استمع إلى الملخص
- **تأثيرات عالمية وإقليمية**: تبعت بنوك مركزية حول العالم، بما في ذلك منطقة اليورو والمملكة المتحدة، خطوة الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، مما يخلق بيئة مواتية للاستثمارات الطويلة الأجل في الخليج.
- **تأثيرات على الأسواق المالية**: شهدت أسواق الأسهم الأميركية تحركات عنيفة بعد الإعلان، حيث ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة تجاوزت 1% قبل أن يتراجع قليلاً، ومن المتوقع أن يدعم بدء دورة التخفيض الاقتصاد المتعثر.
فضّل البنك الفيدرالي الأميركي أن يضرب بقوة، مع بدء دورة جديدة لخفض الفائدة هى الأولى منذ عام الجائحة، حيث أعلن عن تخفيض سعر الفائدة الأساسي نصف نقطة مئوية، أو 50 نقطة أساس، وأشار إلى تخفيضات أخرى، ربما تكون في الطريق قبل نهاية العام.
وعلى الرغم من أن خطوة الخفض كانت متوقعة على نطاق واسع، فإن الآراء انقسمت خلال الأيام القليلة الماضية ما بين خفض ربع نقطة ونصف نقطة، حيث مال احتمال خفض البنك الفيدرالي الأميركي نصف نقطة مئوية إلى التفوق بنسبة 60% تقريباً، حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت الإعلان عن القرار، وفقاً لأداة متابعة البنك الفيدرالي الأميركي التابعة لبورصة شيكاغو التجارية. ويشير النهج الأكثر عدوانية الذي اتبعه مسؤولو "الفيدرالي الأميركي" باختيار الخفض الأكبر، وصولاً إلى نطاق 4.75% - 5%، إلى محاولتهم التعامل بشكل استباقي لتخفيف الضغوط عن الاقتصاد، ومنع سوق العمل من التباطؤ أكثر من ذلك.
وجاء اجتماع "الفيدرالي الأميركي" هذا الشهر وسط ترقب أميركي وعالمي نادر الحدوث، ترقباً لإنهاء أكبر سياسة تشديد نقدي منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأ التضخم في التراجع نحو مستهدفه، بينما ألقت معدلات الفائدة المرتفعة بثقلها على سوق العمل، وأوصلت معدل البطالة إلى 4.3%، قبل أن يتراجع الشهر الماضي إلى 4.2%. وقال جيروم باول، رئيس البنك الفيدرالي الأميركي في أكثر من مناسبة سابقة، وأكد ذلك اليوم الأربعاء، إنه ورفاقه في البنك يسعون للتأكد من أن أسعار الفائدة لن تؤدي إلى إبطاء سوق العمل أكثر مما حدث بالفعل.
وقال رئيس البنك المركزي إن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي اقترب من هدف البنك الفيدرالي الأميركي البالغ 2%، بعد أن كان عند 2.5% في يوليو/تموز. وقال باول في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع: "لقد أتى نهجنا الصبور على مدار العام الماضي بثماره. أصبح التضخم الآن أقرب كثيراً إلى هدفنا، واكتسبنا ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%". ولن يصدر مكتب التحليل الاقتصادي الرقم النهائي لنفقات الاستهلاك الشخصي لشهر أغسطس/آب حتى أواخر سبتمبر/أيلول.
وتأتي خطوة البنك الفيدرالي في أعقاب خطوات مشابهة من نظرائه من البنوك المركزية، بما في ذلك تلك الموجودة في منطقة اليورو والمملكة المتحدة وكندا والمكسيك وسويسرا والسويد، والتي خفضت جميعها أسعار الفائدة بالفعل. وأكد العديد من صناع السياسات هؤلاء أنهم على استعداد للمضي قدماً قبل بنك الاحتياط الفيدرالي، الذي يُنظر إليه عادةً على أنه البنك المركزي للبنوك المركزية، استجابة لتباطؤ النمو وتخفيف الضغوط التضخمية في الداخل.
