إسرائيل، على عكس الدول الأخرى، حيث نسبة ضريبة القيمة المضافة على الغذاء صفر أو منخفضة (..) الآن يرفعونها بنسبة 1% أخرى".
وحسب تقرير "غلوبس"، ارتفعت أسعار السكر بنسبة 27% في العام الماضي، ووصل طن السكر المستورد إلى ذروة لم تشهدها دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عقد، في حدود 700 دولار للطن، مقارنة بـ500 دولار للطن قبل عام، وفق ما يقوله عدي بنحاس، الرئيس التنفيذي لشركة كومودكس الاستشارية، المتخصصة في التحوط والتداول في السلع والمواد الخام في تل أبيب.
وارتفعت أسعار الكاكاو المستوردة إلى إسرائيل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث بلغت 3800 جنيه إسترليني للطن، مقارنة بـ2000 جنيه إسترليني في العام الماضي.
ويضيف بنحاس، في تعليقاته: "في السنوات القليلة الماضية، وبسبب الحرب في أوكرانيا، جرى شراء قدر كبير من البضائع في إسرائيل بأسعار مرتفعة، والآن، مع استخدام المخزون الحالي، لا يزال من غير الممكن تخفيض التكاليف".