استمع إلى الملخص
- **دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد**: عبد الغني الراقي يؤكد أن المجتمع المدني كان له دور مهم في تحريك ملفات الفساد، ويعبر عن نية الجمعية استخدام جميع الوسائل المشروعة لمواجهة التضييق.
- **الاحتجاجات والمواقف ضد الفساد**: الجمعية المغربية لحماية المال العام تدعو لوقفة احتجاجية أمام البرلمان، وتدين ما تعتبره تضييقاً حكومياً على الجمعيات الحقوقية، مشيرة إلى تراجع المغرب في مؤشر الشفافية العالمي.
أدى الكشف عن نوايا الحكومة المغربية الرامية إلى الحد من لجوء المجتمع المدني إلى تقديم شكاوى ضد مسؤولين بسبب سوء التصرف في المال العام، إلى إثارة حفيظة الجمعيات التي تنشط لحماية المال العام. ورفضت الجمعية المغربية لحماية المال العام مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي صادقت عليه الحكومة، والذي تنص مادته الثالثة على أنه "لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية بشأن الجرائم الماسة بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة".
وتشدد تلك المادة على أن ذلك الاختصاص تمارسه رئاسة النيابة العامة "بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك". وتتضمن المادة السابعة من مشروع قانون المسطرة الجنائية تقييداً لحق الجمعيات في التنصيب بوصفها طرفاً مدنياً في قضايا الفساد، حيث اشترطت كي تنتصب الجمعيات طرفاً مدنياً في قضايا المساس بالمال العام أن تكون "معترفاً لها بصفة المنفعة العامة وحاصلة على إذن بالتقاضي من وزارة العدل".
من جانبه، أكد عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام عبد الغني الراقي، لـ"العربي الجديد"، أن "المغرب لم يكن يتوفر على قانون حول رفع شكايات من قبل جمعيات المجتمع المدني أو المواطنين عند توفر براهين حول سوء استعمال المال العام"، معتبراً أن "المشتكين بهدف حماية المال يعملون بقاعدة مفادها أن كل ما ليس ممنوعاً فهو جائز". وأشار عضو الجمعية إلى أن "ما جاء في مشروع قانون المسطرة الجنائية يعد ترجمة حكومية لتصريحات وزير العدل الذي لوّح بتقييد حق منظمات المجتمع المدني في الولوج إلى القضاء بخصوص التبليغ عن جرائم الفساد ونهب المال العام، وهو الحق المضمون بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة".
وقفة احتجاجية لمواجهة الفساد
وتنظر المحاكم في العديد من القضايا يتابع فيها، على نحو خاص، منتخبون محليون أو برلمانيون، بتهم تتراوح بين الرشوى وتبديد المال العالم واستغلال النفوذ والنصب والاحتيال والتزوير، بل إن منهم من صدرت بحقهم أحكام بالسجن. وسبق لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، قبل مصادقة مجلس الحكومة على مشروع القانون الجنائي، أن عبّر عن رفضه لجوء الجمعيات التي تتصدى لحماية المال العام إلى وضع شكايات أمام القضاء في مواجهة شخصيات سياسية أو مسؤولين عن تدبير الشأن العام.
وذهب الوزير إلى أن "هناك جمعيات تضع شكايات كيدية ضد شخصيات منتخبة بهدف ابتزازهم"، معتبراً أن "المشكلة لا تكمن في وضع شكاية بدعوى إساءة استخدام المال العام، بل في الإساءة لأشخاص عبر تصريحات للصحافة، على الرغم من أن القضاء لم ينظر بعد في الشكايات التي يكونون موضوعاً لها".
يشار إلى أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها كانت قد اعتبرت أن الحد من السلوكيات القائمة على المحسوبية والرشوة يمكن أن تساعد على تحرير الطاقات، والتي ستساعد على تحقيق التنمية، مؤكدة على أن "محاربة الفساد وإحداث قطيعة مع الامتيازات يجب أن تكون هدفاً محورياً في النموذج التنموي الجديد، حيث تراه حافزاً يساعد على تقليص الفوارق الاجتماعية والمساهمة في إنعاش النمو الاقتصادي".
وكانت الجمعية المغربية للشفافية التابعة لنظيرتها الدولية رأت أن "النموذج التنموي له ارتباط وثيق بالفساد"، مؤكدة ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة في ظل الكلفة المرتفعة للرشوة التي تقدر بخمسة مليارات دولار. وكشف آخر تقرير سنوي صادر عن منظمة الشفافية العالمية، أن المغرب يحتل المركز 97 في مؤشر الشفافية ضمن 180 دولة، بدرجة 38 على 100، حيث تراجع خمس درجات في مؤشر الشفافية خلال خمسة أعوام.
ودأبت جمعية الشفافية في المغرب على التشديد إزاء المستوى "الحاد والممنهج للرشوة" في المغرب، حيث رأت بعد صدور تقرير منظمة الشافية العالمية أن قضايا الفساد العديدة المعروضة على المحاكم في الأعوام الأخيرة، ومن بينها أعضاء في البرلمان بغرفتيه، مؤشر مقلق بالنظر لدور تلك المؤسسة التشريعية في مراقبة السلطة التنفيذية.