استمع إلى الملخص
- تشكيل اللجنة التحضيرية لجمعية حماية المستأجر في تعز لمواجهة زيادات الإيجار المجحفة ودعاوى الإخلاء، مع اجتماعات لمناقشة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
- الحكومة أصدرت قرارات لضبط الإيجارات وإلزام المؤجرين بالعملة الوطنية، لكن تنفيذ هذه القرارات واجه تحديات قانونية واقتصادية، مما يعكس عجز السلطات عن إلزام المؤجرين.
تتوسع دائرة أزمات العقارات التي تحاصر المواطن اليمني في ظل الحرب التي تعيشها البلاد للعام التاسع، وسط وضع معيشي متردٍ، وانهيار غير مسبوق للعملة الوطنية التي وصلت إلى 1750 ريالا مقابل الدولار و460 ريالا مقابل الريال السعودي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
انهيار العملة الوطنية المستمر جعل مؤجري العقارات يلجؤون إلى فرض قيمة الإيجار بالريال السعودي، ما زاد من حجم الأعباء على المستأجرين الذين يعجزون عن الإيفاء بدفع الايجارات التي تفوق دخلهم الشهري في ظل صرف رواتبهم - في حال صرفها - بالريال اليمني، حيث بات متوسط راتب الموظف الحكومي شهريا يساوي 150 ريالا سعوديا، أو 40 دولارا فقط.
ومع بدء الحرب في البلاد، بدأ المؤجرون في مدينة عدن بفرض إيجار العقارات بالريال السعودي، مع تدهور سعر الريال اليمني، لتنتقل هذه الظاهرة إلى المدن اليمنية الأخرى وأبرزها تعز وصنعاء.
إيجار العقارات بعملة الريال السعودي
موظف حكومي، أشرف سلطان، قال لـ"العربي الجديد" أنا أعمل موظفا في وزارة الإدارة المحلية بعدن، وكنت قد استأجرت شقة في عدن في العام 2019 وفوجئت بأن صاحب الشقة اشترط تأجيرها بالريال السعودي، حيث قيمة الإيجار 700 ريال سعودي، كان المبلغ حينها يساوي 80 ألف ريال يمني، ورغم أن المبلغ مرتفع إلا أنه كان متاحا توفيره حينها".
يضيف سلطان: "غير أن سعر العملة انهار بشكل متسارع ليصل سعر الصرف إلى 460 ريالا يمني مقابل الريال السعودي، وصارت الـ 700 ريال سعودي تساوي 320 ألف ريال، وهو مبلغ يزيد عن راتبي بستة أضعاف، ما اضطرني لتسليم الشقة لصاحبها، واضطررت للسكن في غرفة تابعة لأحد الأصدقاء".
أمام هذه المشكلة بادرت مجموعة من الناشطين في مدينة تعز وسط البلاد لتشكيل اللجنة التحضيرية لجمعية حماية المستأجر، والتقوا مع قيادة السلطة المحلية بالمحافظة لمناقشة قضية زيادة الإيجارات، والإجراءات المقترحة لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وتطرقت اللجنة إلى الزيادات المجحفة لإيجارات الشقق وكثرة دعاوى الإخلاء من قبل المؤجرين للاحتيال برفع الإيجارات، وإجبار المستأجرين على دفع زيادات كبيرة أو إخلاء الشقق في ظل ظروف استثنائية، وعدم وجود زيادة في المرتبات والأجور، مما يترتب عليه تضرر الكثير من المستأجرين لصالح المؤجرين.
الدفاع عن مستأجري العقارات
عضو اللجنة القانونية للدفاع عن المستأجرين المحامية أمل الصبري، قالت لـ"العربي الجديد" إن اللجنة عملت على إعداد مقترحات قانونية للحد من ارتفاع القيمة الإيجارية، وقد عقدت اللجنة القانونية لقاءات عديدة مباشرة وعبر النت لمناقشة الآراء القانونية، وتم رفع تلك الآراء إلى رئيس السلطة المحلية في المحافظة، والتقت اللجنة القانونية بالمحافظ نبيل شمسان، حيث تم الاتفاق على إصدار قرار ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبعد ذلك تم اللقاء مع مدير الشؤون القانونية في المحافظة لمناقشة القرار، وتم إصدار القرار رقم 23 لسنة 2024 بشأن ضبط القيمة الإيجارية للعقارات السكنية والتجارية، وإخضاع جميع معاملات الإيجارات للعملة الوطنية المحلية، وتم تعميم القرار على رؤساء المحاكم والقضاة".
تضيف الصبري: "لكن للأسف الشديد هناك بعض القضاة لم يستجيبوا لذلك القرار بحجة أنه مخالف للقانون، علما أن اللجنة قد قدمت فتاوى قانونية إلى السلطة المحلية تجيز تنفيذ القرار وفقا للظروف الاستثنائية التي تمر بها المحافظة، والوضع المعيشي للمواطنين، كما أن اللجنة القانونية قدمت عدة مقترحات قانونية إلى المحافظ في حال لم يستجب القضاة لقرار السلطة المحلية بالرفع إلى الجهات المختصة بتعطيل قانون الإيجار مؤقتا، لأن قانون الإيجار ظالم يقف إلى جانب المؤجر".
وأشارت الصبري إلى أن هناك عدة انتهاكات يتعرض لها المستأجرون وصلت إلى حد قطع الماء والكهرباء من قبل المؤجر على المستأجر للضغط عليه لإخلاء المنزل.
قرارات حبر على ورق
وعلى الرغم من أن الجهات الحكومية حاولت وضع بعض المعالجات عبر إصدار قرارات تلزم المؤجرين بعدم رفع الإيجار، وتأجير عقاراتهم بالعملة الوطنية، إلا أن هذه القرارات ظلت حبرا على ورق، في ظل عجز السلطات الحكومية عن إلزام المؤجرين بها.
وكان محافظ تعز؛ نبيل شمسان، قد أصدر مطلع فبراير/ شباط الماضي قراراً بشأن ضبط إيجارات العقارات السكنية والتجارية في المحافظة، وإخضاع جميع التعاملات وعقود الإيجارات بالعملة المحلية (الريال).
ونص القرار على منع استحداث أو فرض أية زيادة في الإيجارات السكنية العقارية، وأن تظل عقود الإيجار سارية المفعول كما كانت عليه، وفي حال تمديدها يتم ذلك بنفس الشروط والقيمة، للتخفيف من معاناة الناس في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
واشترط القرار أن تخضع جميع التعاملات وعقود الإيجارات المختلفة، بما فيها دفع الإيجار الشهري المستحق من قبل المستأجر بالعملة المحلية، للمساهمة باستمرار سعر الصرف واستقرار بيع المواد الغذائية والسلعية المختلفة، وإيجاد المعالجة المناسبة للتخفيف من معاناة المواطنين، واتخاذ التدابير العاجلة نتيجة للحرب المستمرة والحصار الدائم لمحافظة تعز وتأثير ذلك على الوضع الاقتصادي".
وتضمن القرار أنه لا يجوز للمؤجر طلب إخلاء عقاره من المستأجر طالما وهو ملتزم بالإيفاء بالقيمة الإيجارية دون أي تأخير، أما في حالة عدم دفع الإيجار فيحق له طلب إخلاء السكن، ما لم يقدم المستأجر الضمانة الكافية للوفاء بالقيمة الإيجارية.