وحذت بنوك مركزية في منطقة الخليج حذو "الفيدرالي الأميركي"، كون أغلبها يربط عملته بالدولار، حيث خفض مصرف قطر المركزي أسعار الفائدة الرئيسية 55 نقطة أساس اليوم الأربعاء، وجاء في بيان للبنك المركزي القطري، نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، أن سعر الفائدة على الإقراض انخفض إلى 5.70%، وعلى الودائع إلى 5.20%، وعلى سعر إعادة الشراء إلى 5.45%، فيما خفّض بنك الكويت المركزي سعر فائدة الخصم 25 نقطة أساس إلى 4% من 4.25%. وقال مصرف البحرين المركزي، في بيان، اليوم الأربعاء، إنه خفض سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة 50 نقطة أساس من 6% إلى 5.50%، وأفاد بيان للمصرف المركزي الإماراتي بخفضه سعر الفائدة الأساسي المطبق على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة 50 نقطة أساس، من 5.40% إلى 4.90%.
وبالتزامن، قال البنك المركزي السعودي في بيان إنه قرر خفض معدل اتفاقية إعادة الشراء (الريبو) 50 نقطة أساس إلى 5.50%، وخفض معدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) 50 نقطة أساس إلى 5%. وقال داميان هيتشين الرئيس التنفيذي لساكسو بنك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن "خفض أسعار الفائدة الأميركية يشير إلى بيئة مواتية لأهداف الاستثمار الطويل الأجل وتنويع الاقتصاد في الخليج"، وفقاً لما نقلته وكالة رويترز. وأضاف "مع انخفاض تكاليف الاقتراض، تصبح الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، مثل السياحة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا، أكثر جاذبية، ويتوافق ذلك مع الأهداف الاستراتيجية للمنطقة للحد من الاعتماد على النفط".
ومن غير المعتاد أن يكون هناك هذا القدر من عدم اليقين في قرار الفيدرالي الأميركي، الذي عوّد الأسواق على إرسال إشارات إلى تحركه التالي للأسواق. وكان المتداولون يعتقدون طوال معظم فترات الشهر الماضي أن البنك المركزي سيخفض بمقدار ربع نقطة مئوية، لكن فكرة الخفض الأكبر بدأت تكتسب زخماً في الأسبوع الماضي.
وكتب جيم ريد، رئيس قسم الاقتصاد العالمي والبحوث الموضوعية في دويتشه بنك، في مذكرة يوم الأربعاء: "سيتعين عليك العودة لأكثر من 15 عاماً للعثور على مثل هذا الموقف غير المؤكد في هذا الوقت القريب من القرار. سيتم جني الكثير من الأموال وخسارتها اليوم".
وشهدت أسواق الأسهم الأميركية، وبعض أنواع الأصول المالية الأخرى، تحركات عنيفة في أعقاب الإعلان عن القرار، حيث تجاوزت ارتفاعات مؤشر ناسداك، المتخم بشركات التكنولوجيا الأكثر حساسية لتغيرات معدلات الفائدة، نسبة 1%، قبل أن تتخلى عن نصفها، مع تصريحات باول في المؤتمر الصحافي الذي أعقب الإعلان عن القرار. ووصلت الارتفاعات في مؤشر إس أند بي 500 في أفضل لحظاته بعد الإعلان عن القرار إلى ما يقارب 1%، اختفى أغلبها بينما كان باول يحاول تبرير قرار اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بخفض الفائدة الكبير، وذلك قبل ساعة تقريباً من موعد إغلاق التعاملات الرسمية للأسهم الأميركية.
ومن المتوقع أن يعمل بدء دورة التخفيض على دعم الاقتصاد المتعثر، وتعزيز السوق القوية بالفعل، حيث وصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستوى قياسي بعد ارتفاع بنسبة 18% هذا العام. ويُظهِر التاريخ أن المؤشر القياسي حقق مكاسب بلغت في المتوسط نحو 16% في الأشهر الاثني عشر التي أعقبت أول خفض لأسعار الفائدة من قِبَل البنك الفيدرالي الأميركي في أي دورة سابقة، وفقاً لبيانات من شركة كاناكورد جينويتي.