أثارت تصريحات وزير المالية الكويتي، سعد البراك، حول أن الحكومات السابقة لم تقم بأي خطوات بشأن تنفيذ رؤية الكويت 2035، صدمة في الأوساط الاقتصادية المحلية، خاصة أن ذلك جاء في جلسة لمجلس الأمة مخصصة لمناقشة الميزانية العامة للدولة.
وتعهد البراك بتطوير تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لبلاده "للعمل عليها خلال السنوات القادمة"، لافتا في الجلسة التي عقدت في وقت سابق من أغسطس/آب الجاري إلى إمكانية مد عملها إلى عام 2040، بحسب ما أوردته صحف محلية. وأقر مجلس الأمة (البرلمان)، حينها، موازنة السنة المالية 2023/2024 متضمنةً عجزاً متوقعاً قدره 6.8 مليارات دينار (22.13 مليار دولار).
وتتضمن الموازنة، التي تبدأ عادة في أول إبريل/نيسان من كل عام، إيرادات إجمالية متوقعة قيمتها 19.5 مليار دينار (63.33 مليار دولار)، فيما بلغ إجمالي المصروفات المتوقعة 26.3 مليار دينار (85.42 مليار دولار). واعتمدت الميزانية 70 دولاراً سعراً لبرميل النفط، مع إيرادات نفطية متوقعة بـ17.2 مليار دينار (55.86 مليار دولار).
وتستند رؤية الكويت 2035 إلى الأولويات طويلة المدى للتنمية، وترتكز على 7 ركائز، أعلنتها الحكومة في 30 يناير/كانون الثاني 2017، بهدف تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وثقافي إقليمي جاذب للاستثمار بحلول عام 2035.
ويصف الموقع الرسمي لـ"رؤية الكويت 2035" الخطة بأنها "حكومية كبرى"، وتهدف إلى أن "يقوم القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي، وتشجيع روح المنافسة ورفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز دولة مؤسسي داعم، وترسيخ القيم والمحافظة على الهوية الاجتماعية وتحقيق التنمية البشرية والتنمية المتوازنة، وتوفير بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة أعمال مشجعة".
ويرتبط تأخر تنفيذ رؤية الكويت 2035 ببطء التنويع الاقتصادي والتقليل من الاعتماد على النفط، ومحدودية التسهيلات المقدمة للمستثمرين الأجانب، وفق محللين اقتصاديين.
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي الكويتي، علي العنزي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن تصريح وزير المالية جاء "منطقيا" إلى حد كبير، رغم كونه صادماً.
ويوضح العنزي أن تبدل الحكومات المتكرر، خلال السنوات الماضية، أدى إلى ضعف عملية الإنجاز، وعطل تنفيذ إصلاحات اقتصادية جوهرية، وبالتالي كبح تنفيذ الاستراتيجية الوطنية بشكل أو بآخر.
ويعود التغيير المتعاقب لوزراء الشأن الاقتصادي في الكويت إلى الخلاف المستمر بين البرلمان المنتخب من الشعب والحكومة، والتي أدت من قبل إلى استقالة الحكومة أكثر من مرة وعرقلت مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي.
لذا، فإن خروج الكويت من النفق المظلم لتحقيق أهداف رؤيتها الاستراتيجية يرتبط أولا باستقرار السلطة التنفيذية، وبالتالي استقرار القرار الاقتصادي، ومن ثم استقرار تنفيذ الخطط والاستراتيجيات الخاصة برؤية الكويت 2035، بحسب العنزي.
فيما يرى الخبير الاقتصادي، محمد رمضان، أن "تصريح وزير المالية بشأن صفرية تنفيذ الرؤية الاستراتيجية الوطنية كان خاطئا في ضوء العديد من المشروعات التي جرى الانتهاء منها ضمن خطط تنفيذ الرؤية.
وقال رمضان لـ"العربي الجديد" إن تنفيذ المشروعات قائم، لكن مدى تحقيق هذه المشروعات لأهداف الرؤية أمر آخر، معتبرا أن وزير المالية "لم يكن مطلعاً بما يكفي بشأن تنفيذ تلك المشروعات، أو أن لديه إشكالات أخرى".
وللخروج من هذا النفق، تحتاج الكويت إلى تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المخطط لها ضمن رؤية 2035، والتي تشمل زيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الاقتصاد وزيادة كفاءة الإنفاق والإيرادات، وزيادة التعاون مع شركاء دوليين، بحسب رمضان.
وتستحوذ إيرادات النفط الخام والمشتقات على نحو 88% من إجمالي الدخل خلال السنة المالية القادمة، بحسب الوزارة، بقيمة 17.17 مليار دينار (56.8 مليار دولار).
وكانت الكويت قد حققت فائضاً في ميزانية العام المالي الماضي 2022/2023، الذي انقضى بنهاية مارس/آذار الماضي، بلغ نحو 6.36 مليارات دينار (20.6 مليار دولار)، وكان هذا الفائض هو الأول منذ 9 سنوات.