تسبب الفساد في ضرر كبير لقطاع مشاريع الإسكان، وفاقم من أزمة العقارات في العراق. ويأتي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون حكوميون وبرلمانيون أن البلاد تحتاج إلى 3 ملايين وحدة سكنية لمواجهة أزمة السكن.
ويعد الفساد واحداً من أخطر الصعوبات التي تنخر مؤسسات الدولة العراقية، وتؤثر على جميع مفاصل الحياة، في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة تحديات كبيرة في محاسبة المتورطين بجرائم الفساد كونهم مرتبطين بأحزاب ومليشيات مسلحة توفر لهم الحماية من القانون.
النائب في البرلمان العراقي علي البديري قال لـ"العربي الجديد"، إن "مشاريع السكن تتصدر المرتبة الأولى بانتشار الفساد فيها من بين قطاعات البلاد الأخرى، وكثرة العشوائيات تدل على ذلك".
وأضاف النائب البرلماني أن الفساد خلق أزمات مركبة وصعبة في قطاع الإسكان، وبات الفارق كبيراً بين الموجود والمطلوب في ظل تزايد كبير بعدد السكان، مبينا أن "البرلمان لا يستطيع حل أزمة السكن الحالية، لأن الفترة المتبقية من عمره قصيرة ونحن مقبلون على انتخابات، والحكومات المتعاقبة تتحمل المسؤولية عن الأزمة". وختم بالقول: "نحتاج إلى قرارات شجاعة من قبل هيئة النزاهة والقضاء العراقي في هذا الإطار".
بغداد تشهد ارتفاعا قياسيا في أسعار العقارات والأراضي السكنية، إذ سجلت أحياء الوسط أرقاما غير مسبوقة بلغت 4 آلاف دولار للمتر بالنسبة للمنازل، وأكثر من ألف دولار لمتر الشقق السكنية
وشهدت العاصمة العراقية بغداد ومدن أخرى ارتفاعا قياسيا في أسعار العقارات والأراضي السكنية، إذ سجلت أحياء وسط بغداد أرقاما غير مسبوقة بلغت 4 آلاف دولار للمتر الواحد بالنسبة للمنازل، وأكثر من ألف دولار للمتر بالنسبة للشقق السكنية، في وقت سجلت أطراف العاصمة أرقاما أقل من ذلك، بينما تشهد المحافظات ارتفاعا كبيرا أيضا في العقارات بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء ووقف الحكومة توزيع الأراضي السكنية على المواطنين منذ ما يزيد عن عامين.
لجنة الخدمات والإعمار البرلمانية أكدت وجود ملفات فساد كبيرة في قطاع الاستثمار السكني. وقال رئيس اللجنة وليد السهلاني إن "مشكلة السكن مضى عليها عقدان من الزمن رغم وجود مشاريع لبناء المجمعات السكنية، إلا أنها محدودة جدا"، مبينا في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن "قطاع الاستثمار لم يراعِ المشكلة الحقيقية للسكن في السابق، وسمح بمنح فرص استثمارية في أماكن استراتيجية من بغداد وبمبالغ عالية".
وأكد السهلاني أن "هناك ملفات فساد كبيرة في هذا القطاع، حيث بذلت اللجنة جهداً كبيراً لفتحها وإحالة المسؤولين المتورطين إلى هيئة النزاهة".
وأضاف أن "هناك 18 مشروعاً سكنياً تابعة لوزارة الإسكان أغلبها مشاريع معاقة أحيلت من قبل الوزارة بطريقة عرجاء لا عن طريق المقاولة، ولا عن طريق الاستثمار"، لافتاً إلى أن "هناك جهات متورطة بهذا الموضوع".
وتابع: "تم فتح هذا الملف، وسيتم تشخيص الخلل وإحالة المتورطين إلى هيئة النزاهة"، موضحاً أن "السياسة الإسكانية في الدولة لم تكن واضحة المعالم، حيث ما زال العراق يحتاج الى بناء أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية".
وأشار إلى أن "اللجنة طالبت مراراً وتكراراً الجهات التنفيذية القطاعية كوزارة البلديات ورئيس الوزراء بتوزيع أراضٍ مخدومة لجميع المواطنين"، مشيراً إلى أن "هناك إمكانية لشمول شرائح معينة بالأراضي، وأن تكون مخدومة من خلال مطور تعتمده تلك الدوائر، وتتم إضافة مبلغ معين إلى المبلغ الذي يدفعه المواطن".
النائب محمد شياع السوداني أكد وجود فساد في مشاريع الإسكان، ودعا ديوان الرقابة المالية إلى أن "يدقق بكل الملفات، وأن تكون له ملاحظات بشأن الملفات التي تتطلب التحقيق، خاصة ملفات الصرف خارج الضوابط، والتي يفترض أن يجري تحقيق بشأنها واتخاذ الإجراءات القانونية"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان له الدور الرقابي الذي يؤهله لمحاسبة المسؤولين المتورطين بالملفات". وأضاف السوداني: "يجب أن يكون التقييم وفق ما أنجز وما لم ينجز من مشاريع".
من جانبه، قال الخبير بالشأن الاقتصادي، أحمد الكناني، لـ"العربي الجديد"، إن أزمة السكن الحالية تتحملها الحكومات الخمس الأخيرة التي توالت على البلاد ولم تنجح في معالجة الأزمة.
وأضاف الكناني أن الفساد ينخر قطاع السكن، سواء الحكومي أو الاستثماري، "وهناك ما لا يقل عن 9 مليارات دولار في زمن حكومة نوري المالكي خصصت للسكن ولم ير العراقيون وقتها أي مشروع إسكاني على أرض الواقع".