وصفة مالية تستند إلى فرض ضرائب جديدة يقترحها صندوق النقد الدولي على الكويت في مواجهة عجز ميزانية الدولة المتوقع بنهاية العام الجاري من جانب، ودعم تنويع مصادر الإيرادات المالية العامة من جانب آخر، لكنها تواجه عقبات عدة، بينها رفض نواب مجلس الأمة (البرلمان).
وجاء بتوصية الصندوق، الصادرة في 6 يونيو/ حزيران، اقتراح بتوسيع ضريبة دخل الشركات بنسبة 15%، لتشمل الشركات المحلية، ما يجعل الكويت تفي بمتطلبات اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن الحد الأدنى لضرائب الشركات متعددة الجنسيات.
واقترحت التوصية فرض ضرائب جديدة تشمل ضريبة القيمة المضافة، وهي ضريبة غير مباشرة تفرض على القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل دورة حياة المنتج أو الخدمة، وتؤدي غالباً إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات للمستهلك.
واقترحت التوصية أيضاً فرض الضريبة الانتقائية، وهي ضريبة غير مباشرة تفرض على بعض السلع التي تحمل آثاراً سلبية على الصحة أو البيئة أو المجتمع، مثل التبغ والمشروبات الغازية والطاقية، ما يزيد كثيراً من أسعار هذه السلع.
عائق تشريعي
يشير المحلل الاقتصادي الكويتي، علي العنزي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن صندوق النقد الدولي يدعو دائماً إلى فرض ضرائب جديدة في الكويت، سواء القيمة المضافة أو الانتقائية أو أي ضرائب أخرى، وتقليص الدعم الحكومي للغذاء والطاقة، في إطار خطة استراتيجية لتنويع مصادر الدخل، ولكن إلى الآن لا يمكن للحكومة الكويتية إقرار مثل هذه الضرائب دون تشريع من مجلس الأمة.
ويضيف أن هذه الضرائب، التي تثقل كاهل المواطن، غير مرغوبة في المجلس التشريعي، ولا يمكن الحكومة تطبيقها دون تشريع، لافتاً إلى عدم إمكانية فرض ضرائب من جهة ودعم للسلع والخدمات من جهة أخرى، إذ ستكون سياسة الحكومة حينئذ متناقضة.
فالأولى من فرض الضرائب، تخفيف الدعم أولاً في حال الاضطرار الحكومي، ثم فرض الضرائب إذا لم يفِ تخفيف الدعم بسد العجز، على أن تكون تلك الضرائب بنسب محدودة لا تؤثر في المداخيل أو حجم الاستهلاك، حسبما يرى العنزي.
زيادة الموارد
وعن تأثير تطبيق ما يدعو إليه صندوق النقد الدولي في الكويت، يرى العنزي أن فرض مزيد من الضرائب من شأنه رفع التضخم كثيراً، مشيراً إلى أن نسبة التضخم الحالية جيدة مقارنة بباقي دول المنطقة، وهي 3.3% تقريباً.
ولأن صانع الكويت لا يريد رفع التضخم، فإن عملية فرض ضرائب جديدة قد تكون غير مرغوبة أيضاً من الحكومة، حسب العنزي.
وعن بدائل وصفة صندوق النقد، يشير العنزي إلى ما طرحته خطة كويت جديدة 2035، ومنها إشراك القطاع العام، وتحول القطاع العام، ومعالجة مشكلة الموازنة العامة، وهي تركز النفقات على البند الأول للموازنة، وهو الأجور، بنسبة كبيرة جداً تصل إلى 70%، على حساب البنود الأخرى، خصوصاً الاستثمار الرأسمالي.
ويشير العنزي إلى ضرورة تنويع مصادر الداخل، والابتعاد عن تركيز موارد الموازنة في الإيرادات النفطية، ودعم القطاعات غير النفطية، لتساهم بنسبة أكبر في الناتج الإجمالي المحلي.
والوصفة الأفضل للكويت تكمن في زيادة الموارد، وعدم الاقتصار على تخفيف العجوزات من طريق فرض ضرائب سيكون لها تبعات اجتماعية واقتصادية، بحسب العنزي.
ميزة تنافسية
يلفت الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، في تصريحات لـ"لعربي الجديد"، إلى أن صندوق النقد الدولي أوصى دول مجلس التعاون الخليجي كلها بتطبيق ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية، مؤكداً أنه "سيكون للدول التي لا تطبقها ميزة تنافسية عن باقي الدول"، ما يخلّ بعدالة المنافسة، حسب نص التوصية.
فصندوق النقد يضغط على الكويت من منطلق التلويح بتخلفها عن ركب باقي دول مجلس التعاون، لكن مجلس الأمة رفض سنّ ضرائب جديدة من منطلق مفاده: "إذا كان لدينا ميزة تنافسية، حسب توصيف صندوق النقد الدولي نفسه، فلماذا نخسرها؟" حسب رمضان.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن الكويت ليست بحاجة إلى وصفة صندوق النقد الدولي بشأن الضرائب؛ لأن الفوائد المتحصلة من هذا التوجه المالي قليلة، ولا تعادل الميزة التنافسية التي اعترف بها صندوق النقد، حال الاستفادة منها.