قال البنك المركزي المصري اليوم الإثنين، إنه رصد مجموعة من الممارسات غير المشروعة التي تتعلق بسوق النقد الأجنبي، وتستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد بالمخالفة لأحكام القانون، محذراً من محاولات بعض الأفراد تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة، عن طريق تأسيس شركات ذات طبيعة خاصة خارج مصر للوساطة في مجالي التصدير والسياحة، واحتفاظها بالنقد الأجنبي بالخارج، والتعامل فيه خارج الإطار القانوني.
ولاحظ المركزي المصري، الذي تتعرض بلاده لأزمة عملة خانقة تسببت في ارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصري بأكثر من 57% منذ مارس/آذار الماضي، وجود زيادة مطردة في الاستخدامات الخاصة ببطاقات الائتمان وبطاقات الخصم المباشر خارج البلاد، على الرغم من وجود العملاء المصدر لصالحهم هذه البطاقات داخل البلاد، حيث بلغت ذروتها، في منتصف الأسبوع الماضي، بمبالغ تصل إلى 55 مليون دولار في يوم واحد، وبزيادة تقدر بأكثر من 5 أضعاف عن المتوسط اليومي في الربع الأخير من العام السابق.
سحب 55 مليون دولار ببطاقات ائتمان خارج مصر في يوم واحد على الرغم من وجود العملاء المصدر لصالحهم البطاقات داخل البلاد
وبحسب بيان صادر عن البنك المركزي فإن هذه الممارسات تنم عن إساءة استخدام تلك البطاقات، ما دفعه لاتخاذ الإجراءات والضوابط التي تحظر إساءة استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر للعملاء الذين يثبت عدم مغادرتهم للبلاد، وكذا إحكام الرقابة على طلبات تدبير النقد الأجنبي لأغراض السفر للخارج، مشيراً إلى أنه "سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات المعنية للتحقق من قيام العميل بالسفر من عدمه، وفي حال التحقق من عدم سفر العميل أو إساءة استخدام البطاقات، فسوف يتم إيقاف التعامل على البطاقة، وإبلاغ الشركة المصرية للاستعلام الائتماني، وكذلك الجهات المعنية، لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة في هذا الشأن".
وأكد المركزي المصري، في البيان، إصداره تعليمات مشددة للبنوك بمراعاة وضع حدود كافية لتلبية الاحتياجات الفعلية للعملاء من النقد الأجنبي، خاصة لأغراض التعليم والعلاج من خلال البطاقات، مع الإبقاء على الحدود السابقة للعملاء الموجودين بالخارج قبل صدور الضوابط الجديدة في 22 ديسمبر/كانون الاول 2022، وكذلك عدم التقيد بأي حدود على بطاقات العملاء الذين لديهم حسابات بالعملة الأجنبية ويتم سداد استخداماتها بالعملة ذاتها.
ورصد البنك المركزي أيضاً قيام البعض بتداول السلع داخل مصر بالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى مخالفات في عمليات تحويل الأموال من المصريين المقيمين بالخارج، عن طريق قنوات غير مشروعة من غير المصرح لها بالقيام بهذه التحويلات، وذلك بالمخالفة لنص المادة 212 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020، والمقرر لمخالفتها عقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، وذلك لكل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك، أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص طبقاً لنص المادة (209) من هذا القانون.
وأشار البنك المركزي إلى قيام البعض بتأسيس شركات ذات طبيعة خاصة خارج البلاد تقوم بالوساطة، خاصةً في مجالي التصدير والسياحة، وتستهدف الاحتفاظ بالنقد الأجنبي خارج البلاد والتعامل فيه خارج الإطار القانوني، موضحاً أن بعض تلك الشركات تقدمت بطلبات لتدبير النقد الأجنبي من القطاع المصرفي المصري بالرغم من احتفاظها بحصيلة متراكمة من النقد الأجنبي في الخارج. وأكد أنه "في حالة ثبوت ذلك، يتم اتخاذ جميع الإجراءات المقررة حيال تلك الشركات ومساهميها".
رصد قيام البعض بتداول السلع داخل مصر بالعملات الأجنبية، ومخالفات في عمليات تحويل الأموال من المقيمين بالخارج، عن طريق قنوات غير مشروعة
وأكد البنك المركزي أن الجهاز المصرفي قام بدور فعال في الإفراج عن بضائع موجودة في الموانئ، تبلغ قيمتها نحو 5 مليارات دولار، منذ مطلع الشهر الجاري، لتلبية احتياجات السوق.
ومن ناحية آخرى، أكد البنك أيضاً أنه لا مساس بسرية حسابات عملاء البنوك في مصر، والتي وضع قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي ضمانات مشددة لحمايتها، حيث كفل حماية سرية بيانات عملاء القطاع المصرفي وحساباتهم وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك، وكذلك سرية المعاملات المتعلقة بها، كما نص القانون على أنه لا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها لأى جهة بطريق مباشر أو غير مباشر، إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة أو من أحد ورثته أو من أحد الموصى لهم بكل هذه الأموال أو بعضها، أو من نائبه القانوني أو وكيله، أو بناء على حكم قضائي أو حكم تحكيم.
وشدد البنك المركزي على أنه يراقب تطورات الأوضاع الخاصة بسوق النقد الأجنبي عن كثب، وأنه يتخذ كافة التدابير اللازمة لمجابهة أي ممارسات ضارة بالاقتصاد القومي وكافة الإجراءات اللازمة لضبط السوق وتحقيق استقرار الأوضاع النقدية في المستقبل القريب.
وأهاب البنك المركزي بالمواطنين إلى ضرورة توخي الحذر وعدم الانسياق وراء أية ممارسات تستهدف تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة؛ حفاظاً على أموالهم وتفادياً للوقوع تحت طائلة القانون.
وأكد البنك المركزي قوة وصلابة القطاع المصرفي وقدرته على تحمل كافة الصدمات، بما يكفل الحفاظ على ودائع عملاء البنوك بالعملات المختلفة.
ورفعت مصر سعر الفائدة بنسبة 3%، نهاية الأسبوع الماضي، وترافق ذلك مع استمرار الحكومة في سياسة التشدد النقدي للسيطرة على سعر الدولار والتضخم بحلول تقليدية، عطلت الاستثمارات والعمل في المصانع والشركات، وأدخلت البلاد في حالة ركود تضخمي غير معلومة المدة.
المركزي يهيب بالمواطنين ضرورة توخي الحذر وعدم الانسياق وراء أية ممارسات تستهدف تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة
وسجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء المصرية 33 جنيهاً في المتوسط، مقابل سعر صرف يدور حول 24.75 جنيهاً للدولار في البنوك، أي بزيادة تتجاوز 8 جنيهات لكل دولار، بسبب زيادة الطلب على العملة الأميركية من الأفراد والشركات، ونقص المعروض منها في السوق.
وتوصلت الحكومة المصرية، قبل عشرة أيام، إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل على عدة سنوات بقيمة 3 مليارات دولار، وقال الصندوق إنه سيقوم بدعم الحكومة المصرية للحصول على موارد بالعملة الأجنبية بقيمة تصل إلى 14 مليار دولار، تشمل استثمارات أجنبية، بالإضافة إلى وسائل التمويل التقليدية كالقروض.
ويحاول البنك المركزي المصري الحفاظ على ما لديه من أرصدة "محدودة" بالعملة الأجنبية، قبل اتخاذ قرار بتعويم العملة المصرية وفق توقعات، كشرط أساسي من صندوق النقد، للحصول على كامل القرض، والمضي قدماً في الخطوات الخاصة بالمساعدة في توفير التمويلات الأخرى.