ينتظر أن تعمد الحكومة المغربية إلى تعبئة روافد مالية مختلفة، من أجل التمكّن من تمويل مشروع تعميم التغطية الاجتماعية، الذي يرتقب أن يشمل 22 مليون من الأفراد الذين لا يتوفرون على الحماية الاجتماعية.
وتوصي لجنة النموذج التنموي التي كشفت عن تقريرها الذي سيسترشد المغرب بتوصياته خلال 15 عاماً المقبلة لنقل النمو من 3 إلى 6 في المائة، بتعبئة المزيد من الإيرادات الضريبية الجديدة بهدف تحقيق التضامن الاجتماعي، حيث ينتظر أن يساعد ذلك على تمويل الضمان الاجتماعي، المتمثل في التغطية الصحية والتعويضات العائلية وتوفير الحد الأدنى للأجر.
ويتصور واضعو تقرير النموذج التنموي أنه يمكن رصد جزء من الضريبة على القيمة المضافة من أجل تمويل الحماية الاجتماعية، عبر الاقتصار على النسبة الحالية لتلك الضريبة، أو من خلال زيادة نسبتها المطبقة على المنتجات الفاخرة في إطار ضريبة اجتماعية على القيمة المضافة.
وترى لجنة النموذج التنموي أنه يمكن تبني ضريبة تضامنية على الممتلكات غير المنتجة، حيث يفترض تعيين تلك الممتلكات بقانون، ورصد العائدات المالية المتأتية لتمويل الحماية الاجتماعية.
ولا ترى مانعا من إعادة العمل بالمساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح المهمة والدخل المرتفع، بشكل مؤقت، إلى حين استيفاء ضريبة التضامن على الممتلكات غير المنتجة.
وتتصور أنه يمكن العمل على تعبئة الضريبة الداخلية على الاستهلاك التي تصيب السلع المضرة بالصحة مثل السجائر والمشروبات الكحولية، من أجل تمويل التغطية الصحية الشاملة.
وكانت الحكومة عبرت في مشروع إصلاح نظام الحماية الاجتماعية الذي أعلن عنه أخيرا من قبل الحكومة، عن التوجه نحو تحويل مخصص الدعم بهدف تمويل التغطية الصحية التي كشفت الجائحة عن الحاجة إلى تعميمها بعدما تجلى أن الملايين من الأسر تعاني من الهشاشة، خاصة تلك التي تعمل في القطاع غير الرسمي.
ويتجلى من تشخيص لجنة النموذج التنموي أن الضريبة لا تضطلع إلا بشكل جزئي بالأدوار المفترضة فيها، والمتمثلة في دعم التنافسية والابتكار وخلق فرص العمل وإعادة التوزيع والتضامن وإنعاش الأنشطة ذات الأثر الاجتماعي والبيئي الإيجابية.
وتؤكد لجنة النموذج التنموي، من جهة أخرى، أنه يتوجب تعبئة الإمكانيات الجبائية التي تساعد على تمويل السياسات العمومية والاستثمارات الطويلة الأمة، وهو ما يفترض أن يتحقق عبر توسيع الوعاء الضريبي وإلزام الجميع بالوفاء بالتزاماتهم وإدماج القطاع غير الرسمي.
وتشدّد على محاربة ممارسات التهرب والغش الضريبيين وعقلنة الإعفاءات والتخفيضات وإلغاء الامتيازات الجبائية، وتحسين هيكلة الإيرادات الجبائية حسب كل نوع من الضريبة وحسب كل فئة.
ويلاحظ الخبير الجبائي، محمد الرهج، أنه كان على المغرب تجاوز العيوب التي تخترق نظامه الجبائي لو طبقت التوصيات التي تضمنها المؤتمر الوطني للجباية، الذي نظم قبل أكثر من عامين.
ويتصور الرهج في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أن التشخيص والتوصيات التي طرحت خلال المناظرة واستهدفت تعزيز الإنصاف الجبائي والتنافسية عبر مساهمة الجميع حسب قدرته على المساهمة، يمكن أن توفر للدولة إيرادات تساعدها على تمويل القطاعات الاجتماعية وتقليص اللجوء للاستدانة.
ولم تفض الإصلاحات التي باشرها المغرب إلى الوصول إلى نظام جبائي منصف وقادر على تعبئة الإيرادات، وذلك بسبب ضعف الامتثال الجبائي وشيوع الغش والتهرب الجبائي، وسيادة القطاع غير الهيكل وتعدد الإعفاءات والتخفيضات.
ويؤدي ذلك إلى ارتفاع الضغط الجبائي عندما يتعلق بالمداخيل على أجور الموظفين والقطاعات المنظمة، بينما يؤدي عدد قليل الضريبة على الشركات، إذ إن 1 في المائة من الشركات تفي بنحو 80 في المائة من الإيرادات.