في خطابه الأخير، طرح السيسي سؤالاً هو: "مَن أنتم"، وكأنه لا يعرف من نحن، ولا حال شعبه.
ولأنه قد سأل، فمن حقه علينا أن نجيب عن سؤاله المهم، وأن نقول له "من نحن".
نحن فقراء مصر الذين منعتهم عزة أنفسهم من مد أيديهم لأحد للتسوّل أو حتى الاقتراض من الغير كما تفعل الحكومة، رغم فقرهم الشديد، ورغم كذلك عدم وجود قوت أولادهم اليومي.
نحن الذين نعاني من أزمات معيشية حادة وارتفاعات متواصلة في الأسعار، بداية من المواد الغذائية والفول والطعمية والسلع الرئيسية، ونهاية بأسعار البنزين والسولار والغاز والكهرباء والمياه، ومروراً بأسعار الكراسات والكشاكيل والأقلام الرصاص، رغم أنك وعدت بالرفق بنا والحنو علينا.
نحن ملايين الشباب العاطل الذين انتظروا منك توفير فرص عمل وحياه كريمة طوال العامين الماضيين، فإذا بهم يجدون أنفسهم داخل غياهب السجون والمعتقلات، كما يجدون أنفسهم وقد قفزت نسبة البطالة بين صفوفهم لأكثر من 25%، بشهادة حكومتك ووزير ماليتك.
نحن الموظفون الغلابى الذين لا تكفيهم رواتبهم حتى منتصف الشهر، وربما لا تكفيهم حتى الأسبوع الأول من الشهر، ومع ذلك تهددهم بخفض رواتبهم والفصل من وظائفهم عبر تطبيق قانون الخدمة المدنية الذي تتحمس له حكومتك.
نحن دافعو ضرائب للخزانة العامة للدولة تزيد قيمتها عن 350 مليار جنيه سنوياً، وبعدها تقوم بمعايرتنا على توفير الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء وصرف صحي، وتطالبنا بسداد كلفة توصيل المياه لمنازلنا رغم أن الكلفة لا تمثل 10% من إيرادات الضرائب.
نحن القطاع الأعرض من المصريين الذين لم نعرف بعد مصير أكثر من 50 مليار دولار قيمة منح ومساعدات نقدية وعينية تلقاها نظامكم من دول الخليج وحدها منذ 3 يوليو/ تموز 2013.
نحن المصريون المطالَبون بالتبرع للخزانة العامة للدولة لتمويل شراء سجاد أحمر يسير عليه موكبك الفخم، والتعاقد على أحدث الموتوسيكلات التي تزين بها الموكب الرئاسي وتحرسه من الهواء الطائر.
اقرأ أيضاً: السيسي يكشف أموال صندوق "تحيا مصر"..ومراقبون: أين بقية التبرعات؟
نحن ملايين المصريين الذين لم نعرف بعد مصير الوفر الذي تحقق للموازنة العامة نتيجة تهاوي أسعار البترول والغذاء في الأسواق العالمية، والوفر في فاتورة استيراد المشتقات البترولية خلال العامين الأخيرين تحديداً والبالغة قيمته 70 مليار جنيه، بشهادة حكومتك.
نحن المصريون المطالبون بالتبرع لصندوق عزف رجال الأعمال وكبار المستثمرين عن التبرع له، رغم الضغوط الشديدة التي تعرضوا لها "وهتدفع يعني هتدفع"، ورغم حملات الدعاية غير المسبوقة للصندوق الذي تصوّرنا أنه سينقذ اقتصادنا المتعثر ويوفر حياةً آدمية لملايين المصريين القابعين في العشوائيات والمساكن غير الآدمية.
نحن المزارعون الذين تخلت عنا الحكومة ونواجه ارتفاعات مستمرة في السولار وكلفة الزراعة ونقصاً في مياه الري ومشاكل كثيرة في بيع المحاصيل الزراعية وتسويقها.
نحن الصنّاع الذين "اتخربت" بيوتنا وتم إغلاق 5 آلاف من مصانعنا بسبب أزمات الطاقة والكهرباء والدولار ونقص التمويل وارتفاع أسعار الفائدة والضرائب المبالغ فيها والفساد الحكومي، ولم يسألنا أحد عن سر إغلاق مصانعنا، أو يتحرك مسؤول أو بنك لإنقاذنا من هذه الأزمة التي شردت أكثر من 250 ألف عامل.
نحن المصدّرون المصريون الذين أغلقت أمامهم أسواق خارجية بسبب التدخل في شؤون بلدانهم الداخلية، رغم أننا المصدر الأول لتغذية البلاد بالنقد الأجنبي.
نحن العمال المصريون المغتربون الذين تمت إهانتنا والاعتداء علينا وطردنا من بلاد الغربة ولم نجد من يدافع عنا أو يحنو علينا.
نحن المرأة المصرية القوية والشجاعة التي تدافع بيدها وأسنانها للحفاظ على أسرتها من الجوع والضياع، وتدبّر احتياجات أولادها اليومية من مأكل ومشرب وملبس رغم غلاء الأسعار الفاحش، وتكافح رغم أن الحكومة تركت ملايين الأسر دون حماية من تجار جشعين واحتكارات غير مسبوقة.
نحن الأرامل والمطلقات اللاتي تركتهن في العراء يواجهن حياةً شديدة القسوة وزمناً صعباً بدون معاش مناسب وتغطية مالية أو تأمينية أو حتى صحية.
نحن الملايين أصحاب المعاشات الذين لا نعرف مصير أموالنا التي تقارب قيمتها 600 مليار جنيه، بعد أن نهبها نظام مبارك وضارب بها يوسف بطرس غالي ومحمود محيي الدين أيام حكومتي عاطف عبيد وأحمد نظيف في البورصة؟
نحن الشعب المصري الفقير المنهوب الذي لا يستطيع حتى أن يشكو ويتذمّر، لأن الشكوى ليست مُرّة فقط، بل قد تترجم إلى جريمة قلب نظام الحكم.
هل عرفت من نحن؟
اقرأ أيضاً:
اقتصاديون: المواطن لن يصبر نصف قرن على السيسي
تراجع تحويلات المغتربين المصريين يفاقم أزمة الدولار