4 أرقام تم الكشف عنها قبل أيام تؤكد أن القادم ربما يكون أسوأ كثيراً مما نتوقع، وأن العالم لم يصل بعد إلى قاع البئر الذي لا يزال عميقاً، وأن السيناريوهات المتشائمة لا تزال مطروحة وبقوة في حال استمرار وباء كورونا معنا طوال العام المقبل، وأن المؤشرات الاقتصادية العالمية مرشحة لمزيد من التراجعات، بل وربما الانهيارات طالما لا يوجد لقاح ناجح يضع نهاية سريعة لهذه الجائحة.
وإننا في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية المعقدة قد نشهد انهيار اقتصاديات وإفلاس دول وشركات متعددة الجنسيات، فما بالنا إذاً بالأفراد وأحوالهم المعيشية، خاصة في الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية ومالية حتى قبل تفشي هذا الوباء.
الاقتصاد العالمي
الرقم الأول صادر عن مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، يوم الأربعاء، حيث قالت إن خسائر الاقتصاد العالمي جراء جائحة كورونا ستصل إلى 28 تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، خاصة في ظل توقع أسوأ ركود عالمي منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وانخفاض نمو الاقتصاد إلى سالب 4.4% هذا العام، واستمرار الصندوق في ضخ قروض ضخمة للدول التي تعاني من أزمات لتضاف إلى قروض بنحو 280 مليار دولار رصدها الصندوق لمواجهة التداعيات الاقتصادية للجائحة.
وهذه القروض سترفع الدين العام لهذا الدول إلى مستوى قياسي، وسيؤدي لاحقاً إلى الضغط على موازنات هذه الدول التي تعاني أصلا من تراجع في الإيرادات العامة وخسائر في القطاعات الاقتصادية بسبب كورونا.
رقم صندوق النقد الدولي الأخير يزيد كثيرا عن تقديرات سابقة، ففي منتصف شهر مايو/ أيار الماضي قدر بنك التنمية الآسيوي خسائر الاقتصاد العالمي بما بين 5.8 إلى 8.8 تريليونات دولار، بسبب الوباء، إلا أن جامعة رايس الأميركيّة رفعت الرقم، منتصف شهر أغسطس/ آب، إلى 15 تريليون دولار، تمثل الكلفة المالية العالمية النهائية لتداعيات الفيروس.
الاقتصاد الأميركي
الرقم الثاني يتعلق بخسائر الاقتصاد الأميركي، أكبر اقتصاد في العالم، والتي قدرها وزير الخزانة الأميركي السابق لورانس سمارز بنحو 16 تريليون دولار، أو ما يقرب من 90% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
وهذه الخسارة الاقتصادية ستكون كلفتها أربعة أضعاف كلفة الكساد الكبير في العام 1929، وأكثر من ضعف إجمالي الإنفاق في جميع الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر/ أيلول 2001، بما في ذلك تلك التي دارت في أفغانستان والعراق وسورية.
قطاع السياحة
الرقم الثالث يتعلق بالخسائر الفادحة التي تعرض لها واحد من أهم القطاعات الاقتصادية العالمية، هو قطاع السياحة، حيث تسبب تفشي الفيروس في خسائر ضخمة للقطاع خلال النصف الأول من العام، بحسب منظمة السياحة العالمية، والتي قدرت قيمة الخسائر بـ460 مليار دولار.
وهذا الرقم أكبر بخمسة أضعاف من ذلك الذي سجل خلال الأزمة المالية العالمية في العام 2009. بل إن المنظمة ترى أن العودة إلى مستوى ما قبل الجائحة "على صعيد وصول السياح ستستغرق ما بين عامين وأربعة أعوام"، وربما أكثر في ظل ظهور الموجة الثانية من كورونا.
قطاع الطيران
أما الرقم الرابع فيتعلق بخسائر قطاع الطيران، حيث قالت الرابطة الدولية للنقل الجوي (إياتا)، إن صناعة الطيران العالمية ستخسر 77 مليار دولار نقدا خلال النصف الثاني من العام الجاري 2020، ما يعادل 13 مليار دولار شهريا، رغم استئناف العمليات التشغيلية، بسبب التداعيات المستمرة لجائحة كورونا.
الدين العالمي
ضع الأرقام الأربعة السابقة إلى جانب أرقام أخرى لتدرك حجم الكارثة التي يمر بها العالم، فالدين السيادي العالمي من المتوقع أن يصل إلى 100% من إجمالي الناتج المحلي في 2020، وهو مستوى قياسي، وسيدفع الدول نحو التوسع في الاقتراض وفرض مزيد من الضرائب والتقشف، خاصة مع حاجة الدول إلى زيادة الإنفاق لمحاربة أزمة كورونا وتأمين الانتعاش.
الاقتصاد العربي
عربيا، توقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاديات الخليجية في 2020، تحت ضغوط الجائحة وتراجع الطلب على النفط والانخفاض الحاد في أسعار الخام.
فاقتصاد الإمارات سينكمش بنسبة 6.6%، وسلطنة عمان 10%، والكويت 8.1%، والبحرين 4.9%، وقطر 4.5%، والسعودية 5.4%.
وهذا الانكماش سيدفع دول الخليج نحو مزيد من التقشف والاستغناء عن العمالة الوافدة ورفع الأسعار والتوسع في فرض الضرائب وبيع أصول الدولة، والتوسع في الاقتراض الخارجي والمحلي وتسييل الأصول الخارجية.
لن تقف خسائر كورونا على الإيرادات العامة والقطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها النفط والطيران، بل ستمتد إلى القطع المصرفي، فقد توقعت موديز للتصنيف الائتماني ارتفاع خسائر المصارف الخليجية إلى 13 مليار دولار خلال العام الجاري.
ضع أيضا إلى جانب الأرقام السابقة مخاطر جيوسياسية واقتصادية أخرى، منها مثلا ما قاله رئيس الصين شي جين بينغ لجيشه، أول أمس: "استعدوا للحرب"، وإعلان المفوضية الأوروبية، الخميس، أن حكومات الاتحاد الأوروبي غير مستعدة لمواجهة موجة جديدة من الإصابات بالفيروس.