شهدت العلاقات بين إيران والنظام السوري حركة نشطة في الأيام الماضية، وذلك بعد محاولة الأخير الاستنجاد بحليفته طهران للخروج من أزماته الاقتصادية المتلاحقة، وهو ما وجدته طهران فرصة سانحة لتعزيز قبضتها الاقتصادية على البلاد، بالرغم من العوائق العملية التي تحول دون ذلك.
وأجرى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام عمرو نذير سالم، أمس السبت، مباحثات مع وفد من جمعية الصداقة الإيرانية السورية، تناولت "آفاق التعاون المشتركة بين الجانبين، وإقامة مشاريع استثمارية بين الوزارة والجمعية"، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام.
وذكرت الوكالة أن سالم أكد الاستعداد للتعاون مع الجانب الإيراني في مختلف المجالات الاستثمارية والتجارية، مشيرة إلى اتفاق الجانبين على "عقد اجتماعات مكثفة بداية العام المقبل، لوضع آليات تستكمل الخطوات اللازمة لإطلاق الخطوات التنفيذية للمشاريع الاستثمارية، بما يساهم في توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بينهما".
وكانت كلتا الجهتين قد وقعتا أمس الأول مذكرة تفاهم لـ"تفعيل اتفاقيات خاصة بالمقايضة بين الجانبين، وتقديم كل المواد الأساسية التي تحتاجها سورية".
وذكرت "سانا" أن المذكرة تقضي بإحداث شركة سورية إيرانية مشتركة "لتطوير منافذ البيع ومعامل التصنيع وخطوط الفرز والتوضيب ووحدات التبريد في الشركة السورية للتجارة".
من جهته، أكد رئيس جمعية الصداقة الإيرانية السورية آية الله حسن أختري "أهمية تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات بشكل عام وتأمين المواد الأساسية للمواطنين السوريين، وعلى رأسها الغذائية بشكل خاص".
في هذا الوقت، يجري وفد إعلامي سوري، برئاسة معاون وزير الإعلام أحمد ضوا، مباحثات في طهران تناولت التعاون بين الجانبين في المجالين الإعلامي والدرامي، ووضع استراتيجية مشتركة لـ"مكافحة الأخبار الكاذبة"، وفق وسائل إعلام الجانبين.
وتدعم طهران مؤسسات إعلامية عدة ناطقة بالعربية تروّج للنظام السوري مثل قناتي "العالم" و"الميادين".
وكان وفد إيراني، برئاسة مستشار وزير الدفاع الإيراني ورئيس مقر التعاون الاقتصادي لوزارة الدفاع الإيرانية مصطفى إثباتي، قد أجرى قبل أيام مباحثات في دمشق مع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام محمد سامر الخليل، تناولت "تنفيذ مشاريع ذات أهمية في مختلف المجالات"، مشيراً إلى ضرورة زيادة عمليات التبادل التجاري وفق مبدأ (المقايضة)، بما يعود بالنفع على الجانبين.
وتعيش مناطق سيطرة النظام السوري أزمة وقود حادة منذ بداية الشهر الحالي، حيث يعتمد النظام بشكل رئيسي على واردات النفط التي تصله من إيران عبر موانئه على البحر المتوسط.
وتعتبر إيران من أبرز حلفاء النظام السوري، إلى جانب روسيا، وخلال السنوات الماضية قدمت له دعماً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، ونجحت في إبرام عشرات الاتفاقيات للتعاون الاقتصادي بين الجانبين، غير أن معظم تلك الاتفاقيات لم تتجسد على أرض الواقع، وما زالت حبراً على ورق، خلافاً للاتفاقيات بين النظام والجانب الروسي، بحسب الباحث الصحافي الاقتصادي محمد عيد.
وأضاف عيد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أبرز ما يعوق تنفيذ تلك الاتفاقيات العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري وإيران معاً، إضافة إلى ضعف البنية التحتية للاقتصاد السوري، نتيجة سنوات الحرب، فضلاً عن المنافسة الروسية القوية لإيران، حيث استأثرت روسيا بالمشاريع شبه الجاهزة والمدرة للأموال كالغاز والفوسفات.
ورأى عيد أن "إيران ليس لديها الكثير لتقديمه للنظام السوري في أزماته المتعاقبة، خاصة في ظل الأزمات الداخلية التي تعانيها إيران نفسها، والتي تسببت على مدار الشهور الماضية في اندلاع احتجاجات شعبية في العديد من المدن الإيرانية".