أعادت وفاة تسعة وعشرين عاملاً بمصنع في مدينة طنجة إلى الواجهة مسألة ظروف عمل الأجراء في المغرب، في ظل مستوى حوادث الشغل المميتة المرتفع وضعف التأمين على العمال.
وتذكّر المغاربة، بعد وفاة أولئك العمال في مصنع "سري" للنسيج، العديد من الفواجع التي عرفها المغرب في مقرات العمل. بينما استنكر نواب البرلمان ما حدث، بل إن إحدى النائبات طالبت وزير التشغيل والإدماج المهني، محمد أمكراز، بتحمل مسؤولية ما حدث.
ومن جانبه، أكد أمكراز أن التحقيق فُتح تحت إشراف النيابة العامة، حول ظروف وفاة العاملين، معبرا عن رفضه المزايدة عند تناول هذا الأمر، بينما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات المستنكرة.
وعبّرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان لها، الثلاثاء، عن تحميل مسؤولية الفاجعة لـ"الدولة والحكومة وأرباب العمل والسلطات العمومية، والتغاضي والتستر على خرق القانون الاجتماعي، واستغلال العمال، والتهرب الضريبي، وعدم توفير شروط العمل اللائق، وحماية صحة وسلامة العمال، وتنامي عدد الوحدات الإنتاجية خارج القانون".
وذهب الاتحاد العمالي إلى أن تلك "الفاجعة ليست استثنائية أو معزولة في وحدة إنتاجية (سرية)، بل سبقتها فواجع وكوارث لم تندمل جراحها بعد كنموذج حريق روزا مور بالدار البيضاء، وحوادث وفيات عاملات الضيعات الفلاحية بأغادير، وفاجعة الصويرة، والارتفاع المهول لحوادث الشغل المميتة".
وأكد أن هذه الفواجع سببها الأساسي "استغلال أرباب العمل للأزمات والفقر والبطالة، من أجل الانفراد بالعاملات والعمال، وتشغيلهم وهم أحياء في أقبية هي أشبه ما تكون بقبور مدفونة، على مرأى ومسمع من السلطات".
ويعتبر الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، إدريس عدة، أن حوادث الشغل ناجمة في الكثير من الأحيان عن لجوء الشركات، كما في القطاع الزراعي، إلى تشغيل أشخاص تتسم وضعيتهم بالهشاشة.
ويضيف عدة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك شركات تلجأ إلى عدم احترام معايير السلامة التي ينص عليها القانون، حيث تعمل على تخفيض التكاليف من أجل الحفاظ على هوامش الربح التي تحققها.
وأجمع مراقبون على أن هناك حوادث شغل تقع في القطاع غير المهيكل، حيث اعتبر البعض أن شركات كبيرة، تعمل مع هذه المعامل في القطاع غير الرسمي في إطار المناولة.
ويسجل المغرب، حسب مكتب العمل الدولي، 2000 وفاة سنويا ترتبط بحوادث الشغل، وهو ما يعد من بين أعلى الأرقام المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الأسبوع الماضي، إلى أن التأمين الذي يهم الحوادث المرتبطة بالعمل محدود في القطاع الخاص، هذا ما يبرر كون مكتب العمل الدولي، لاحظ أن المملكة تعرف حوالي 48 حادثة شغل مميتة لكل 100 ألف عامل.
ودعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضى شامي، أخيرا، إلى إصلاح منظومة الصحة والسلامة في العمل وفقا لرؤية شاملة، معتبرا أن "إصلاح منظومة الصحة والسلامة في العمل يجب أن يعتمد على رؤية شاملة، وليس على مبادرات أو إجراءات متفرقة".