أثارت التعديلات الوزارية التي شهدتها الحكومة المصرية، أمس السبت، انتقادات واسعة في أوساط المصريين، حيث جرى الإبقاء على معظم وزراء المجموعة الاقتصادية، رغم الأزمة المالية العميقة التي تشهدها البلاد، لكن مصدرا برلمانيا كشف أن وجود هؤلاء مرتبط بمؤتمر المناخ العالمي، الذي تستضيفه مصر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث يحمل كل وزير منهم ملفات كاملة، تتعلق بالحصول على قروض وتمويلات مالية لمشروعات حيوية في الدولة خلال المرحلة المقبلة.
ونجا وزراء المجموعة الاقتصادية، عدا وزيرين، من تعديل وزاري استهدف 13 وزيراً، بينما أكدت مصادر برلمانية، أن الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، دفعت العديد من النواب إلى مطالبة رئاسة الجمهورية، بالبحث عن وزراء وشخصيات اقتصادية، تضع حلولاً غير تقليدية، لتلك الأزمة، فإذ بالتعديلات تشمل وزارات خدمية.
وتضمن التعديل دخول النائب أحمد سمير رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، والمدير السابق لأحد مصانع البلاستك بالجيزة، ليحل في موقع نيفين القباح في وزارة الصناعة والتجارة.
تعثر المشروعات الصناعية
ويعد سمير، ثاني مسؤول برلماني ينتقل من رئاسة اللجنة الاقتصادية إلى مقعد وزاري، بعد علي مصيلحي وزير التموين الحالي. ويعد سمير من الشخصيات المتشددة مع الحكومة، في مناقشات البرلمان، حول زيادة القروض، وتعثر المشروعات الصناعية، حيث شغل مناصب شعبية، في منطقة 6 أكتوبر الصناعية غرب القاهرة.
وحل محمود مصطفى كمال عصمت القادم من رئاسة الشركة القابضة للمطارات وزيراً لقطاع الأعمال محل هشام توفيق الذي قاد عمليات بيع عدد من الشركات العامة، ووضع برنامجها لبيع عشرات المشروعات الفندقية والصناعية، خلال العام الحالي، وتسوية ديون قطاع الأعمال مع البنوك واقتراض 540 مليون يورو لتطوير مصانع النسيج.
وتولى وزارة السياحة والآثار أحمد عيسى أبو عيسى، الذي جاء من خلفية اقتصادية، بعد 30 عاماً من سيطرة السياسيين والبيروقراطيين على تولي الوزارتين، منذ رحيل الخبير المالي الراحل فؤاد سلطان وزير السياحة الأسبق عام 1993.
وشغل أحمد عيسى منصب الرئيس التنفيذي لقطاع التجارة والتجزئة المصرفية في البنك التجاري الدولي، قبل توليه وزارتي السياحة والآثار، ويصبح مسؤولاً عن الإعداد لأهم حدث دولي، يتواكب مع افتتاح المتحف المصري الكبير غرب العاصمة، والمتعثر تنفيذه، منذ 3 سنوات.
وعبر مدحت خفاجي القيادي في حزب الوفد، وعضو اللجنة القومية الدائمة للري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن دهشته ألا يتناول التعديل الوزاري المجموعة الوزارية الاقتصادية الحالية التي يتهمها بأنها فقدت مبررات وجودها، بعد أن أوصلت البلاد إلى أزمة مالية عميقة، حيث اعتمدت سياساتها على اللجوء إلى القروض الأجنبية، كحل وحيد لدعم الاستثمار والموازنة العامة، بما رفع الديون الخارجية إلى 158 مليار دولار، وزاد الديون الداخلية عن 8 تريليونات جنيه، بما يعادل نحو 109% من الناتج الإجمالي للدولة.
زيادة العجز في الميزانية
وأكد خفاجي بقاء المجموعة الاقتصادية، وعلى رأسها وزير المالية محمد معيط، يعني أن الحكومة ستستمر في البحث عن قروض جديدة، وطبع المزيد من النقود، لمواجهة زيادة العجز في الميزانية والسيولة النقدية، محذراً من خطورة استمرار هذه السياسة على المستقبل الاقتصادي للبلاد.
وأشارت مصادر برلمانية، إلى أنهم لم يخطروا بتفاصيل التعديل الوزاري إلا عندما دخلوا البرلمان، بعد العودة من إجازتهم الصيفية، وبدأ عرض مشروع القرار من رئيس مجلس النواب، حيث دعاهم الأمين العام للمجلس أحمد مناع، للانعقاد أمس في جلسة طارئة، للنظر في أمر عاجل دون توضيح أية تفاصيل.
