عاد العاملون في قطاع نقل السلع بالمغرب، للتعبير عن ضيقهم من مواصلة أسعار الغازوال (السولار) ارتفاعها وهو ما لم يعد يجدي مع الدعم الذي أقرته الحكومة قبل نحو شهرين للعاملين في نقل السلع، بغية الحد من تداعيات أسعار الوقود.
وعبرت نقابات ممثلة لقطاع النقل البري في أربعة اتحادات عمالية، عن محدودية أثر الدعم الذي طرحته الحكومة للمهنيين، كون السولار أضحى يمثل 80% من التكاليف التي يتحملونها، مطالبين الحكومة بالجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد حلول تحول دون تعرض البعض للإفلاس.
وأشارت النقابات التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين (العمال)، والاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الوطني للشغل إلى أن سعر السولار زاد بنحو 25% عن مستوياته لدى إقرار الحكومة دعماً لهذه المادة للعاملين في نقل السلع والمسافرين قبل نحو شهرين، كما قفز إلى نحو الضعف مقارنة بعام 2020.
وكان ارتفاع الأسعار منذ فبراير/ شباط الماضي دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار في مارس/ آذار، يقضي يتوفير دعم لأصحاب شاحنات النقل بهدف التخفيف من تداعيات ارتفاع السولار. ووصل الدعم الذي خصص للفاعلين في نقل البضائع إلى 600 دولار في الشهر. وسيسري ذلك الدعم المباشر، إلى غاية انخفاض أسعار المحروقات في السوق الدولية وعودتها إلى مستوى يمكن للناقلين والأسر تحمله.
دعوة لمراجعة الأسعار
لكن أسعار السولار واصلت الارتفاع منذ ذلك الحين، لتدعو الاتحادات العاملة في نقل السلع إلى مراجعة هذه الأسعار التي وصفتها بالمبالغ فيها، مشددة على ضرورة وضع سقف معقول لها.
وقال منير بنعزوز، الأمين العام للنقابة الوطنية للنقل الطرقي (البري) التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن الدعم الذي خصصته الحكومة، جاء في سياق الأسعار التي كانت في حدود 12 درهماً لليتر، لكنه يتجاوز حالياً 15 درهماً لليتر، مؤكدا أن الأسعار الجديدة أضحت تثقل كاهل الفاعلين في النقل الطرقي للسلع.
وشدد بنعزوز في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن الوضعية الحالية المتسمة بارتفاع التكاليف بسبب السولار تعرض الفاعلين في قطاع النقل إلى صعوبات، يمكن أن تفضي إلى إفلاس البعض، مشيرا إلى أن الاتحادات تسعى إلى الحوار مع الحكومة من أجل توضيح الرؤية، وفي الوقت نفسه تقوم بالتعبئة بهدف الاحتجاج الذي يمكن أن يصل إلى حد الإضراب عن العمل.
وسبق أن نظم سائقو الشاحنات وسيارات الأجرة في الآونة الأخيرة احتجاجات متعددة لحث الحكومة على المساعدة في تفادي تداعيات ارتفاع أسعار الوقود على تكاليف نقل البضائع. لكن الحكومة دأبت على التأكيد على أن العودة لدعم المحروقات عبر صندوق المقاصة أصبحت مستحيلة. فقد أكد وزير الميزانية فوزي لقجع أخيرا، أن أسعار البنزين والسولار ما زالت تسير في منحى تصاعدي ولا يمكن التكهن بمستقبلها ولا بضمان التزود العادي بها.
تحرير أسعار الوقود
وحرر المغرب أسعار الوقود في عام 2015 ويستورد الجزء الأكبر من احتياجاته من النفط المكرر منذ إغلاق مصفاته النفطية الوحيدة "سامير" في نفس العام. ويقتصر الدعم الذي توفره الحكومة عبر صندوق المقاصة على غاز الطهي والدقيق (الطحين) والسكر، حيث من المتوقع أن يقفز دعم تلك السلع من 1.8 مليار دولار مقدرة في الموازنة، إلى حوالي 3.1 مليارات دولار بسبب ارتفاع أسعارها في السوق العالمية.
وأشار الخبير الاقتصادي محمد الشيكر في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إلى وجود عامل آخر غير ارتفاع الأسعار العالمية يقف وراء قفزات أسعار الوقود في السوق المغربية، وهو الرسوم الجبائية التي تمثل 44% من سعر الوقود في الدولة، مشيرا إلى أنه كلما ارتفع سعر تلك السلعة كلما ارتفعت إيرادات الخزانة من تلك الرسوم.
واعتبر الشيكر أنه بإمكان الحكومة إعادة النظر في هذه الرسوم للحد من ارتفاع الأسعار، متسائلا عن مدى قدرة الأسر على تحمل تبعات الارتفاع القوي لأسعار السولار والبنزين في ظل المستوى الحالي للأسعار عالمياً.
وأثيرت مسالة ارتفاع الأسعار في مجلس النواب أخيراً، حيث أوضح وزير الميزانية فوزي لقجع، أن سعر السولار قفز إلى 1128 دولارا للطن والبنزين إلى 1224 دولارا للطن في السوق الدولية، ما ساهم في ارتفاع أسعار السولار في محطات الوقود بنسبة 30% بين فبراير/شباط الماضي ومايو/أيار الجاري.