انحدرت زراعة القطن خلال سنوات الحرب التي شنها النظام على السوريين منذ مارس/ آذار من عام 2011، بعدما كانت في صدارة المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها الاقتصاد السوري.
وأعلنت حكومة النظام سعر شراء الكيلوغرام الواحد من محصول القطن المحبوب من الفلاحين لموسم 2022 بمبلغ قدره 4000 ليرة سورية (ما يعادل نحو دولار واحد)، وسط توقعات بزراعة 23.6 ألف هكتار وإنتاج نحو 72 ألف طن من القطن، منها 20 إلى 22 ألف طن في الأراضي التي تقع تحت سيطرة النظام.
وتتمركز زراعة القطن في منطقة شرق نهر الفرات، التي تضم كامل محافظة الحسكة والجزء الأكبر من محافظتي دير الزور والرقة وجانبا من ريف حلب الشمالي الشرقي. وتسيطر هذه المنطقة الغنية بالثروات، وأبرزها الزراعية، قوات سوريا الديمقراطية. وكانت زراعة القطن من أهم المحاصيل الاستراتيجية في سورية، ووصلت المساحات المزروعة قبل العام 2011 إلى نحو 250 ألف هكتار في محافظات الحسكة وحلب والرقة ودير الزور وحماة.
عبد الرحمن العلي وهو من فلاحي ريف الرقة الغربي أشار، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "لم تعد زراعة القطن مجدية للفلاحين وسط تكاليف مرتفعة وأسعار منخفضة". وبيّن أن الفلاحين يتجهون إلى زراعات أكثر جدوى، مضيفاً أن زراعة القطن تبدأ في الشهر الرابع من كل سنة، ويبدأ القطاف في تشرين الثاني/ نوفمبر، "ولا يحصل الفلاح على ثمن قطنه مباشرة، وهذا أمر صعب في ظل الظروف المعيشية التي نعيشها".
وأوضح أن الفلاح بدل زراعة القطن يزرع القمح ويستفيد من موسم صيفي من مختلف الزراعات، منها الخضرة أو الذرة أو فول الصويا. وأضاف: "زراعة القطن تحتاج إلى حوافز كبيرة للفلاحين. إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه اليوم لعدة سنوات أخرى، فربما لن تكون هناك زراعة قطن في سورية".
وقال المحلل الاقتصادي يونس الكريّم، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تراجع زراعة القطن "بدأ في عام 2008 بسبب قلة المياه والمحروقات، وهو ما أدى إلى تقليص المساحات المزروعة بالقطن"، مضيفا أنه "في ذاك العام، بدأ رجال أعمال مرتبطين بالنظام باستيراد القطنيات من تركيا ومصر وكانت لهم مصلحة في القضاء على الصناعة النسيجية في سورية.
وأشار إلى أن نفس الأسباب "لا تزال موجودة، إضافة إلى قلة اليد العاملة وصعوبات النقل وعدم توفر المحالج"، مضيفا: "اليوم زراعة القطن في سورية بمثابة تبديد للمال، لأنه لا يوجد أي دعم لهذه الزراعة من سلطات الأمر الواقع في البلاد".