النمو القوي في الطلب ونقص المعروض رفعا التضخم العالمي إلى 5.8%

23 يناير 2022
يؤثر كورونا على تدفق السلع في العالم (Getty)
+ الخط -
أكد أحدث تقرير اقتصادي لبنك قطر الوطني أن النمو القوي في الطلب العالمي والنقص في معروض السلع والخدمات الناتج عن جائحة كورونا، أديا إلى ارتفاع كبير في أسعار المستهلك، وارتفاع التضخم العالمي بنسبة 5.8% على أساس سنوي، وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك الخاص بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وأشار التقرير الصادر اليوم الأحد إلى أن معظم الاقتصادات المتقدمة تشهد ارتفاعاً سريعاً في التضخم، باستثناء اليابان، ولذلك يناقش المستثمرون والاقتصاديون ما إذا كان العالم على أعتاب دورة تضخمية جديدة طويلة الأمد.
وأدى هذا النقاش بالفعل إلى تحوّل كبير في التوجهات المرتبطة بالسياسات النقدية والمالية للعديد من البنوك المركزية، حيث ينتقل صناع السياسات من التيسير إلى "التطبيع" أو حتى التشديد، وقد أدى ذلك إلى اتخاذ موقف أكثر "تشدداً" من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي.
وتوقع التقرير أن تظل المخاوف بشأن التضخم العالمي بارزة بشكل خاص، حيث لا يزال التعافي قوياً ولا تزال اختناقات الإمداد منتشرة في الأسواق الرئيسية. ويرى ضرورة أن يعتدل التضخم في المدى المتوسط، على الرغم من التوقعات ببقاء الأسعار على ارتفاع خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وسلط التقرير الضوء على ثلاثة أسباب رئيسية تدعم تحليله:
  • أولا أنه بينما ظلت الأسعار ترتفع بشكل عام، ترتبط حصة كبيرة من الزيادة في أرقام التضخم الرئيسية في الأشهر الأخيرة بمزيج الطاقة، المدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز.
ومع ذلك، هناك مجال محدود لاستمرار الارتفاع السريع في أسعار الطاقة على المدى المتوسط، في غياب أي صدمات جديدة. وقد تعافت أسعار النفط والغاز بالكامل من الانخفاض الكبير الذي شهدته في عام 2020. علاوة على ذلك، يبدو أن التعافي الأسرع من المتوقع في الطلب العالمي قد انعكس بالفعل على أسعار الطاقة في الوقت الراهن.
بالإضافة إلى ذلك، يرى تقرير بنك قطر الوطني أن الزخم الاقتصادي الإيجابي المستمر قد تم أخذه في الاعتبار بالفعل في خطط "أوبك+" والمنتجين الأميركيين، وهو ما من شأنه أن يعزز إنتاجهم لمواكبة الطلب العالمي الإضافي.
لذلك، يضيف التقرير، أنه "في ظل غياب أحداث جيوسياسية كبيرة غير متوقعة، لا نتوقع رؤية مفاجآت كبيرة على جانب الطلب أو العرض في أسواق الطاقة هذا العام. نتيجة لذلك، ينبغي أن تكون أسعار الطاقة أكثر استقراراً، مما يساعد على اعتدال التضخم العالمي".
  • ثانياً، هناك بالفعل إشارات إلى أن بعض الاختناقات المرتبطة بسلسلة الإمداد آخذة في التراجع. ومن شأن هذا التحسن، القوي بشكل خاص في جنوب شرق آسيا، أن يخفف من بعض الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، مع إعادة فتح المصانع واستئناف الإنتاج.
وأشارت البيانات عالية التردد من آسيا الناشئة إلى انتعاش قوي في النشاط في الأشهر الأخيرة، مما يشير إلى ارتياح كبير من مشاكل الإمداد ذات الصلة بجائحة كوفيد-19 والمتحور "دلتا".
ويعد هذا الأمر تطوراً رئيسياً، حيث تشتمل "مراكز التصنيع الآسيوية"، وهي مجموعة من سلاسل الإمداد حول مراكز التصنيع في شمال شرق وجنوب شرق آسيا، على العقدة الأساسية للتجارة العالمية. كما تجدر الإشارة إلى أن المتحور أوميكرون أثبت حتى الآن أنه أقل تعطيلاً لسلاسل الإمداد.
علاوة على ذلك، فيما يتعلق بقيود الشحن، كانت هناك بعض التطورات الإيجابية. فقد انخفضت بالفعل أسعار نقل المواد الجافة بنسبة 60% تقريباً، بينما انخفضت أسعار الشحن الجوي بنسبة 20%، واستقرت أسعار الشحن لنقل الحاويات خلال الأسابيع العديدة الماضية.
  • ثالثاً: لا تزال هناك طاقة فائضة كبيرة في الاقتصاد العالمي. ففي العديد من البلدان، لا يزال إجمالي استغلال العمالة في قطاع الصناعة ونسبة العمالة إلى السكان أقل من مستويات ما قبل الجائحة. ويشير هذا الأمر إلى أنه، على الصعيد العالمي، لا يزال هناك مجال لارتفاع الطلب على التصنيع ونمو العمالة، قبل أن يبدأ الاقتصاد في الارتفاع إلى درجة تخلق ضغوطا تضخمية دائمة.
وأوضح تقرير البنك أنه "من المتوقع أن يتراجع التضخم العالمي في عام 2022، مدفوعاً باستقرار أسعار الطاقة وتراجع اضطرابات سلاسل الإمداد، ووجود طاقة فائضة اقتصادية على المستوى العالمي".
(قنا)