وقالت المصادر التي طلبت عدم ذكر أسمائها، أن النواب حرصوا على المشاركة في الجلسة، بعد استدعائهم، مساء الخميس الماضي، لأنهم شعروا بأن هناك تغييرا وزارياً سيجري، أو تعديلا كبيراً، سيضم الوزراء الذين فشلوا في إدارة الأزمة المالية الحالية أو أساءوا استغلال سلطاتهم، أو شابت علاقاتهم الأسرية مشاكل تسيء للدولة.
وتوقع النواب أن يكون التعديل أكبر وأشمل من 13 وزيراً يمثلون ثلث الحقائب الوزارية، ولم يكن أمامهم إلا الموافقة على القرار أو رفضه، في ظل قيود المادة 129 من لائحة مجلس النواب، التي تحدد طريقة التصويت أثناء الجلسات الطارئة، أو العادية للنظر في إجراءات التعديل الوزاري، التي تتطلب أن يحضر ما لا يقل عن ثلث عدد أعضاء البرلمان، ويكون التصويت على المبدأ إجماليا، دون مناقشة التفاصيل.
وكشف أحد النواب، عن أن التعديل الوزاري في مجموعة الخدمات، سيتبعه حتماً تغيير موسع في المحافظين قبيل بداية سبتمبر/أيلول المقبل، ليكونوا جاهزين لتطبيق خطة التقشف التي وضعتها الحكومة نهاية الأسبوع الماضي، ووضع خطط الاستعداد للمدارس وعودة الجامعات، في الأسبوع الأخير من الشهر المقبل.
وأضافت المصادر، أن المجموعة الاقتصادية، سيتم تأجيل النظر فيها لحين انتهاء مؤتمر المناخ العالمي، الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ (شمال شرق) في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث يحمل كل وزير منهم ملفات كاملة، تتعلق بالحصول على قروض وتمويلات مالية لمشروعات حيوية في الدولة خلال المرحلة المقبلة، وبدأت جلسات الأعمال على مستوى كل وزارة والجهات الدولية التي ستشارك في المؤتمر، بما يستدعي ضرورة استمرارها في مناصبها، لحين انتهاء هذه المرحلة.
رحيل طارق شوقي
لاقت التعديلات، اهتماما على وسائل التواصل الاجتماعي، ركزت في أغلبها على خروج طارق شوقي من وزارة التعليم، حيث عبر مصريون عن فرحتهم بخلعه من منصبه.
وتساءل آخرون عن مصير وزيرة الصحة السابقة هالة زايد التي اختفت عن الأنظار منذ القبض على نجلها وزوجها السابق في قضية رشوة داخل مكتبها، العام الماضي، مشيرين إلى أن الوزير الحالي خالد عبد الغفار، سيكون أول وزير لا ينتمي لمهنة الطب، مسؤولاً عن صحة المصريين.
ولم تلق دعوات شامتة في وزيرة الهجرة، نبيلة مكرم عبيد رواجاً بعد رحيلها من منصبها، بعد اتهام نجلها بارتكاب جريمة قتل شابين أميركيين، مع التركيز على أن منصب شؤون الهجرة الذي كانت تتولاه، أصبح حقيبة وزارية يحملها أحد المسيحيين، حيث جاءت للمنصب السفيرة سها جندي في المقعد الذي غادرته السفيرة نبيلة مكرم.
وأبدى خبراء في الري، فرحتهم برحيل وزير الري محمد عبد العاطي من منصبه، مؤكدين أنه تسبب في فقد مصر قدرتها على التفاوض مع إثيوبيا، لضمان حصتها الكاملة من موارد المياه، بعد بناء سد النهضة، وتعطيل عشرات الخطط والدراسات التي انتهت منها الوزارة، والتي تستهدف توفير 37 مليار متر مكعب من روافد النيل في جنوب وشمال السودان.
وشمل التعديل الوزاري تعيين رضا حجازي وزيراً للتعليم، والعائد من ألمانيا هاني سويلم وزيراً للري، ومحمد عاشور الأستاذ في جامعة عين شمس والاستشاري الهندسي، وزيراً للتعليم العالي، والفريق محمد عباس حلمي قائد القوات الجوية وزيراً للطيران، وحسن شحاته رئيس اتحاد عمال مصري وزيراً للقوى العاملة، ونيفين الكيلاني عميد المعهد العالي، بأكاديمية الفنون وزيرة للثقافة، واللواء هشام آمنة محافظ البحيرة وزيرا للتنمية المحلية، واللواء محمد صلاح الدين وزيراً للإنتاج الحربي.