الغلاء يهدّد وجبات رمضان في اليمن... وفوضى في الأسواق

05 ابريل 2022
أزمات معيشية تحاصر المواطنين في شهر الصوم (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

قفزت أسعار السلع الغذائية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة في اليمن مع حلول شهر رمضان، ما أثّر في إقبال المستهلكين على التسوق وتلبية احتياجاتهم الغذائية والاستهلاكية لهذا الشهر.
وشمل الارتفاع أهم السلع الغذائية التي تكوّن وجبات اليمنيين الرمضانية، ما يهدد بعضها بالاختفاء عن موائد الأسر اليمنية الرمضانية في ظل تأثير الأزمة الاقتصادية على تردي معيشة غالبية السكان في البلاد.
وفق رصد "العربي الجديد"، للأسواق المحلية في المدن الرئيسية اليمنية، تقدر نسبة الزيادة في أسعار السلع الغذائية هذا العام بنحو 250% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2021، وسط تضخم يتجاوز 60% يلتهم ما تبقى لدى اليمنيين من دخل ومدخرات يتم تجميعها واستخدامها في مثل هذه المناسبات لتوفير ما أمكن من احتياجات ضرورية لشهر رمضان.
ويلاحظ ما تشهده جميع الأسواق من فوضى عارمة في حركة الأسعار التي تتغير من يوم لآخر، فقد قفز سعر الدقيق ثلاث مرات في صنعاء خلال 15 يوماً من 16 ألفاً إلى 19 ألف ريال ومن ثم 23 ألف ريال للكيس الواحد عبوة 50 كيلوغراما (الدولار في صنعاء يساوي 604 ريالات)، مقارنة بنحو 11 ألف ريال سعره مطلع العام 2021، فيما زاد الأرز في عدن جنوباً من 45 ألفا ليقترب من 60 ألف ريال (الدولار يساوي 1300 ريال في عدن).

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتشهد جميع مكونات المائدة الرمضانية في اليمن ارتفاعات سعرية قياسية، فقد ارتفع سعر الزبادي الذي يعتبر المادة الرئيسية المكونة لأهم وجبة "الشفوت" التي تسيطر على موائد اليمنيين في رمضان، إلى 200 ريال في صنعاء، ويتراوح ما بين 350 و450 في عدن وحضرموت ولحج وأبين والمهرة رغم انتشار أصناف متعددة من نفس السلعة.
وأطلقت الغرفة التجارية والصناعية المركزية في أمانة العاصمة اليمنية صنعاء أخيراً مبادرة تتضمن عدم رفع الأسعار في موسم رمضان، عقب حملة قامت بها وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء على الأسواق لتنفيذ قائمة سعرية جديدة أدت إلى إغلاق نحو 12 مؤسسة وشركة تجارية قالت إنها تبيع بأسعار مخالفة للقائمة السعرية الرسمية المحددة.
قال مسؤول في الغرفة التجارية والصناعية المركزية في أمانة العاصمة صنعاء فضل عدم ذكر اسمه تحدث لـ"العربي الجديد"، إنه تم بذل جهودا حثيثة في سبيل إلزام التجار خلال الفترة الماضية بتقليص هامش الربح بما لا يزيد على 5%.

ويؤكد رئيس الاتحاد اليمني للغرف التجارية والصناعية محمد قفلة لـ"العربي الجديد"، أن القطاع الخاص التجاري في اليمن يدفع ثمنا باهظا ومكلفا منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد وتبعات جسيمة بسبب الأزمات الاقتصادية والنقل والشحن التجاري وتعدد منافذ الجبايات، لكن رغم ذلك يصر على الصمود والبقاء وتقديم خدماته لليمنيين وتوفير احتياجات الأسواق الغذائية والاستهلاكية مع مراعاة الوضع المعيشي المتدهور الذي يشمل غالبية السكان في اليمن.
ويقول المواطن عبد الغني السعواني من سكان مدينة صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن نار الأسعار هي الحرب الحقيقية التي يواجهها اليمني، فيما أطراف الصراع تتقاتل لتحقيق مصالحها الخاصة وتقاسم الثروات والأموال والموارد.
أما مراد شائف، من سكان مدينة الجوف واعتاد كغيره من سكان هذه المحافظات التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة صنعاء، القدوم إليها لشراء احتياجاتهم الغذائية لهذا الشهر، فيرى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن غلاء الأسعار وعدم توفير كثير منها حرماهم من معايشة خصوصية وميزات مثل هذه المناسبات السنوية.
وانضمت الألبان إلى قائمة السلع التي شملتها التحركات السعرية التي تخنق الأسواق المحلية في اليمن، فقد قفزت من 200 ريال إلى 250 ريالا للعبوة الصغيرة "300 غرام".
أديب راوح من سكان مدينة عدن يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن رمضان أصبح كغيره من الشهور الأخرى في اليمن بسبب الأزمات المعيشية وعدم قدرة الكثير من الأسر على توفير احتياجات هذا الشهر الغذائية والاستهلاكية.

يؤكد رئيس الاتحاد اليمني للغرف التجارية والصناعية محمد قفلة لـ"العربي الجديد"، أن القطاع الخاص التجاري في اليمن يدفع ثمنا باهظا ومكلفا منذ بداية الحرب


وحذر مركز الإعلام والدراسات الاقتصادية (منظمة مستقلة) في تقرير صادر حديثاً اطلعت عليه "العربي الجديد"، من أن أزمة حبوب وزيوت بدأت تطلّ برأسها في ظل وضع يمني متأزم حيث يعاني اليمن من فقر شديد في الغذاء.
ويربط الباحث الاقتصادي مراد منصور في حديثه لـ"العربي الجديد"، بين الصراع الدائر في اليمن والأزمات المعيشية المتأججة مع سعي جميع الأطراف إلى اللعب على الورقة الاقتصادية لتغطية تكاليف ونفقات الحرب، إضافة إلى ما يتم اتخاذه من إجراءات في الشحن التجاري والمنافذ والمعابر.
ويعيش المستهلك اليمني أوضاعا معيشية واقتصادية غاية في التعقيد نتيجة استمرار الحرب والأزمات المتلاحقة التي جعلت وفق تقارير محلية وأممية حوالي 22 مليون يمني غير قادرين على إطعام أنفسهم بشكل كافٍ. وباتوا مجبرين على اختصار الوجبات الغذائية الضرورية.
وفي ظل هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمنيون، أصبحت المنظمات الإنسانية الملاذ الوحيد لتوفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء والدواء لشريحة كبيرة من المجتمع.