كشف تقرير صادر عن إدارة الاقتصاد الكلي التابعة لمجلس الوزراء الكويتي، أن عدد الشركات المتورطة في قضايا النصب العقاري خلال العام الجاري 2020 بلغ 65 شركة، لافتا إلى أن الخسائر الناجمة عن ممارسات تلك الشركات قاربت نصف المليار دولار.
وذكر التقرير، الذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، أن التحريات أظهرت تورط مواطنين ومقيمين من جنسيات عربية في عمليات النصب التي تمثلت في عمليات بيع لمشروعات وعقارات وهمية داخل الكويت وخارجها، مشيرا إلى أن مجلس الوزراء يواصل استقبال شكاوى المواطنين الذين تعرّضوا للنصب العقاري خلال العام الجاري.
وأكد أن إجمالي قيمة المبالغ المنهوبة من المواطنين بلغت نحو 500 مليون دولار، فيما بلغ عدد العقارات الوهمية التي تم بيعها للمواطنين 7451 وحدة، ما بين شقة سكنية أو فيلا أو أراض سكنية أو استثمارية أو تجارية، كما بلغ عدد العقارات التي لديها مشكلات تعاقدية أكثر من 2500 وحدة.
وأوضح أن غالبية العقارات التي تم التعاقد عليها بصورة وهمية كانت خارج الكويت، خصوصا في الدول الأوروبية (البوسنة وصربيا وإسبانيا والمملكة المتحدة)، وأيضا هناك مئات المواطنين تعرّضوا للنصب من خلال التعاقد لشراء عقارات داخل الكويت في المنطقة الجنوبية التي يتواجد فيها شاليهات سكنية.
ومع الكشف عن الكثير من قضايا الفساد وغسل الأموال خلال الفترة الماضية، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت حالة من الغضب والسخط الشعبي رفضا لتفشي هذه النوعية من الفساد. وطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان) بتعديل قانون مكافحة غسل الأموال وتشديده لردع الفاسدين.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي علي الموسى لـ"العربي الجديد" إن الكشف عن هذا الحجم الكبير من قضايا الفساد، يزعزع الثقة في الاقتصاد وقدرة الأجهزة الرقابية على توفير تعاملات نزيهة، فضلا عن ضعف ثقة أصحاب رؤوس الأموال في الاقتصاد بصورة عامة.
وكانت وزارة التجارة والصناعة قد لاحقت عشرات الشركات العقارية خلال الفترة الماضية، واتخذت تدابير بحق بعضها، مثل إيقاف التراخيص الصادرة لها وإغلاق مقارها لمخالفتها النشاط المرخص به، أو مخالفتها أحكام قانون مكافحة غسل الأموال، أو القرارات المنظمة لأنشطة العقار، وكذلك بالإحالة إلى النيابة العامة.
وقال أمين سر اتحاد العقاريين في الكويت، قيس الغانم، لـ "العربي الجديد"، إن المواطن غالبا ما يستثمر مدخراته في شراء العقارات داخل أو خارج الكويت، ومع تنامي هذا الاهتمام ظهرت الشركات الوهمية التي استنزفت أموال المواطنين من خلال عمليات بيع عشوائية.
ولم تقتصر عمليات الاحتيال في الفترة الأخيرة على قطاع العقارات، وإنما كشفت بيانات حكومية عن عمليات احتيال واسعة في مجال التداول الإلكتروني، تعرّض لها نحو 48 ألف مواطن خلال 5 سنوات.
وأوضحت البيانات الصادرة عن وزارة العدل، واطلعت عليه "العربي الجديد"، أن إجمالي المبالغ المنهوبة، بحسب تقديرات إدارة الاقتصاد الكلي استنادا على شكاوى المواطنين، بلغ 840 مليون دولار.
وقال عثمان العيسى، المستشار القانوني لدى المركز الدولي للاستشارات القانونية في الكويت، إن غالبية شركات التداول الإلكتروني تعمل من خارج الكويت وروجت لأعمالها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي في تويتر وإنستغرام وفيسبوك في ظل غياب الرقابة.
وأكد العيسى أن هناك صعوبة كبيرة في استرداد المبالغ المنهوبة من المواطنين، بسبب عدم وجود مقار أو تراخيص للشركات التي نفذت عمليات الاحتيال، مشيرا إلى أن 98% من تلك الشركات تعد وهمية، وليست لديها بيانات رسمية لدى الحكومة الكويتية، ولكن قامت السلطات مؤخرا بحظر عشرات الحسابات التي روجت لتلك العمليات.
وخلال السنوات الأخيرة، انتشرت منصات التداول الإلكتروني، خاصة في مجال العملات الرقمية المشفرة والسلع والمعادن النفيسة.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي مروان سلامة لـ"العربي الجديد" إنه ينبغي وضع آليات وقواعد واضحة من قبل هيئة أسواق المال الكويتية لمراقبة أنشطة وعمليات شركات ومنصات التداول الإلكتروني على غرار ما يحدث في جميع دول العالم.