عاودت الليرة السورية مشوار تهاويها، اليوم الأربعاء، مسجلة أدنى سعر على الإطلاق بعدما سجل سعر صرف الدولار نحو 13200 ليرة وتخطى سعر صرف اليورو 14500 ليرة بالسوق السوداء، حسب مصادر من منطقة الحريقة في دمشق لـ"العربي الجديد".
وتشير المصادر إلى أن الطلب على الدولار، من شرائح التجار وطالبي الهجرة، ازداد خلال الأيام الأخيرة وسط شح كبير بالسوق الهامشية، وذلك بسبب الحاجة لتمويل المستوردات، وتحديد دفع تكاليف هجرة الشباب السوري بالدولار من قبل سماسرة ومكاتب هجرة.
ولفتت المصادر التجارية التي طلبت عدم إعلان هويتها، إلى أن "إتاوات الفروع الأمنية وتبديل أحكام محاكم الإرهاب تطلب الدفع بالدولار وليس بالليرة السورية"، كاشفة لـ"العربي الجديد"، تصاعد حملات احتجاز وابتزاز التجار ورجال الأعمال من المكتب الاقتصادي بالقصر التابع لزوجة رئيس النظام أسماء الأسد.
وحول تعافي سعر الليرة النسبي الذي شهدته الأسبوع الماضي إلى نحو 11 ألف ليرة، أضافت المصادر أنه سعر اسمي "بالنشرات فقط"، وعاد الدولار للارتفاع وتعدى اليوم، لأول مرة، حاجز 13 ألف ليرة، ولا توجد عملات أجنبية بالسوق السوداء وشركات الصرافة بمنطقتي البحصة والحريقة، كما تمتنع محلات الصرافة عن البيع، بسبب تهاوي سعر الليرة بنسبة كبيرة واحتمالات الخسائر".
وفي تعليقه على تدهور سعر العملة السورية، قال الخبير الاقتصادي عبد الناصر الجاسم، إن الوضع الاقتصادي العام بسورية "مهدد بالانهيار"، بعد تفشي الفساد وزيادة الإتاوات وشبه انعدام بالموارد وزيادة الحاجة للواردات، سواء النفطية أو الغذائية أو المواد الأولية الداخلة بالإنتاج الدوائي والصناعي وحتى الزراعي.
ويضيف الجاسم لـ"العربي الجديد"، أن إعلان حكومة بشار الأسد أمس، عن خطة لرفع أسعار الخبز والمحروقات ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب على الدولار.
وكان مصرف سورية المركزي قد رفع اليوم الأربعاء سعر صرف الليرة مقابل الدولار للحوالات والصرافة من 9900 إلى 10100 ليرة للدولار الواحد ورفع اليورو إلى 11139.98 ليرة.
وبرر مصرف سورية المركزي بدمشق خطوته اليوم، بأنها نشرة تصدر بغرض التصريف النقدي، وشراء الحوالات الخارجية التجارية والحوالات الواردة إلى الأشخاص الطبيعيين، بما فيها الحوالات الواردة عن طريق شبكات التحويل العالمية.
ويلفت الاقتصادي السوري الجاسم إلى أن قيمة الحوالات الخارجية "في تراجع مستمر"، إذ كان متوسط الحوالات اليومية بين 4 و5 ملايين دولار، لكن الضائقة الاقتصادية التي يعيشها ذوو السوريين بالخارج أدت إلى تراجع قيمة الحوالات إلى نحو 2 مليون دولار يومياً.
ويقول الجاسم: "قمنا بدراسة تفصيلية حول التراجع وأسبابه"، ووجدنا أن معظم الحوالات تدخل سورية بالليرة وليس بالدولار، لأن سعر الصرف بدول الجوار لا يزال أعلى من السعر الذي يحدده المصرف المركزي.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي محمود حسين، أن المستهلك السوري "وحده يدفع ثمن سياسة التخلي والتجريب"، لأن أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية ارتفعت أكثر من 100% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وما عاد الدخل يكفي لنفقات يومين اثنين، إذ بات "سعر كيلو اللحمة أعلى من الراتب الشهري".
ويحذر حسين خلال حديثه لـ"العربي الجديد" من خطوة سحب الدعم عن المحروقات وبعض المنتجات، لأنها وعلى قلتها، تساعد الأسر السورية بتخفيف جزء من عبء المعيشة، إذ يصل الحد الأدنى لإنفاق الأسرة إلى أكثر من 4 ملايين ليرة، في حين لا يزيد متوسط الأجور عن 100 ألف ليرة.